أَيُلامُ طيرٌ في الخميلة أنْ شَـدَا**مترنمًا فوق الغصون فأنْـشَدَا :
«القدس إسلاميَّةٌ يا أمتي**القدس إسلاميَّةٌ عبر المدى
سِـرْ بِي إلى الأقصى أيَا سِرْب الحمام وحُمْ على سرَبٍ بدَا
ما زلْتَ حرًّا في الفضاء و لم أزلْ**خلف السلوك على الحدود مقيَّدا
واجنحْ إلى الأقصى بأجنحة المنى**واجمحْ مع الريح الجموح وقد عدَى
إني إذا ما راشَ ريشي قصَّهُ**من راشَ أسهمَه عليَّ وسدَّدا
أنا سائرٌ يا قدس لست بخائفٍ**مهما الخؤون على الدروب ترصَّدا
ويسابق الأطيار قلبٌ هائمٌ**بالقدس أهداها القصيد وأنشدا
المسجد الأقصى ينادي أمَّـةً**سمعتْ وما لبَّتْ لأقصاها النِّدَا!
هي أمَّةٌ في فرقةٍ وعدوُّها**كالذئب يأكل من يراه تشرَّدَا
وتشاغلتْ خلف الحدود بحالها**فتخلَّفتْ عن قدسها يوم الفدا
فيم المقام وقد سعى حاخامهم**ليدمر الأقصى و يبني معبدا؟!
منْ خانَ هانَ ومنْ يبيع بلادَهُ**لا يُشْترَى من أهله أو من عِدَى
منْ باعَ ضاعَ ومنْ أطاعَ عدوَّهُ**فعدوُّهُ يومًا سيورِدُهُ الرَّدَى
تلك العروش على الخراب كأنها** لجج السراب تكاد أن تتبدَّدَا
لا تُرْتجى من هؤلاء مغانمٌ **فقلوبهم كانت علينا جلمدا
والسيف في كف الطغاة مجردٌ**لما رأى سيف المغاور مغمدا
ورقابهم ظلت تراقب برقه**إذ لاح في حلكٍ وكشَّر مرعدا
ماذا أعدَّ العُرْبُ لليوم الذي**تُسبى مدينتهم ويأسرها العدى؟!
كانوا يرون عدوهم وعتاده**وبوارج الغدر المحيطة في المدَى
ماذا أعدوا غير ألويةٍ غدتْ**لملوكهم حرسًا وللعادي يدَا؟!
تلك الشعوب لَكَمْ تمنت نصركم**ومصابنا أدمى وأبكى الأكْبُدَا
لا تغضبوا منا فإنا مثلكم**في قيد من آذى الديار وأفسدا
فالجرح غائرُ من عقودٍ كلما**مرَّتْ يزيد تعمقا وتعقُّدا
قالوا سلامًا! من يمدُّ لنا يدَا!؟**كذِبًا فكل وعودهم كانت سُدى
فيدٌ بها غصن السلام وأختها**أخفت وراء الظهر أنياب المُدَى
نقض العهود سلاحهم عبر الزمان وهل يهودٌ يحفظون الموعدا !؟
كنا نجوم النور في ليل الدجى**والغرب بين متاهة يرجو الهدى
في ليل ظلمته بلغنا ربوةً**علياء تحسبها العيون الفرقدا
سدنا الدنا فالشرق تحت لواءنا**والغرب كان على المحيط المرصدا
فاصعدْ جبال الصين تلْقَ دروعنا**واصعدْ جبال الألب تلق مهنَّدَا
في حِلْيِهِ (ضادٌ ) ونقشٌ ظاهرٌ**ما ضاع من فعل الزمان ولا الصدا
لم يسبقونا بل( تأخَّرْنا )وقد**كنا لأوروبا قديما موردا
كنَّا أولو عزمٍ نروم ربى العلا**ما بالنا واليومَ صرنا رُقَّـدَا!؟
أجدادنا شادوا وسادوا فانظروا**ما زالت الآثار عنهم شُـهَّدَا
أيامنا البيضاء كانت قصةً**ما زال في الحمراء يرويها الصَّدَى
يا أيها الأبطال في القدس اصبروا**قد فاز من يوم النضال تجلَّدا
لا تستعينوا بالملوك فإنهم**لن ينصروكم أو يعيدوا المسجدا
بل يُرْجع الأقصى رجالٌ ساقهم** إيمانهم حتى ينالوا المقصدا
فإذا دروب القدس أغلقها الخنا**فهنا يعز طريقنا أن يُوصَدَا
وإذا السيوف بكل غمدٍ أخمدتْ**تأبى سيوف قصيدنا أن تُغْمَدَا