[color=#996699] رجعنا دون حذاء
اليوم الثاني من الشهر و جيوبك ممحلة يا رجل ! كأنك لم تعد تفكر فيما أريد 000
الأولاد ممزقة ثيابهم و البنات بأحذية بالية و أنت كأنك لا تعيش معنا 00 أرجوك ن تسمع كلامي لم أعد أطيق هذه العيشة التي تقصر العمر 0
و ماذا سأصنع ؟ و أنت تعلمين أنني أمسك راتبي من ههنا و أسدده من هنا 000
خمسمئة ليرة قسط البراد و ثلاث مئة لبائع الحليب و ستماية لبائع الملابس و أربع ماية فواتير كهرباء و مئتان للهاتف 00 ماذا سأصنع لك في هذا الزمن الممغنط بالرطوبة القاتلة ؟؟
و من الذي دعاك أن تزوجي موظفاً " كحيان " ؟؟ لا حيلة له إلا الراتب يصارع الحياة كما يصارع دونكيشوت طواحين الهواء 0
أختك تزوجت من تاجر ثري ، صحيح أنه كتلة من الغباء و لكنه يوفر لها حياة سعيدة ـــ فيلا ــ سيارة ـــ فساتين ـــ من كل موديل و حياة ليست في الأحلام 0
أرجوك لا تهزأ بي ، أريد منك فقط خمسمائة ليرة (حذاء لأحمد و بنطال لهيفاء ) 0
اذهبي إلى السوق و اشتري لهم ما يروق لك و ليسجل الباعة الحساب على الدفتر0
في الشهر القادم سأمسك علاوة على الراتب 0 سأسدد كل ديوني 0 و تمتطي الزوجة أقدامها و تجر وراءها طفليها كأنها تحمل على كتفيها هموم العالم 000 (( سقا الله أيام الفضيحة )) 0000
ومن قال لك أن تتزوجي موظفاً ألم تدركي أن لموظف لا يعيش يوماً هنيئاً ؟ الجيوب فارغة و الأعصاب مهترئة حتى إنه حين يعود من العمل لا يُسمعك كلمة حلوة كأنه يحمل صخرة سيزيف على كتفيه 000 ها قد وصلنا الدكان 00
السلام عليك يا أبا خالد ! و عليك السلام و رحمة الله و بركاته 000
تفضلي000 لا مستعجلة أريد حذاء لهذا العفريت000 و الثمن في الشهر القادم 0
اسمعي يا أم أحمد لقد تعودنا أن نسدد الدين السابق و نفتح صفحة جديدة و هذه هي المرة الثالثة التي تستدينين بها دون أن تدفعي الدين السابق 000 أرجوك000 نسدد
، ثم نأخذ 0 تقلبت ألوان وجه أم أحمد من الأحمر إلى الأصفر إلى الأسود و رجعت إلى الخلف و حدّقت في ولدها ثم ألقت باللوم عليه قائلة000 لولاك ما كنت لأقف هذا الموقف لعن الله الأولاد و لعن الساعة التي جاؤوا بها 0
حاولت أم أحمد أن تكظم غيظها في الطريق ، و لكنها لم تستطع إنها تشعر أن كل عيون المارة عن جانبها تمقتها تحتقرها 0 ترى فيها المرأة المنبوذة من المجتمع 00 و لماذا تراني هذه العيون منبوذة ألأن زوجي موظف؟! أم لأني لا أملك ثمن حذاء لابني ؟! إن الله خلق الدنيا درجات و هي أرزاق يصيب منها الإنسان ما قُدر له 000 هذا قدري 000 أرجو من الله أن يعينني عليه 0 و لم تشعر أم أحمد إلا و أنفها يلتصق بباب البيت 0
تدخلُ000 زوجها ينام على وجهه 000 لا0000 لن أجعله يصحو من نومه 0
ها000 رجعت سريعاً يا أم أحمد إن شاء الله حُلـّت مشكلتك ؟؟!!
حُلـّت000 رجعنا دون حذاء000 سأجعله ينتعل الناس00 ينتعل الحياة000 ينتعل الموت000 ينتعلني 000 ينتعلك000 000 طوّلي بالك يا امرأة ! من أجل حذاء تقيمين الدنيا و تقعدينها ، أما سمعت الأخبار وكم من الأطفال يموتون جوعاً في الهند ؟! أما سمعت أن عاصفة واحدة شردت أكثر من مليون شخص ؟! اعتبرينا مشردين لشهر واحد فقط 0
و ما علاقتي بأطفال الهند و مشردي العواصف أحدّثك عن الحذاء و تحدثني عن مشردي العالم 0 أنا أريد حلاً لمشكلتي، أريد حذاء لابني 0
إذن خذي هذه الساعة و بيعيها في السوق و اشتري له حذاء ، كل ما أستطيعه هذه الساعة 0
و نحن كما تعلمين لا نملك ما يقوتنا حتى نهاية الشهر و عادت الزوجة إلى سكينتها و صمتت ملياً كأن الدنيا أمامها شريط سينمائي يعرض بسرعة ثم جلست تتمعن في لوحة جدارية و خيالها يسرح في عالم الخيال اللامتناهي تردد أغنية قديمة :
(( عل البساطة البساطة يا عيني عالبساطة 00000 ))
حسين علي الهنداوي
Hosn955@yahoo.com [/color]