|
صُليتُ فصحتُ النارُ ؟ صيحَ بيَ العِشْقُ |
|
|
فإنْ لكَ منها العِتقُ ما في الهوى عِتْقُ |
عشقتُ الأسى دهراً ، و صرفاً شربتُهُ |
|
|
فما عاد يحلو لي سوى رشفهِ ذَوْقُ |
على أنَّ لي قلباً إذا بثَّ همَّهُ |
|
|
لأفضى الذي أفضى فلم يسع الأفقُ |
و بي أنَّةٌ لو شئتُ أُرخي عنانها |
|
|
لرقَّ لها خصمي و ناح لها الوِرْقُ |
و قد رقَّ أعدائي لحالي ، و أخوتي |
|
|
رأوا ملءَ أحداقي الدموعَ و ما رقّوا |
تساقوا زلالَ الوصلِ في ظلِّ أيكتي |
|
|
فللنورِ من بين ارتعاشاتِها بثقُ |
و حين عرى غصني الخريفُ تطايروا |
|
|
كأنْ لم ْيكنْ خيري عليهم بهِ غَدْقُ |
فذا خافقي يا شانئيهِ أمامكم |
|
|
من اللهِ ، لا منكم ، بهِ يُطلبُ الرِّفْقُ |
خوى من دبيبِ السعدِ في خفقانِهِ |
|
|
و ما زالَ في أطلالِهِ يعصفُ الشوْقُ |
فدكّوهُ فالأوتاد يا فضلةَ الخنا |
|
|
تزيدُ ثباتاً حين للأرضِ تندقُّ |
و قيلَ لماذا لا نراك مردّداً |
|
|
لما سطّرتْ يمناك كي يطربَ الخلقُ |
فقلتُ لهمْ و الدَّمْعُ يسبقُ نبرتي |
|
|
لإنَّ مكاتيبي يغصُّ بها الحلْقُ |
فقد تخرجُ الأزهارُ من بطنِ زهرةٍ |
|
|
و قد يوصلُ الكتمانُ ما يعجزُ النطْقُ |
و في الناس من يُسْمي رثائي تشاؤماً |
|
|
لهُ الحقًُّ لا يدري انكساري ، له الحقُّ |
فلستُ أرى صبحي ظلاماً و إنَّما |
|
|
لليلي عمود الفجر ما عادَ ينشقُّ |
يزيدُ ضياءُ الصبحِ عُتمةَ غيهبي |
|
|
و يمطرني جدباً إذا مرّ َبي الودْقُ |
و إن رفعتْ للشمسِ رأساً أزاهري |
|
|
من العتمةِ الدَّهماءِ هُيِّء لي الرِّزْقُ |
فمي يلتظي ناراً أمضَّ بهِ الظمى |
|
|
و مائي على الرَّملِ اليبيسِ لهُ دلْقُ |
فمنذُ الصِّبا المُضنى و للآنَ لم تزلْ |
|
|
نبالُ الرَّزايا في فؤادي لها رشْقُ |
و كنتُ إذا لاحتْ من البدْرِ غمرةٌ |
|
|
من الضَّوءِ يغشاني مُحيّا أبي الطَّلقُ |
ينادي الأسى قلبي إن استشعر الرَّدى |
|
|
جراحُكَ في غوْرِ الحشا ما لها عُمْقُ |
فأشفِ الأسى بالدمعِ ( دهراً ) فإنَّما |
|
|
دوا جرحِكَ الدَّامي هو الكيُّ و الحرْقُ |
فلو لا انثيالُ الصبرِ بين جوانحي |
|
|
و لو لا أمانٍ في فؤادي لها خفْقُ |
لكان لروحي و هْيَ ضاهت رواسياً |
|
|
ثباتاً على إقصاءِ أعدائها زهْقُ |
و لكنَّني لَمْ أُرْخِ للذُّلِ هامتي |
|
|
