للشعراء عالمهم الحالم الذي يعيشونه ..وأحلامهم العريضه التي يصنعونها.. وخيالهم الخصب الذي يمدّهم بالصور ..والروح المتفتحه التي تسافر بهم في دنياهم الورديه..
والقارئ والمتابع لهم يقرأ ما ينتجون فقط دون أن يطّلع على ظروف إخراجه!
قد يكون للقارئ عينٌ ثاقبه تسبر أغوار الشاعر وتستكشف بعض خفاياه ولكن يبقى الكثير مما لا يمكن لأحدٍ معرفته !!
زوجة الشاعر هي الراعي الرسمي لكل مراحل الإخراج فإبتداءً تبعثُ في نفسه كوامن لظاه !!
وتحيي بنسيمها أزاهيرَ رياضه وتروي بحنانها بَتلات إبداعه وتنعش بحبها هشيم أضلاعه/ أغصانه !!
ولكنها ايضاً تشاركه (حتى وإن كان بالملاحظه) مراحل المخاض الشعري..
فعندما تتبادر الفكره للشاعر تراه يتمتم ويتحدث مع نفسه ويشد في شعره وينتّف في شَنبه ويفتح أزارير صدره ويعيش طقوسه..!
أحيانأً تداهمه/تباغته الفكره في السياره فتراه يحلّق بعيداً وعيناه شاردتان ويده تتحرّك ويمتنع عن الحديث سوى تمتمات لا تكاد تُسمع.. وتراها تلتفت خِلسةً إليه تراقب بوجل وربما اضطرت لتتمتم هي الأخرى بالبسمله والأذكار (خوفاً عليه/منه/على نفسها) !!
قد يكمل المشوار هكذا دون أن يمنح العائله فرصة الإستمتاع.. ولو إكتملت لديه الفكره ومقوماتها فإنه يهرع إلى البيت حتى لو وعد الأطفال بالملاهي أو طلعه بحريه ويعود بهم دون أن يدركوا ما يجري !!
تعود للبيت وتأخذُ مكاناً قصيّا... ثم تأتي لتقرأ ما كتبت وتقول معليش ترى كانت قصيده تجلجل في حناياي..
وتبدأ بالقراءه وتتغنّى وتُبحر وعندما تنتهي تقول لك :الحمد لله على سلامتك وصح لسانك ومااتحرمش يارب!
فتسأل ليش الحمد لله على السلامه فتجيبك أقصد على أنك عدت للكتابه من جديد..!
ولسان حالها يقول الحمد لله أن عقلك لا زال بخير بعد تلك الطلاسم اللي كنت تتمتم بها !!
أحياناً أُخرى تقول هات تنكة شاي ولاّ برميل عصير ولا أحد يقرب منّي ولا اسمع صوت الأولاد..
فتعتقد أن ضيفاً ما سيأتيك وهي لا تعلم أنها تمنحك الفرصه لإختلاء غير شرعي بأُخرى !!
فتنتظر ربّة الشعر لتحلّ ضيفةً كريمةً عليك !!
أوقات وبعد أن تُطفأ الأضواء و(يجلجل السكون) تصيح ( مع أنك لا تريد أن تتكلم وتضيع البيت) ولّعي النور وتهرع من الخوف ( لا يكون ثعبان ولاّ مصيبه حصلت ) فتراك تبحث عن ورقه وقلم لِتكتب شطر بيت !!
تجدها مع مرور الوقت في المرّات القادمه وعند أي حركه تضيء المصباح وتخرج ورقه وقلم من تحت المخدّه وتقول خذ اكتب ولاّ حتى ممكن تقول ملّيني !!
أحياناً قاعد في أمان الله وتجيك تقول سمّع لي وتقول ماني حافظ إلا جزء عمّ..!!
تقول لا هذي قصيدتك الفلانيه.. لازم أحفظها لأني حسّيت إنها طالع من قلبك ( زي قصيدة اسحر النساء )!!
وتقول.. هذي طويله فتقول هذي حلاتها... وتقول يا معين.. وخلال التسميع تقلبها محاضره في النحو !!
أحياناً يعجبك بيت أو مقطع شعري وتظل تردده فتنهال الأسئله :هاه وش شفت ومن تقصد ومنهي هذي..إلخ!
أذكر مرّه مسك معي بيت لبي نواس :
الموتُ إن لم ألقهُ ساعةً
............ وسكْرةُ الموتِ ملاقاتهُ !!
وتعرضت لإستجواب قاسي وبقيت ثلاثه أيام على ذمة التحقيق !!
أحياناً يجيك طلب كتابة قصيده لشخص لا تعرفه..!
وتقول لمين إلا وهذي وحده مسكينه جا لها خمس بنات وأخيراً جاها ولد وهو الوريث الوحيد لأهله ..
وعشان الورث / تضطر مرغماً لمعرفة تفاصيل العيله الكريمه واسم ابوه ونوعية الحليب ويا ويلك لوطلع يرضع رضاعه طبيعيه !!
