- إخْوانُ الصَّفَا -
ــــــ
جاءوا من الموت
أم للموت قد رجعوا
ضاقَ الوجودُ فهل يا قبرُ تَتَّسَعُ؟
.
هل اطمأنوا فناموا خالدين
وما رنوا إليَّ وقد أفنانيَ الهلعُ؟
.
كانوا عرايا من الأشياء،
ما ضحكوا إلا ليخفوا أسىً
من سطوِهِ دمعوا
.
جاءوك أم جئتهم
يا قبر
قل لهمو
بي قد خُدعت
وهم بي كلهم خُدعوا
.
ألم يروني يتيم النبض؟
- محتجبا عن طلعة الكشف -
قلبا غاله الوجع
..
وافيتُني..
لم أكن شيئا سوى طللٍ يمشي على العجزِ،
يحدو خَطويَ الجزع
.
مكفِّرا عن ذنوب لست فاعلَها
مستشفعا لي بمن رباهم الورع
.
من دجّنوا بي ذئاب الكبر مذ همسوا
أن الأكابر من لله قد خضعوا
.
تواضعوا..
حيث فضل لا حدود له
ترفعوا عن رفيع العيش،
فارتفعوا
.
أقتات من حاضري جوعي،
ومذ رحلوا
قد شتتوني
وكم في خاطري اجتمعوا
.
هم ادّخاري ليوم ليس يسعفني
إلا بلوغي مقاما فيه قد قبعوا
.
مُشَفَّعون..
بما لله من خِلَع
ولا يُشفّع إلا من له شفعوا
.
قد أوقعوني بهم
بدءا وخاتمة
وهم بغير أيادي الله ما وقعوا
.
معاهَدون بأن الحشر محفلهم
وآمنون..
فلا خوف ولا فزع
.
وصلتهم حيث شاءوا لي،
فقطّعني
فرط الوصال بمن عن وصلهم قُطعوا
.
جادوا عليَّ بيتمي دون طلعتهم
وكان عين العطا والجود ما منعوا
.
هم أوليا نعمتي
سُرْجٌ
ذَوُو رحم ورحمة
بالألى من نورهم سطعوا
.
فطالع لسماهم ذات مكرمة
أو نازلون لأخذي حيثما طلعوا
.
مكللون..
بنور شعَّ من حرم
نودوا..
من القُدُسِ العُلويِّ،
فاستمَعوا
.
ومنذ أن أُلهِموا أسرار حكمته
وحالهم حاله في كل ما اطّلعوا
.
أمدهم،
فأمدوا كفّ سائلهم من فيض ما عندهم،
يا حسن ما صنعوا
.
هم اشتعاليَ بالمعنى
ولا لغة
تحيي المجاز بكونٍ شأنه البدعُ
.
وضأت قلبي بخمر الحبّ
مذ بلغت
روحي الثمالة من طهر الذي نقعوا
.
ناموا..
سلامٌ على أرواح من سهروا
حتّى شكى في عيوني منهم الولع
.
من أورثوني فنائي في وجودهمو
وقد أضروا فؤادي قدر ما نفعوا
.
المُخلَصون..
وكلي خالص لهم
وتابعٌ بشغافي للذي اتبعوا
.
إني أحبّ..
وأخشى في محبتهم
أن يحصدوا من فؤادي دون ما زرعوا
..