بسم الله و الحمد لله و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم كثيرا .
الحق أنّ الموضوع كان تعقيبا لي في الموضوع الطريف " كذب المحبون و لو صدقوا " لصاحبنا الصباح حفظه الله .. فقلت نجعل له بابا ، باب طرائف المحبين و قصصهم اللطيفة التي تمتع السامعين ، و تطرب السامرين . فمن له قصصا في هذا الباب الطريف فليمتعنا .. في انتظاركم
**
الحبّ ليس له وصف ، لأنّه اقوى شعور بشري و أعتاه ، بعد شعور العارفين بالله بمحبة الله و لذة معرفته : لأنّها اكبر من أن تقاس ، أو تتصوّر ... قال تعالى " و الذين آمنوا أشدّ حبّا لله " .و لا شك يا سيدي أنّ ما يشعرون به من حلاوة تفوق الوصف و التصوّر الى اقصى الحدود ، فلندع هذا الباب .
و لنعد الى حبنا .. قلت و هو كذلك ليس له وصف لأنّه فوق الوصف .
قال الشاعر :
و مافي الأرض أشقى من محبّ *** و ان وجد الهوى عذب المذاق
تراه باكيا في كل وقت*** مخافة فرقة أو لاشتياق
فيبكي ان نأوا شوقا اليهم***و يبكي ان دنوا خوف الفراق
فتسخن عينه عند التداني*** و تسخن عينه عند الفراق
فانظر سيدي كيف هو هذا الشعور .. يتقلب بين النقيضين كالدالة الجيبية في الرياضيات و ربما في لحظات ..
و لذلك كان الهوى و العشق و التيم شعبة من الجنون .. حتى قال العرب في أهل الهوى و التيم مجانين .. مجنون ليلى ، مجنون لبنى ، .. عافانا الله من هذا الجنون
حكوا و ما أعجب حكايات أهل الهوى .. فكأنها اساطير و هي اقوى من التعبير ، لأنها تقرّب لك أحوالهم
قلت حكوا : أن أحد هؤلاء المجانين الشعراء طبعا ، عظم حاله و بان هزاله من فراق الحبيبة و لوعة الهجر و البعاد .. حتى اشتدّ ذلك على أهله و ابيه ، فأشفق عليه و رقّ له ، فقال له يا بنيّ إنّه لا سبيل لتخفيف ما أنت فيه إلا أن تحج ، فإذا وصلت الكعبة و الحرم إلجأ و تضرع الى الله ان يذهب عنك هذا الهوى و العشق فيحسن حالك . فكان أن شدّ الشاعر رحاله و ذهب حاجاّ مع ابيه طبعا ، فلمّا وصل الى الكعبة تعلّق بأستارها و صاح : اللهم زدنا بها كلفا و لا تنسينيها ابدا .
و لك أن تتبع قصص اهل الهوى العذري .. فإنّ لهم قصصا عجبا .
و لكم التحيات