إخوتى وأخواتى
أشكر كل من امتدح اللوحات هنا فلا يدل ذلك إلا على القدرة على التذوق ولا يملك ذلك إلا مرهف الحس جميل السريرة.
الرسام قد يقضى شهوراً ليرسم لوحة تقع عليها عيوننا وتمر عليها ربما لدقيقة أو أقل !
ولكن هناك لوحات لابد للنظر أن يتوقف عندها ويتأملها سابحاً فى المعنى المراد منها ويعيش فى هذا المعنى ربما لفترة طويلة طويله، إن فعل ذلك فإن مشاعره ستصبح أكثر نضجاً ورقة وحيوية ويصبح غير ذلك الشخص الذى كان قبل رؤية اللوحة.
دعونى اسوق لكم مثلاً اليوم ، هذه اللوحة الرائعة تصور كل المشاعر الإنسانية.
حريق يشب فى المنزل، يصيب الأم الهلع وأى هلع ، أنظر لعينيها ووجهها تعرف انها نست نفسها فى مواجهة الخطر ولم تجد داخلها إلا شعور الأمومة الفطرى فتحتضن أبنائها تغلق الأبواب لعل ذلك يؤخر الحريق.
الطفل الصغير عمره أقل من عامين أصابه الخوف ولا يدرى ماذا يحدث فالتجأ بتلقائية لأحضان أمه يدفن رأسه كى لا يرى شيئاً.
الطفلة الأخرى دون العاشرة الخوف يلف كيانها كله تخاف على نفسها وعلى أمها فتتشبث بها وتدفعها دفعاً بعيدا عن باب الغرفة الذى يأتى منه الحريق ولن تصدع لأى أمر آخر.
الإبن الأكبر فى حوالى الثانية عشرة من العمر يمنعه شعوره بأنه رجل أن يفعل ما فعلته أخته الأصغر منه فلا يذهب لأمه أو أبيه بل يجمع حاجياته التى يعتبرها ثمينة خوفا عليها من الحريق ولكن ذلك لا يمنعه من أن يكون فى حالة استنفار وترقب ففى اللحظة الخطيرة بالفعل سينسى إحساسه الكاذب بالرجولة ويأوى لأمه !
أم الأب فقد التفت لدورة فليس هذا وقت مواساة الأبناء إنما هو دور الراعى الذى يذود عن أسرته بكل ما يستطيع فيدع الهرج والمرج فى البيت للأم ويذهب للنافذة المشتعلة بالنيران ويستغيث بصوته وبجسمه كله طالبا النجدة فقد ضاقت به السبل.
إنها الحياة بمشاعرها فى هذه اللوحة بإتقان الرسم فيها من إضاءة وحركة وتمازج ألوان ودقة متناهية ولكنه المعنى الذى يجعل للرسم قيمة.
ألا تستحق هذه أن نتوقف أمامها أكثر من دقيقه ونعيش مع هذه الأسرة ما تواجهه من خطر مريع ؟!
ملحوظة: للتمتع بالصورة إنسخها وضعها عندك فى الكومبيوتر لكى يصبح حجمها أكبر فترى التفاصيل التى يمكن ألا تظهر فى الحجم الصغبر هنا
بالمناسبة فإنى لست برسام أو حتى دارس للفن إنما هى الفطرة لتذوق كل جميل مثلكم جميعاً.