ليس هناك أغرب من الموت.. إنه حادث غريب.. أن يصبح الشيء .. لا شيء..
لا أحد يبدو أنه يصدق أو يعبأ بالموت .... الموت لا يعني أحداً .. و إنما الحياة هي التي تعني الكل.
ما الموت .. و ما حقيقته.. و لماذا يسقط الموت من حسابنا دائماً . حتى حينما نواجهه.
الموت حدث دائب مستمر .. يعتري الإنسان و هو على قدميه و يعتري الإنسان في جسده
و في كل نبضة ينبضها قلبه مهما تدفقت بالصحة و العافية
. و بالموت تكون الحياة .. و تأخذ شكلها الذي نحسه و نحياه .. لأن ما نحسه و نحياه هو المحصلة
بين القوتين معاً .. الوجود و العدم و هما يتناوبان الإنسان شداً و جذباً.
ما السر إذن في هذه الدهشة التي تصبينا حينما يقع أحدنا ميتاً.
قال تعالى: (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) (آل عمران/ 185.
قال أحد الحكماء: إن الدنيا تجود لتسلب، وتعطي لتأخذ، وتجمع لتشتت
وتزرع الأحزان في القلوب بما تفاجئ به من استرداد الموهوب.
قهر الله عباده بالموت ليعلمهم إنه وحده القادر ـ وأن الموت والحياة بيده وحده
ويبقى الموت هو الحقيقة التي لا يمكن لأحد أن ينكرها
قال الحسن البصري: ما رأيت يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت
ولله در القائل:
ولو أنا إذا متنا تركنا --- لكان الموت راحة كل حي
ولكنا إذا متنا بعثـنا --- ونسأل بعده عن كل شيء
لماذا نخاف الموت ـ نكره قدومه، ويرتعد القلب وجلا من ذكرهوهو ليس سلبا للحياة
وإنما هو انتقال بها إلى حياة أخرى بعد الموت، ثم حياة أخرى بعد البعث، ثم عروج في السماوات إلى مالانهاية
الموْتُ بابٌ وكلُّ الناسِ داخِلُهُ *** ياليْتَ شعرِيَ بعدَ البابِ ما الدَّارُ
الدَّارُ جنَّة ُ خلدٍ إنْ عمِلتَ بِمَا *** يُرْضِي الإلَهَ، وإنْ قصّرْتَ، فالنّارُ
العبرة فيما بعد الموت، أفي جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر أم في ضلال وسعر
دائماً نعتقد أنّ الموت بعيد جداً عنا، ليس لأنّنا لا نؤمن بالموت بل لأن مشاغل الحياة تستغرقنا،
فنحن لا نعلم ما ينتظرنا، ولكن عندما نفقد شخصاً قريباً جداً نوقن بأن الموت قريب ومحيط بنا وأنه في لحظة ما سنكون نحن الميتون.
الموت: إنّها كلمات مكوّنة من ثلاثة حروف فقط، سهلة النطق لكنها تهزّ القلوب الحية وتقضّ المضاجع.
تصافحوا، تصالحوا، تَّسَامحَوُا، تّراحموُا، تّحَابُوا، تُرْحّموْا قبل أن تموتوا
وتوبوا إلى اللهِ ، وبادِروا بالأعمال الصالحةِ قبل أن تُشغَلوا ، وصِلوا الذي بينكم وبين ربِّكم بكثرةِ ذكرِكم له
وكثرةِ الصدقةِ في السرِّ والعلانيةِ ؛ تُرزَقوا وتُنصَروا وتُجبَروا
اللهم أحسن خاتمتنا، اللهم توفنا وأنت راض عنا، اللهم هون علينا سكرات الموت،
اللهم اغفر لي ولجميع المسلمين..
اللهم آمين