كتب مقال في صفيحة من جريدة الأسبوع المغربية ليوم الجمعة 16 يونيه 2006 تحت عنوان : "احذروا يهودي اسمه محمد!! وقرآن آرامي؟"، باسم "أحمد أمزيان"، يحذرنا من مذلة أخرى مما دأبت أقلام السفهاء كتابته بعد أحداث الحادي عشرسبتمبر 2001.. تلك الأحداث التي أباحت تجريم كل مسلم والتي خولت لكل من هب ودب من الغربيين أن يتحدث، ويفلسف، ويكتب، ويحلل ويمنطق في دين الإسلام وفي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بما ليس له به علم..
رُكِّن نص المقال في مساحة صغيرة في الصفحة 12 من جريدة عريضة لا يتجاوز عدد صفحاتها 16. وقد يكون لكاتبه أمل في أن يتصدر هذا المقال الصفحة الرئيسية، ليتصدر بعد ذلك الصفحات الرئيسية لكل الجرائد الوطنية المسلمة، ما دام الخبر يتعلق بتكذيب رسول الأمة صلى الله عليه وسلم وتشويه سيرته العطرة، لكن أمله خاب كما خابت آمال مسلمين كثر..
قد أثبتت كل التجارب السابقة، وإلى يومنا هذا، أن المعركة ضد الأديان السماوية هي معركة خاسرة، وأن عطش الإنسان إلى إيمان يملأ قلبه، وزاد يغذي روحه أصبح في تزايد، خصوصا مع هذا التقدم التكنولوجي الهائل والسريع التي تشهده الحياة البشرية على ظهر الأرض منذ قديم الزمان..
ونحن كبشر نعرف أن سر إدراكنا يتركز في عقولنا، إذ بها عرفنا النقيضين، وميزنا بين كل ضدين، وسعينا سَعيَنا لنختار من الأضداد ما يناسبنا، ومن النقائض ما يصادف هوى في نفوسنا، فحاربنا الشر من أجل الخير، وطلبنا اللذة حيث كرهنا الألم، وأدركنا الفرق بين الصحة والمرض، والموت والحياة، والشيخوخة والشباب، ولا يدرك هذه المعاني قرد أو خروف أو حصان!!! وكمسلمين نعلم أن الذي سخر الكون كله بسمائه وأرضه من أجل الإنسان، هو – سبحانه - الذي أنزل هذا الدين ليكون وسيلة الإنسان في عمارة الأرض عمارة روحية ومادية، وبعث الرسل مبشرين ومنذرين - ليبينوا طريق السلامة وطريق الندامة، وطريق الفضيلة وطريق الرذيلة، والعقاب والثواب -، وترك للإنسان حرية الاختيار دون قهر ولا إكراه..
والصراعات العديدة والحروب السياسية المتكررة بين البلدان الإسلامية والمسيحية حتى الحروب الصليبية أو الاستعمارية الأخيرة كلها حالت دون النظر بموضوعية واحترام إلى دين الإسلام وإلى رسوله ومبلغه صلوات الله وسلامه عليه.. ونستطيع أن نقول إن المسيحية بصفة عامة لم تعترف بالقيمة الإيجابية لرسول الإسلام صلى الله عليه وسلم إلا في بعض الحالات النادرة، ويمكن تلخيص أسباب هذا الرفض في نقاط أربع:
- الجهل بنبوة رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وسيرته،
- العداء السياسي المنظم باسم الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب.
- النظريات الغربية المنشأ.
- والمبادئ الدينية المفبركة التي تقول إن عيسى عليه السلام هو الوحي الكامل وليس هناك وحي آخر يتم رسالته أو يأتي مكملا لها..
ولكي يكون لنا مستقبل أفضل كمسلمين وسط من جعل الله منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت ومضيعي المبادئ، القاطنين كوكب الأرض دون هدف أخلاقي وروحي.. من فلسفوا الحياة الدنيا وجعلوها حكرا ونعيما لهم دون نقصان أو تبعية.. لا بد لكل مسلم تقلد منصب مسؤولية.. سواء كان هذا المنصب صغيرا أو كبيرا، أن يعمل على تجريم تعمد ازدراء أو تحقير رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وتحقير الدين الذي جاء به بشيرا ونذيرا بقدر ما تم من تجريم معاداة السامية وما جاءت به من أفكار تخريبية. فإن هذا الازدراء لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والتحقير للمسلمين، والتنكيل بهم، واتهامهم بما ليس فيهم، لم يعد من قبيل الجهل أو حرية التعبير فقط، ولكنه توظيف سياسي محض لتشكيل بيئة فاسدة يكرس فيها اتهام مسلمي العالم بتهديد بنية الاستقرار والسلم، واتهام مسلمي الغرب بما يسمى عدم الاندماج، ليتم بذلك تبرير كل أنواع السياسات الهمجية والتدخلية في حقهم، سواء لأسباب سياسية أم دينية...
ويبقى لنا الأمل في غد أفضل كمسلمين.. ما بقي الآذان يسمع والعين تدمع..