وذات مساءٍ عابقٍ بانفاسٍ خرجتْ من ثغرها تداعبُ نسيماً صيفياً جعل شفتيها مرتعاً له مستغنياً به عن فضاءٍ شاسعٍ يستطيع أن يتبوء منه حيث شاء توجهتُ إلى غرفةٍ في منزلِ الذكريات لآتي بوسادةٍ حظيتْ بمكانةٍ لا يُلَقَّاها إلا ذو حظٍ عظيم إذ وقع الإختيار عليها لتكون مسنداً تريح عليه ظهرها .
لم أكن أعلم آنذاك بأن القدر يخبّىء لي خوابٍ من سلافٍ عتَّقه طويل انتظار .
أتيتُ إليها حاملاً الوسادةَ الأسعد في عالم الجمادات والتي نبض بين حشوها قلباً يئن من الحنين إلى التقلب بين كفيها فيما بعد .
كنتُ أحملها بقلبي قبل ذراعيّ ، وأبثها غيرة خالطها الكثير من الغبطة وربما الحسد .
لحظة كعمرِ آدم عانقتْ بها عيناي عينيها وأطلق القلب المتيم نبضاتٍ فاضحة ما أسره الوجدان من مشاعر حب وعشق طالما أخفيتها .
ناولتها تلك الوسادة المغرورة حد الكبرياء وإنصات قلبي لكلمة شكراً عم أرجاء كوني الفارغ من غيرها المزدحم بها قطعه رعشة سرت في جسدي الميت إلا من روحٍ أسكنتها هي دون غيرها في ركنه الأسمى .
رعشةٌ أطاحت بالصمت المطبق وبما تبقى من إدراكي وتمييزي .
طرفة عين أو أقل مرت دون أن أعي سر تلك الرعشة ، فما تُراها تكون ؟!
وفي لحظة هروب من اللاوعي أدركتُ أن يدي عرَّشَ عليها الياسمين ، وعادت إليَّ بيضاء من غير سوء تتراقص خلاياها حبوراً .
سيطرت الحيرة على فصوص الفطنة في عقلي المسلوب لكنها ما لبثتْ أن تلاشتْ حينَ أيقنتُ أن بنانها قد لامس ظهر كفي .
حُقَّ ليدي ما انتابها ، وحُقَّ لجسدي ما ألم به ، وحُقَّ لكفي أن يتضوعَ عطراً مدى الزمان .