وَلَمَّا رَمَانِي زَمَانِي جَفَانِي
حَبِيبٌ قَرِيبٌ كَأَنْ لَمْ يَرَانِي
وَكَانَ خَلِيلاً لِأَيَّامِ يُسْرِي
يَزُورُ وَيَدْنُو أَشَدَّ التَّدَانِي
وَأَيَّامَ عُسْرِي تَنَاءَى بَعِيدًا
وَغَابَ كَمَنْ قَدْ أَضَاعَ مَكَانِي
سَقَانِي وُعُودًا بِصِدْقَ الوِدَادِ
فَرَوَّى جَنَانِي بِمَا قَدْ سَقَانِي
يُقَابِلُنِي بِأَرَقِّ التَّحَايَا
وَيَزْعُمُ أَنِّي وَحِيدُ الزَّمِانِ
وَيُثْنِي عَلَيَّ أَجَلَّ الثَّنَاءِ
وَكَانَ بَشُوْشًا عَلِيمَ اللسَانِ
نَهَانِيَ عَنْهُ رِجَالٌ كِرَامٌ
فَأُعْرِضُ مُسْتَحْقِرًا مَنْ نَهَانِي
فَقُلْتُ لَعَلِّي أَسَأْتُ إِلَيْهِ
فَإِنَّ الصَّدِيقَينِ يَخْتَلِفَانِ
أُسَائِلُ عَنْ حَالِهِ كُلَّ صَحْبِي
فَتَبْدُو الشَّمَاتَةُ كَالأُفْعُوِانِ
وَقَطَّعَ كُلَّ اتِّصَالٍ وَكَانَ
يُجِيبُ نِدَائِي بِغَيْرِ تَوَانِي
وَكَمْ كُنْتُ أَرْجُوهُ لِلْحَادِثَاتِ
وَأَنِّي إِذَا احْتَجْتُ يَوْمًا كَفَانِي
وَكُنْتُ أَظُنُّ الصَّدِيقَ أَخًا
وَأَنَّ الصَّدَاقَةَ عَقْدُ الأَمَانِ
وَلِكِنْ تَخَلَّى وضلَّ وَوَلَّى
فَزِدْتُ عَنَاءً عَلَى مَا أُعَانِي
وَبَاعَ إِخَائِي بِسِعْرٍ زَهِيدٍ
فَشَلَّتْ يَمِينِي وَكَلَّ لِسَانِي
فَضَاعَ التَّمَنِّي وَأَخْلَفَ ظَنِّي
وَهّذَا ثِمَارُ سَرَابِ الأَمَانِي
وَعَلَّمَنِي الغَدْرُ دَرْسًا وَلَكِنْ
تَنَبَّهْتُ بَعْدَ فَوَاتِ الأَوَانِ