ربما كانت فترات حظر التجوال من قبَِل قواتِ المارينز، أفادتنا! فيوم يمنعوننا من مغادرة بيوتنا، نظل معتكفون قرب مواقدِ النور، وصحبة الأهل والخلان .. حينئذٍ يكتشف كل منا، أنه لم ينتبه منذ زمن لذاته ... حيث شغلته نوائب الزمان ...!
فما أجمل أن نسمعَ نبضات قلوبنِا، لنكتشف أن بعيداً عنا، قد لا يكون عن نبضنا ببعيد! وأن قريبا منا، قد يفصل بينه وبين بوحنا، بُعد المشهدين: الصمت والصدق!
فأن من وهبته صباي هبةً، لم يكتفِ بذلك، فأخذ ما تبقى من صبري نهباً دون رادع! ومن جمـّـلتُ حقيقتَه بكلماتي، شوّهَ حقيقتي بافتراءاته! ومن أوقدتُ له العشرةَ شموعاً لتُنير عتمةَ روحِه، يتعمّدُ هو إطفاءَ هيْبَتي، وحرقَ سنيني!
ما أقسى أن لا نخترق أنفسنا مبكرا ، لنكتشف لاحقا، كمّ الزيف الذي يسكن عظامنا وهو خادعنا.. حتى مَن أحبَّنا ، لم يحبنا لذاتنا ، وانما لغاية قد يجهلها حتى هو !!!
ثم ما معنى الصدق إن لم يكن سكّيناً، تُخرجُ مِن أصلابنِا كُلَُُُّ مَنْ آذانا، وسبّبَ آلامَنا!
كل ذلك، فقط لأني قلت لكِ: أني عقيم الرجال المصلحين لحالنا، والصادقين بصحوتهم لديننا!!! فقط حين قلت لكِ: أنْ لا طاقة لهم لقهر المارينز الذين جعلوا أعزتَنا أذلاء ! وقد طال مكوثهم في غرف نومِنا، حتى أمست البلاد زنزانة صغيرة بحجم أبي غريب .. ويد السجان غير المتوضئة تعصرنا! وما أهمية أن لا يطلق المارينز عليّ الرصاص وقد قتلني ضجيجك !
فيا أنانية العشق .. والانتماء.. يا امرأة! سأكتشف ذاتي، وابحث عن الجواب في غير بيوتنا، سأخترق الحِظر المفروض على قلوبنِا... نعم ... سأسهر أترقب مشافي عقم ولاءنا، وأصنع الفلك، أو حتى زوارق نجاتنا من أهدابنا، لانتشلُ مُبحِراً في أثير نقاءنا، والود شراع، والرموش دثار أرواحِنا!
فالحب كالموت .. قدر .. لا مفر منه إلا إليه... لكن هل من يُدركُ ذلك ؟!
قررتُ أن لا أموت قبل أن أكتشفَكِ ..واكتشفتُكِ ... يا من بحثتُ عنكِ منذ آلاف السنين ... مدهشتي!
يا من استبشرتْ روحي خيرا بحبّنا، على أنه سيغير خارطة العالم العاطفية، فيحرر كل القلوب المكبلة بالأحزان، ليعلن أمام الملأ: حرية القلوب، لتمارس الفرح كما ينبغي لها، ولتهتدي بخيوط نور الشمس الى الحقيقة: أنْ لم نعُدْ ننتمي إلى وطن الأحزان، وسنتنازل عن عرش الإمارة فيه للظالمين!... الذين يتيهون دائما –على جهلٍ- في دروب المحبة واليقين... سأُعلنُ أمام الملأ وتحت رنين الأجراس أني بايعتك أميرة الفرح وأنا خير المالكين !
أنتِ لي ... وأنا ... لك ِ ... حبيبتي ... هل تُدْركين؟!