احياناً تعجبك قافيه وتتمنى أن تكتب عليها طبعاً مع مراعاة ظروف القافيه التي قد تُملي عليك موضوعاً لا يعجبها(زي قصيدة عشق غابر) فتتعرض لحصار إقتصادي! وحظر تجوال بل وقد تقبل بشروط لا تتوقعها زي :هذي لا تنشرها وهذي لا أحد يسمعها وهذي لازم تقطعها (زي قصيدة لا تخشَ النساء) التي تم صلْبها في الإرشيف وتم وضعي في حبس إنفرادي بوجبتين في اليوم فطور كورن فليكس وعشاء ساندويش بيض مسلوق ويا قلب لا تحزن!!
تحاول التبرير : هذا خيال الشاعر وخفّة يد الساحر ..فتقول لك والله أخاف يكون رقم شاغر !!
والمصيبه العظمى إذا كنت تكتب في منتدى ولاّ ترتاد المقاهي ولا تستطيع مغادرته !
هاه ليش ترد على هذي وليش هذي ترد عليك فتقول وأنا مالي ومال بنات خلق الله !!
تقول طيب ليش تحط صورتك !!ومافيه داعي للتوقيع..تقول يابنت الحلال على بالك راغب علامه ولاّ سلطان بروناي إذا حطيت صورتي ؟! تقول لك ولو !!
أحياناً (وفي البدايات) تسمّعها قصيدتك وتقول جميله وتسلم ولكن ليش ما تقول كذه(طبعاً بدون مراعاة الوزن أو القافيه) وتعال ساعتها اشرح التفاعيل ولزوم القافيه ومراعاة الوزن ودخول الزحافات !!
أذكر في قصيدة شعبيه بعنوان "جاوبني على هونك" قلت :
انا حتي ولو " زاغت" عيوني فانـت يـا فتّـان
وحيد بقلب مجنونك ولااحدٍ يسكنـه دونـك
عيوني ما ملاها غير حسنك يـا غصيـن البـان
وكيف آهيم في غيرك وانـا بالعـون مفتونـك
متى ترجع وتحيينـي وتـروي قلبـي الظميـان
وتطفي نار بركانـي وتسعـد روح مرهونـك
عيوني في غيابـك يـا فتونـه دمعهـا هتّـان
علامك..؟مادريتي بـي ترانـي فيـك مجنونـك
غـرامٍ هَـزّْ خفاقـي وحـبٍ مايبـي برهـان
وعهدٍ يا حَسِين الدَّلّْ مايبلى..... ولاآخونـك
وش اللي بطلبه بعدك وانا في خضرة البستـان
غرامي مسرح آمالك وقلبـي بالهـوى كونـك
وجاء السؤال ليش ما تقول في نهاية البيت الأول غيرك بدل دونك !! قلت ليش ؟؟!!
قالت لأن دونك تشترط وجودي ولكن تسمح بوجود آخرين/أُخريات!!(تناست وحيد بقلب مجنونك / عيوني ما ملاها غير حسنك / وكيف آهيم في غيرك / وعهدٍ يا حَسِين الدَّلّْ مايبلى..... ولاآخونـك / وش اللي بطلبه بعدك ومسكت على دونك!!)
قلت صحيح ولكن غيرك لا تنسجم مع قافية القصيده ودونك تؤدي المعنى الذي أُريد..
لذلك عدت وأضفت للقصيده :
ألا يا صبحها الباهي..ألا يـا فتنـة الندمـان
ألا يا قلب كم تصبر وكم بالحـب يشقونـك
ووجهك يا حبيب الروح يكسر ريشة الفنّـان
بلى..! واللي رسم وجهك جميع البيض يتلونك
سحرني وجهك الساحر..سلبني زولك الشامـان
تمكن بي غرامك يـا فتـون وهـذي ظعونـك
وانا اللي ذابحٍ قلبي غـلاك وخصـرك الريّـان
وانا اللي سالبٍ عقلي بهـاك وريحـة ردونـك
وانا اللي مهلكٍ روحي حلاك وعودك الرويـان
وانا اللي شايبٍ راسي بذيك السود وجفونـك
وانا اللي تايهٍ فكري بـذاك الجيـد والرمـان
وليلٍ داجيٍ مظلـم بـذاك الشعـر وعيونـك
وانا واللي خلق حسنك نسيت الناس والنسيان
نسيت أنسى حبيب الروح..تعرف قلب مظنونك
وانا ما شاقني بعدك سنى من لبسـت الفستـان
وكل الناس من بعدك..ومنهو ياصـل فنونـك
حرام عليك شوفيني..وشوفي رمشك الكسـلان
ذبحني ..قولي الرحمه على اللي مـات بطعونـك
حرام عليك روفـي بي..ترانـي هايـمٍ هلكـان
ولو قلتي وانا ميت تكلم..قلـت يـا عونـك
حبيبي كيف بآخونك ورمشك ذابـلٍ نعسـان
ومن غيرك؟..وانا همّي أحبك واقدر آصونـك
لك الله ما ملا شوفي ولا لـي بالغوانـي شـان
سواك انت الوحيد اللي جميع النـاس يفدونـك
وتمت إجازة القصيده بعد جهدٍ جهيد !! :65:
أخيراً اقول وراء كل شاعر مبدع جيش من النساء تقودهُ إمرأه لا تجيد الحرب إلا على الشاعر نفسه !!
[move=left]وش كثر ثم إش كثر ثم إش كثر..
لولا البنات[/move]
[move=right]وش كثر كانت "جميله" هالحياة !![/move]
:27:
تمّت إجازة الموضوع من الهيئه العُليا الدائمه للرقابه والتحقيق !! :10: