أيها الأحباب في الواحة الغراء
أما و قد عج المقهى ( مقهى المهرجان ) بالزبائن و الأشعار و كان من هذه الأشعار ما هو طريف و يستحق أن يكون في صفحة مستقلة فقد عنت لي فكرة جمع كل ما كتب من أشعار ( حلمنتيشية ) في المقهى و نشرها في موضوع مستقل بعنوان :
الأشعار الحلمنتشية في مقاهي المهرجان المرسية
حيث بدأت هذه الأشعار بصخريتي الشهيرة
|
الصخرية |
|
|
|
|
و متعشرٍ بالقعطلين تخرشمـت |
خرنوفتاه فخـرّ كالخربعزلـي |
الهيكذوب الكيكذوب ، تروكعت |
بعبولتـاه بروكـة البعبعبلـي |
فانطرّ يودق في الحسيم ضرامةً |
شِفن الحِزَبْل على بعيطٍ سرملي |
وتخشرفت حرموشة الأمل الذي |
أعشت متاهبـه فـلاذ بفرجـل |
وغدا بُعيـد الأندبـار مقعقعـاً |
الهق هـقٌ والزمـان ترللـي |
|
|
و كانت الكلمات من صعوبة أنني فتشت عن معانيها من المعاجم القديمة لأضعها بين أيديكم سهلة يسيرة
(1) المتعشر : الشملاخ المنسدح
(2) القعطلين : اسم موضع ، مفردها قعطل
(3) خرنوفتاه : زائدتان عظميتان تعلوان رأس الشرخبيط
(4) الخربعزلي :اسم طائر له طاروت منبجل
(5) الهيكذوب الكيكذوب : الفسكول الزركول
(6) تروكعت : ازبهلت
(7) بعبولتاه : زائدتان جلديتان على الجهة المقابلة من رأس الشرخبيط
(8) روكة البعبعبلي : وادي العطاريط
(9) فانطر يودق بالهشيم ضرامة : مفهومة من سياق الكلام
(10)شفن الحزبل : بطنه
(11) البعيط : آله تشبه الشيذومه
(12) تخشرفت : توارت بين السدفتين
(13) حرموشة الأمل : كل ما يصبو إليه العنكيل
(14) متاهبه : مباهزه
(15) فرجل : اسم جبل
(16) الغق الأولى : الحال والثانية : لم أعثر لها على معنى
و جاءت شاعرتنا المبدعة نسيببة بنت كعب لتعارض الصخرية شارحة معانيها بقصيدتها الشهيرة
|
البعقوشة |
|
|
|
|
تَدَفَّق في البطحاء بعد تبهطـل |
وقَعقَع في البيداء غير مزركـل |
وسارَ بأركان العقيش مُقرنِصَـاً |
وهامَ بكل القارطـات بشنكـل |
يقول وما بال البحاط مقرطمِـاً |
ويسعى دواماً بين هك وهنكـل |
إذا أقبل البعراط طـاح بهمـةَََََ |
وغن اقرط المحطوشُِ ناء بكلكل |
يكاد على فرط الحطيف يبقبـق |
ويضرب مابين الهماط وكنـدل |
فيا أيها البغقوش لست بقاعـدِِِ |
ولا انت في كل البحيصُ بنطبل |
|
|
و قامت مشكورة بشرح الكلمات كما جاء في معجمها الخاص البعقوشي
تبهـطل: اي تكرنف في المشاحط
المزركل: هو كل بعبيط اصابته فطاطه
العقيش: هو البقس المزركب
مقرنطا: اي كثير التمقمق ليلاُ
البحطاط: اي الفكاش المكتنب
مقرمطا: اي مزنفلاً
هك: هك هو البقيص الصغير او الكبير
البعراط: هو واحد البعاريط وهو العكوش المضينه
المحطوش: هو المتقارش بغير مهباج
يبقبق: هو عكوط تظهر ليلاً وتختفي نهاراً
فرددت عليها بقصيدجة عذبة سهلة اسمها :
|
المتجلمدة |
|
|
|
|
تبادر مشتهيفـاً فـي الغرايـا |
فشابتـه المعافـص و النـرادُ |
فاشخف مزبلاً في قمـط رقـحٍ |
و عـنّ لـه عزيـقٌ مستقـادُ |
