نستقبل هذه الدنيا بصرخات ....
تحيط بنا الوجوه الباسمة ونحن نبكي ....
نحن نصرخ هم يزغردون ....
حين نهاب نحن ونبكي هم كانوا يفرحون ....
تنتشر في المكان النشوة والسعادة ....
برغم ألم الأم ومخاضها ....
تلك لقطات من ولادة أولى ....
وتمر الأيام والسنون ....
وإذ بتلك الأحزان تنقلب ....
فتكون الابتسامة في ثغرنا الصغير ....
كأنها قطعة الحلوى في يوم العيد ....
وكل يوم في عيون الطفولة عيد ....
وتمضي الأعوام ويمضي معها بعض العمر ....
ويكون فيها القلب كمثل الحصير ....
تتشابك فيه الأيام صانعة له .....
عُودا عُودا وعَودا عَودا ....
تنسجه تخيطه تطرزه ....
في لوحة من لوحات الحياة ....
لا تتكرر بألوان قلب آخر ....
وتبدأ تلك اللوحة تعكس ألوانها ....
بحسب الجمال والبهاء و الإضاءة ....
وبمثلها ينعكس بريقها لمن يرى ....
سواء في تحديب أو تقعير أو استواء ....
عند هذا الاكتمال في لون القلب وبِساطه ....
يحن لتلك الولادة القديمة ....
يبتغي أخرى جديدة ....
كمثل تلك الزغاريد ....
القلب يحتاج لأن يرقص ويطرب ....
ينفض الغبار عن ألوانه ....
ويعيد سباكه نسيجه ....
ويقطع ما علق به وليس منه ! ....
ولا هو من لونه ....
وإن خلطه به يوما ما ! ....
كمثل الفجر لكل يوم ....
يناديه حسب بصري :
( ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي :
يا بن آدم أنا خلق جديد
وعلى عملك شهيد
فتزود مني فإني لا أعود إلى يوم القيامة . )
فتنشق روحه بخلق جديد من المعاني ....
يزيد فجر الكون ضياء من روحه ....
مرددا :
( اللهم هذا إقبال ليلك
وإدبار نهارك
وأصوات دعاتك
فاغفر لي ) .
ويسقي قلبه وبساطه بذكر الله ....
بعمق ووعي وإدارك لكنه كل لفظ ! ....
لتعود تلك النضارة والابتسامة للروح أولا ...
حين نتعمق في ذكر الله ....
وفي كلام الله ....
نجد في " التوبة " ....
( إِلاَّ تَنصُرُوهُ
فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ
إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ
ثَانِيَ اثْنَيْنِ
إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ
إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ
لاَ تَحْزَنْ
إِنَّ اللّهَ مَعَنَا
فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى
وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا
وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) . التوبة/ 40 .
ونجد تفصيل المعية مع الله في " النحل " ....
( إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ
وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ) . النحل / 128 .
• فمع صفات التقوى والإحسان والتفتيش عنها في كتاب الله ، وسنة الطاهر صلى الله عليه وسلم ، تكون : ( لا تحزن ) .
• ومع تحمل اللدغ دون صراخ ، بل بدموع ربما ، تكون : ( لا تحزن ) .
• ومع التخطيط الواعي للحياة و الذات ، وفق وعي رباني ، تكون : ( لا تحزن ) .
مع الله بتنوع وتعدد ! ....
مع الله بإبداع وتعمق ....
مع الله بشوق ووله ....
مع الله بحب ووجد ....
حين يضعف فينا الإيمان نقول ( لا إله إلا الله ) ....
فيزداد الثوب القلبي ألقا ....
وتبتهج أساريره رونقا ....
وإن بقي فيه بعض غبش نقل :
( استغفر الله ) ....
تذهب الضيق والهم والكرب ! ....
فإن شعرنا ببعض ضيق أو وسع ! في ثوبنا ذاك ....
نطلب عونه بقولنا :
( حسبي الله ونعم الوكيل ) ....
وبعد سرور في النفس ....
نزينها ببعض الكنوز والجواهر فنردد برقص ....
( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) .
تلك زينة كاملة ....
نجعل منها وردنا كما نحب ....
( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
كَمَثَلِ حَبَّةٍ
أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ
فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ
إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ
يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ
وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ
يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يفقهون ) .
فتنشتر زغاريد الروح ....
وتتعالى الابتسامات ....
وتُنشر الرحمة في المكان ....
وتسيل الدموع الباسمة ....
وتنطق المعاني السائلة ....
فينادي الله :
" كل عين باكية يوم القيامة إلا ثلاثة أعين
عين سهرت في سبيل الله
وعين غضت عن محارم الله
وعين فاضت من خشية الله . )
ومن لم يحرص على ولادة تالية ....
فما هو بمولود ....