الرصيـف المقـابل
أصوات نعرفها : مجموعة قصصية
كان يقف أمامي في الجهة المقابلة من رصيف محطة القطار ، لم يشعر بالترقب أو الإهتمام ، حط بحقيبته على أرض الرصيف ، تراجع خطوات للوراء وجلس على المقعد الرخامي ، إندفع الهواء البارد غمر المكان ، استدعى شعورا ًبالارتياح وأخر لمواصلة التأمل ، تشابكت أصابعه ربتّ بكل أصبع على الأخر بإنتظام ، إنحنى بأطراف وجهه بإنفراج ،وإمتلأ المكان بالأنفاس وبخار الماء ، كانت أنفاسه تصلني مع دفعات الهواء ، لكنه حاصر مشاعره هناك بالجانب الأخر ، ألبسها ثوب الإنغلاق وغرق هو في التفكير – ربما يفكر فيما ينتظره من أعمال – تطلع في ساعته مع تنهدات الإنتظار ، ألقى بظهره للوراء ، زحزح عقدة رابطة العنق تجاه الحنجرة ، ربع يديه في خشوع ، وعاد يرقب القضبان . ازداد تتابع الأنفاس ، تقلصت برودة الهواء ، وارتفعت حرارة الكتب بين يديه . تذكرت موعد المحاضرة ، في نفس المكان التقينا عند باب المدرج و سط التدافع نحو الدخول ، قد كان ميلاد اللقاء ، مرر الإبتسامات بين تآلف الأرواح ، ألقى بفسيلة الخَضار وغاب مع الرؤوس ، رسم وجهه على جدار غرفتي ، كنت أراه كل يوم على نفس الجدار ، وبنفس المكان تعودنا اللقاء عند الدخول ، ألف الكلام بالإبتسام ، وزاد الشعور بالصفحات ، ما زال هناك عند الرصيف ، وقد أسند الحقيبة على ركبتيه ، مقلباً بعضاً من الأوراق ، وإمرأة عجوز تقاربت ، لا مكان للجلوس وسط الأجساد ، تمعن في العكاز القادم ببطء الإقتراب ،لملم الأوراق في الحقيبة ، قام وأمسك بيدها بإنسجام ،أجلسها مكانه وناولها العكاز . دعوات تنتشر هنا وهناك استعادت برودة الهواء ، وبعد شعورٍ بالإرتياح عاود التطلع في عقارب الساعات ، والصافرات تقترب .... زاد الإهتمام مع زخات أنظارٍ بلاسحاب . استحلفت منه بعضاً من النظرات ، إقترب القطار من القطار تداخلت العربات بإنعكاس في صراع نحو السكون ، غاب الطيف مع الحضور ، تفتحت الأبواب وتجمع السواد للدخول ، مقعدي هناك اصطف مع مقاعد العربات جوار النوافذ ، وبدأ التحرك من السكونِ لملاحقة السكون ، انتحرت النظرات أمام القطار ، عاد الشعور بالصفحات ، وإتجه القطار للإبتسام هناك بنفس المكان عند باب المدرج وسط التدافع نحو الدخول .
مطار دبي : 2/1/2003
محمد سامي البوهي