طوى العشجاء في صفطٍ عميشٍ |
و جاءت ترتكُ القهيـا سعـادُ |
|
|
و تفسير المفردات كما جاء في المعجم الشفلاوي لابن فجلة كالتالي
مشتفيها=مستنقغا
الغرايا=المزاميز
شابته : معروفة طبعاً
المعافص :ألات لتفعيص الطماطم
النرادُ : الطاولة شيش بيش
فأشخف : أكل الشخفاش
مزبلاً: كا يقف بجوار برميل الزبالة و انت بكرامة
في قمط رقحٍ= نوع من الأواني المستنعطة
عزيقا : اسم موضع
مستقاد : جبل كانوا يشعلونه عن آخره من سفحه لقمته
فلا يبقون فيه أثرا ... و هكذا يهتدي أضيافهم بالنيران المشتعلة
العشجاء: أرض متسعة بجوار جبل البراكيط
صفط : ناقودة (و الناقودة كانت وسيلة مواصلات قديمة تشبه الحنفوش)
عمش : كان لها مصباح واحد
ترتك : تتراعس بنهم
القهيا : مشروب يشبه العشتبيله
و أبى شاعرنا الفحل محمد الحريري إلا أن يشاركنا بصخرية أخرى لم يسمها
و سأنوب عنه فأسميها :
|
العكولة |
|
|
|
|
عطول معطبل عطلت عطيـل |
تعطل مـن عطيبيـل عطـول |
وعند العطل لا عكبيـب منـه |
سوى تعطيب إعطاب العكـول |
فلا سعبولها اضنـى عكيمـا |
ولا من شرسف بض الشكول |
ومن قصيومها قانصت نيصـا |
بشص اشوص شوص الرغول |
وغابت واستمطلست الحواني |
ووديان استمتيسـت فقولـي |
فهيـا للجمحشـل اقرؤوهـا |
فما عطمست ْ من حجل الثمول |
|
|
ثم أنشد يقول :
|
الستُ مغامرا بركوب رأسـي |
صلوع اللمس من حزن ويأس |
فلست منادما إيـاك دهـري |
ولو بعت العصير بفلس بخس |
ولست مجالسا إيـاك يومـا |
ولو جاد البخيل بمحض نفس |
فأنت جمال ترتـاد المقاهـي |
وتترك صاحبا في ركن نحس |
أعاتب من أحـب ولا أغالـي |
إذا ما قلت قد لمـت برأسـي |
حروف الشكر لكن ما أبالـي |
أرد معاتبا أم أرمـي نفسـي |
أقدم ناصحا مقهـاك يجـزي |
حريري يجلب الشاي وببسي |
وشيشة قلبه عشـب تنامـى |
بواحة عيدنا في يوم عـرس |
|
|
و جاءت شاعرتنا مريم العموري بأشعار لابن الرومي عن التفاح و الرمان و الأغصان و خلافة
لعلها تخفف بها حدة هذه الصخور و الجلامد المتساقطة على الرأس من كل حدب و صوب فأنشدت من أشعار ابن الرومي :
|
أجْنَتْ لكَ الوجدَ أغصانٌ وكثبانُ |
فيهنَّ نوعـانِ: تُفّـاحٌ ورمّـانُ |
وفوقَ ذينـكَ أعنـابٌ مهدَّلَـةٌ |
سودٌ، لهنَّ من الظلماءِ ألـوانُ |
وتحت هاتيكَ عُنّابٌ تلوحُ بـه |
طرافُهنَّ، قلوب القوم قِنـوانُ |
|
|
و أخرى عن الزلابية لابن الرومي أيضا :
( وهذه أكلة زلابية لذيذة أقدمها للجميع من مطبخ الشيف ابن الرومي أيضاً )
|
ومستقـرٍّ علـى كرسيّـهِ تَعِـبٌ |
روحي الفداءُ له من منصِبٍ تَعِبِ |
رإيتُـهُ سَحَـراً يقلـي زلابـيـةً |
في رقّه القشر والتجويف كالقصبِ |
كأنما زيتـه المقلـيُّ حيـن بـدا |
كالكيمياء التي قالوا ولم تُصِـبِ |
يُلقي العجينَ لُجينـاً مـن أنامِلـهِ |
فيستحيلُ شبابيكـاً مـن الذهـبِ |
|
|
فقلت لها يا مريم : لعل ابن الرومي لو جاءنا في القرن الحادي و العشرين لقال :
|