و للعزِّ دونَ الناسِ كان ليَ السَّبْقُ |
و كانت أماني الطامحين إلى العلى |
|
|
لها مثل سوْقِ النِّيبِ نحوَ يدي سَوْقُ |
و إنْ أُدْعَ أوْفِ النَّاسَ فعلاً قُبيلَ أنْ |
|
|
أقولَ ، فصوت الرَّعدِ يسبقهُ البَرْقُ |
و إن قادني زهوي الرشيدُ لِمَغنمٍ |
|
|
بهِ غضبُ الجبّارِ ، زِيْنَ ليَ الْحُمْقُ |
و لمْ أدرِ لونَ الأرضِ إلا بسجدتي |
|
|
و عينايَ للنَّجمِ القصيِّ لها تَوْقُ |
فإنْ كُنْتُ أرضى الذّلَّ زاداً و مشرباً |
|
|
فبينَ الثُّريّا و الثرى لم يعدْ فَرْقُ |
فلن تتلاقى هذهِ الأرضُ و السَّما |
|
|
و لن يتساوى الحرُّ ( هيهات ) و الرِّقُّ |
سيوصدُ بابُ المجدِ إنْ لَمْ يكُنْ بهِ |
|
|
لكفّي التي لاوتْ أكفَّ الرَّدى طَرْقُ |
و كم ألْسُنٍ غرثى تفيضُ بلاغةً |
|
|
لأحذيةِ الطاغينَ كانَ لها لَعْقُ |
أُعارضُها ديناً و رأياً و فكرةً |
|
|
إذا الكِذْبُ أنجاهُنَّ فلْيُفْنِني الصِّدْقُ |
أذلَّتْ عرانينَ الطُّغاةِ قصائدي |
|
|
ففي كُلِّ أبياتي لأعرافِهمْ خَرْقُ |
و كُمِّمَتِ الأفواهُ حتّى تصافحتْ |
|
|
من الخوفِ من كيدِ العدى الشِّدْقُ و الشِّدْقُ |
و ظلَّ فمي يهجو و يهجو و لم يكنْ |
|
|
كأفواهِ رِقِّ الْجُبْنِ ، ما غالَهُ الرَّتْقُ |
هجوتُ و لمْ أرهبْ فكانت منصّتي |
|
|
صليباً على زنْديهِ يُستعذبُ الشَّنْقُ |
سيملأ سمعَ الدهْرِ رَعْدُ قصائدي |
|
|
و لَمْ يُسْتَطَعْ للرَّعْدِ من بطشِهمْ خَنْقُ |
و لَمْ أبتذلْ وجْهاً مكانتُهُ الذُّرى |
|
|
و لَمْ أمتدحْ وجْهاً حريٌّ بهِ البصْقُ |
عداتي بغير الدينِ أهلي و أخوتي |
|
|
فطبعُ العراقيين سَمْحٌ كما العِثْقُ |
أنا ما تقمّصتُ الغرام و إنَّما |
|
|
بغيرِ هوى بغدادَ لا ينبضُ العِرْقُ |
يُرنِّمها كرخاً ( فمي ) و رصافةً |
|
|
هما البدْرُ لكنْ لاستدارتِهِ فَلْقُ |
هوىً لا يُجاريهِ هوى الكونِ كُلِّهِ |
|
|
و لَمْ يَحْوِ مِعْشاراً لهُ الغَرْبُ و الشَّرْقُ |
حياةُ العراقيّين عِشْقٌ ، فروحُهم |
|
|
على صرْحِها السَّامي سُموَّ السُّرى طَوْقُ |
فللسَّعْدِ ميلادٌ بعُتْبَتِها غداً |
|
|
و للكرْبِ و الأتراحِ من حولِها مَحْقُ |
و لَمْ ندَّعِ الإيمانَ و الطُّهرَ و الهُدى |
|
|
بعصرٍ تنـزََّى عبرَ تأريخهِ الفُسْقُ |
و لكنَّنا قومٌ جياعٌ إلى العُلى |
|
|
و ما زالَ فينا مُشرئبّاً لها العُنْقُ |