|
أَتَيْتُ كَيْ أُهْدِيكَ مِنْ أَحْرُفِي |
وَبَاقَةُ الْوَرْدِ عَلَى الْأَظْرُفِ |
رَشَشْتُ عِطْرَ الْيَاسَمِينِ الَّذِي |
قَدْ فَاحَ بِالْحُبِّ وَلَمْ يَنْشِفِ |
نَسَّقْتُ أُمْلُودَ زُهُورِ النَّدَى |
عَلَى غِلَاَفٍ رَقَّ بالزُّخْرِفِ |
وَضَعْتُهَا فِي عُلْبَةٍ شَفْشَفَتْ |
مِنْ إِصْبَعِي بَرِيقَهُ الْمُتْرَفِ |
هَدَيَّتِي شَرِيطُهَا يَرْتَدِي |
فَرَاشَةً حَرِيرُهَا مُحْتَفِ |
فَقَبْلَ أَنْ تَفُلَّهَا بِالْخَفَا |
أَغْلِقْ جِفُونَ الْعَيْنِ وَاسْتَلْطِفِ |
تَحِيَّتِي إِلَيْكَ يَا عَاشِقاً |
وَقُبْلَتِي قَبْلَ انْسِكَابِي الْوَفِي |
مَاذَا أَقُولُ فَالْكَلَامُ اخْتَفَى |
بِشَوْقِيَ الْمَأْسُورِ فِي الصَّفْصَفِ |
أَحْتَاجُ أَن أُعْطِيكَ قَلْبَ الْهَوَى |
لِكَيْ تَرَى وَرِيدَهُ الْمُدْنَفِ |
أَوْ دَمْعَةً مِنْ مُقْلَةِ التَّوْقِ كَيْ |
تَذُوقَ طَعْمَ الْبَيْنِ إِنْ تَرْشِفِ |
أَوْ شَفَةً مِنْ ثَغْرِيَ الْمُنْتَدِي |
وَكَمْ عَضَضْتُ وَرْدَهَا الْمُرْهَفِ |
أَوْ خُصْلَةً مِنْ شَعْرِ رَأْسِي غَفَتْ |
مَا بَيْنَ كَفِّي وَ جَبِينِي الخَفِي |
تَجُرُّنِي إِلَيْكَ مَعْزُوفَةٌ |
أَنْغَامُهَا هَمْسٌ بِلَا مِعْزَفِ |
يَأْتِي بِهَا طَيْفُكَ فِي لَيْلَتِي |
فَتَلْتَوِي رُوحِي بِذِي الْمِلْحَفِ |
أَغْفُو عَلَى لَآلِئٍ تَرْتَمِي |
فَلَا أَرَى إِلَّاكَ فِي الْمِقْطَفِ |
مِنْ غَيْمَةٍ أَطْفُو إِلَى غَيْمَةٍ |
وَرِيشَتِي تَغْرَقُ فِي الرَّفْرَفِ |
بِلَمْسَةٍ تَلْحَفُنِي سَوْرَةٌ |
وَفَجْأَةً تَهْرُبُ مِنْ مِعْطَفِي |
أَصْحُو عَلَى نَسَائِمٍ تَرْتَخِي |
فَلَا أَرَى إِلَّاكَ فِي الْهَفْهَفِ |
مِنْ قَبْلَ مِيلَادِي أَنَا نُطْفَتِي |
تَبْحَثُ عَنْ رَبِيعِهَا الْمُورِفِ |
وَلَمْ أَجِدْ وَلَمْ تَجِدْ طِفْلَتِي |
بِرَوْضَتِي أُرْجُوحَةَ الْأَوْطَفِ |
هِوَايَتِي ظَلَّتْ عَلَىْ صَفْحَةٍ |
وَمَرْسَمِي بِهَا كَمَا الْمَتْحَفِ |
رَسَمْتُهَا مَلَامِحاً تَرْتَدِي |
أَلْوَانَهَا مِنْ فَنِّيَ الْمُسْرِفِ |
كَحَّلْتُ شَعْراً بِاسْوِدَادِ الدُّجَى |
فَابْيَضَّ بَدْرُ وَجْهِكَ الْمُشْرِفِ |
مَزَجْتُ لَوْنَ الْقَمْحِ فِي نَظْرَةٍ |
فَاسْمَرَّ رِمْشُ الْجَفْنِ لَمْ يَطْرِفِ |
ضَمَخْتُ فِرْشَاتِي بِلَوْنِ الدَّمِ |
وَاللَّعَسُ احْمَرَّ بِثَغْرٍ صَفِي |
أَخَذْتُ لَوْنَ الْبَحْرِ خَلْفِيَّةً |
فَازْرَقَّ فِي الْوِشَاحِ مَوْجٌ حَفِي |
وَاخْضَوْضَرَ الْعُشْبُ عَلَى يَاقَةٍ |
قَمِيصُهَا اخْضَلَّ بِذِي الْأَهْيَفِ |
مَشَتْ أَصَابِعِي عَلَى لَوْحَتِى |
وَلَمْ تَصِلْ لِقَلْبِكَ الْمُسْعِفِ |
وَهَكَذَا أَلْقَاكَ يَا غَائِباً |
عَلَى جِدَارٍ مَلَّ مِنْ مَوْقِفِي |
أَرْجُوكَ عَنِّي لَا تَرُدَّ الرُّؤَى |
وَدَعْ خَيَالَ الطَّيْفِ فِي أَسْقُفِي |
غَنَّيْتُ فِي حُبِّكَ أُنْشُودَتِي |
فَأَطْلِقِ الْأَطْيَارَ فِي النَّفْنَفِ |
وَاسْمَع لُحُونَ الْقَلْبِ مَلْهَوفَةً |
تَهْتِفُ وَا نَبْضِي وَلَمْ تَرْأَفِ |
لَوْ لَمْ تَصُبَّ الْخَمْرَ فِي أَكْؤُسِي |
هَلَ تَسْكَرُ الْأَنْغَامُ فِي أَحْرُفِي |
هَدِيَّتِي إِلَيْكَ قَدَّمْتُهَا |
وَاللُّؤْلُؤُ الْمَنْضُودُ لَمْ يَكْسَفِ |
هَدِيَّتِي أَخْتِمُهَا شَمْعَةً |
ذَابَتْ عَلَى قَافِيَتِي فَارْدِفِ |