بيتزا إلى طعمها يشتاق جوعـانُ |
و للشاورمةِ أشكـالٌ و ألـوانُ |
و النسكافيهُ أتى سخناً يصاحبـهُ |
صحنُ الكوارعِ و المحشي بذنجـانُ |
و الحلو قطعـة جاتـوهٍ أقدمهـا |
هديةً و عصير التوت و " المانو " |
لا تسألوني عن " المانو " فنكهتـهُ |
أحلى من الشهد لو يُسقاه عطشانُ |
صنعتهُ من خليط العرطبوش مع ال |
عنكول ، ضمهما في الفرنِ فِنجانُ |
و للخليطِ أضف مُحلٌ و مُستَكَرٌ |
و اضربهما بعصاً عسقولها الجـانُ |
ثم اشرب المزج قبل النومِ منتشياً |
فلن ترى الصبح أو يلقاكَ إنسـانُ |
|
|
و طلبت منها بعضا من انتاجها هي فقالت قصيدتها الشهيرة عن الكنافة التي يبدو أنها تحبها كثيراً
|
الكنافة |
|
|
|
|
تسيحُ بأطرافِ الكنافـةِ قِشطـةٌ |
تمطّت دلالاً يا لحسنٍ لها أغـوى |
أريد لقاها، من يجـيء بقطعـةٍ |
مُغمّسةٍ في القطرِ أحلى من السلوى |
تشكّى لبعدهـا لسانـي مـرارةً |
فإن لم يذقها لن يملّ من الشكوى |
أحبّ التي في جيدها عِقدُ فُستُـقٍ |
ألا مِن مُبلِّغٍ لها صادقَ النجـوى |
|
|
و على ما يبدو أن أختنا نورا القحطاني كانت متشوقة لأكلات معينة قد فاحت رائحتها من المقهى
فقدمت لها فطيرة خالتي و لكني حذرتها لما جرى لي لما أكلت مثل هذه الفطيرة من قبل
فقلت
|
أنا و فطيرة خالتي |
|
|
|
|
و رُبَّ فطيرةٍ نزلـتْ ببطنـي |
كمثل الشهد بل أزكى كثيرا |
تربَّعَ جَنبهـا جبـنٌ و مِـشٌ |
و دبسٌ ما رأيتُ لـهُ نظيـرا |
و قامتْ خالتي فسقتـهُ سمنـاً |
و لم تنسَ الفلافلَ و العصيـرا |
و قالت : كُلْ بُنَيَّ فِداكَ عُمري |
ألستَ ترى المُشلتتَ مستديرا |
أكلتُ و لم أقاومْ ضعفَ نفسي |
أمام فطيـرةٍ فاحـتْ عبيـرا |
و بعد هنيهةٍ يا ويحَ كرشـي |
سمعتُ لمعدتي المـلأى صفيـرا |
ففرقعـةً فقرقعـةً فطـبـلاً |
فإعيـاءاً فقيئـاً فالسـريـرا |
حلفتُ بُعيدَها إن عشـتُ ألا |
أذوقَ لخالتـي أبـداً فطيـرا |
|
|
و على ما يبدو أن البحتري الشاعر الرائع قد جذبته رائحة الفطير
المشلتت فجاء مهرولا و أنفاسه متلاحقة فأردت له أن يستريح أولا و أقدم له الشاي
فطلبت من الصبي دقدق أن يقدمه له مع الكيك و قلت :
|
دقدوقُ : شايُ البُحتـريْ مجّانـي |
و لو انتهى منـهُ فهـاتِ الثانـي |
و القهوة اليَمَنـى مُحوَّجـةٌ و لا |
تنسَ الفطـورَ مُطَعَّمـاً بأغانـي |
شَغّلْ لـهُ فيـروزَ فهْـو يُحبهـا |
و لتُجلسـنَّ البحتـريَّ مكانـي |
فإذا الربيع الطلق جاءك ضاحكـا |
فاخفضْ لهُ من صوتك " الحياني " |
و احضر له الأوراق و القلم الذي |
بهِ سوف يعزف أعذب الألحـانِ |
هييءْ لهُ جـوّاً يليـقُ و حينهـا |
تتفجـر الأشعـار كالبـركـانِ |
|
|
و لم أكن أتخيل أن هذا الشاي المجاني قد فعل بشاعرنا البحتري الأفاعيل فإذا به يخرج لنا من نفائس شعره قصيدة يضاهي بها
الصخرية و المتجلمدة و البعقوشة فقال :
|
بُمْ بُمْ بُبُمْ طَخْ طَـخْ طَـرَخْ بُـمْ تانـى |
حُـمَـمٌ كَـرَعْـدٍ فــىِ سَـمَـا بركـانـى |
الـشـعـر أيـقـظـه جـمــالُ بـقـهــوةٍ |
فالـبـنُّ والـشـاىُ المُنَـعْـنَـع جَـانــى |
شـكـراً لـدقـدق فالصَّـوانِـىِ فَخْـمَـةٌ |
فيهـا الأطايِـبُ زَغْزَغَـتْ وِجْدَانِـىِ |
واللحـن مـن فيـروز يُعْـطِـي نَـايَـهُ |
لِـىِ كَــىْ يُذَكَّـرنِـىِ بِحُـلْـوِ زَمَـاَنِـىِ |
كَـاَنَـتْ لَـنَــا أيَّـــامَ فـــىِ مُتغَـفْـلِـطٍ |
وتمَخْشَـلَـتْ بالمَعْـقَـرُوط ِضِكـانِـى |
والصَّخْطُبَاتِ تمَخْرَطْطْ بالمسْغظى |
وكـأن شِلْـطـاحَ الخَقـيـصُ غِغَـانِـى |
الآن أمْــشِــىِ فَـالـزَّبَـايِـنُ أقْـبَـلَــتْ |
وَتُـرِيــدُ كُـرْسِـيَّـاٌ فَـهَــاكَ مَـكـانِـىِ |
|
|
و لم يبخل علينا بشرح المفردات الصعبة في قصيدته
و ترك السهلة لنا فكان هذا تفسيره :
ولكون بعض الكلمات قد تبدو صعبة الفهم ، أوضححها هنا
المعانى:
الرعد: صوت عالى ينتج عن احتكاك السحب.
البن : مسحوق بذرة لشجرة البن تصنع منه القهوة.
شكرا: كلمة تقال لتعبر عن الشكر.
أمشى : أسير أو أطلع
أما أخونا ماجد الغامدي فقد دخل المقهى و على ما يبدو أنه لم يلق اهتماما من الولد دقدق
فأراد أن يلفت نظر الجميع بشعر الاشارة الذي قاله ابن مطروح أحد شعراء القرن السادس الهجري، وقف أمام الملك الصالح نجم الدين أيوب الذي كان إذا مُدح لا ينظر إلى مادحه..
فأنشأ إبن مطروح قصيدةً بنى قافيتها على الإشاره الحِسيّه حيث جعلَ أبياتها تنتهي بكلمة كذا.. فكلما انتهى من بيت أشار بيده دالاً على معناه فجعل الملك يلتفت إليه ليكتمل لديه المعنى :
|
تعشقتُ ظبياً وجههُ مشرقٌ كـذا |
إذا ماسَ خِلتَ الغصنَ من قدِّه كذا |
لهُ مقلةٌ كحلاء نجـلاء إن رنَـت |
رمَتْ اسهماً في قلبِ عاشقهِ كـذا |
أيا نسمات الـروضِ باللهِ بلّغـي |
سلامي إلى مَن حِرتُ من أجلهِ كذا |
عساهُ إذا وافـت تحيّـةُ عبـدِهِ |
يسائلُ عن حالـي بأنملِـهِ كـذا |
|
|
و كذلك لشاعر اسمه القاسم بن علي بن هتيمل الضمدي الذي أبدع قصيدةً مشابهه تعتمدُ أيضاً على الإشاره الحسيّه فكانت أكثرُ إثارةً وتشويقا..
|
يميسُ قوامُ الرمحِ كالغصنِ هكذا |
ومبسمُهُ البـراقُ يلمـعُ هكـذا |
وألفاظهُ بالسحرِ ترشقُ مهجتـي |
فاجعلُ كفّي فوقَ رأسيَ هكـذا |
وأطلبُ منهُ الوصلَ سِرّاً فيستحي |
ويومي بتركِ الوصلِ بالرأسِ هكذا |
وأكتمُ دمعي من عذولـي مخافـةً |
وأمسحهُ من فوقِ خدّيَ هكـذا |
وإن لاحَ لي برقٌ بجازان لم يـزل |
فؤادي من الأحزانِ يخفقُ هكـذا |
وللهِ يومـاً إذ ترانـي منـكـمُ |
يسيرُ على أطرافِ رجليهِ هكـذا |
وصلِّ إلهي كل يومٍ على الـذي |
لهُ خرّتِ الأصنامُ في الأرضِ هكذا |
|
|
و أخيرا أحبتنا الكرام
ما رأيكم بهذه الوجبات الشعرية الخفيفة الدسمة الطريفة التي كانت على هامش مقهى المهرجان
ارجو أن تنال اعجابكم و لكم جميعا الود الخالص
شكراً لكل من مر من هنا أو جلس معنا على مقهى المهرجان هناك
تحياتي
محبكم د. جمال مرسي