من المهم ان يُدرك العرب بمختلف اتجاهاتهم، حجم وعمق المؤامرة الكبرى المرسومة ضدهم على المدى البعيد من الماضي والمستقبل!
ولعل من ابرز ملامح تلك المؤامرة انها مرسومة أصلا على أساس ديني! وهو ان من وضعوها يستهدفوا أساسا الحفاظ على دينهم من هيمنة الدين الإسلامي المهدِد لكل معتقداتهم، ولوجودهم أيضا بكل أشكاله.
ومن ذلك يمكننا أن نستنتج ونجيب على التساؤلات التي طالما تحضر في اذهاننا وأحيانا تحيرنا: لماذا العرب بالتحديد هم المستهدفين من الغرب وعلى مر العصور؟
أي أننا نستنتج الجواب ببساطة: هو ان ذلك الاستهداف طبيعيا طالما أن الاسلام -أصل المشكلة لديهم- وُلد وعاش في قلب العرب!
وعليه استهدفت المؤامرة الكبرى العرب، ومنهم تتابع حركة الإسلام وكأنهم –خسِئوا- يتابعون ورما سرطانيا ليستأصلوه أينما حل وكان !
هم يستخدمون البحث العلمي والعقل في تحقيق أهدافهم؛ فنحن مثلا لا نعرف كم حركة فكرية او دينية منتشرة في الوطن العربي او في القطر الواحد منه، في حين هم يبحثون وبدقة ليس عن ذلك فقط، وانما ايضا يستخدمون التاريخ لتكامل بحوثهم الطولية التي يستهدفون منها توقعات اقرب ما تكون إلى الدقة، ليحصلوا من خلالها على افضل النتائج في السيطرة والتحكم بالقضايا المدروسة، واتخاذ ما يلزم لمعالجتها بما يخدمهم ايما خدمة!
نعم باختصار شديد: هم يبحثون بتاريخنا الطويل منذ فجر الاسلام وحتى عصرنا الحاضر، ليست مجرد دراسة سطحية لما سُجّل من وقائع واحداث في ذلك التاريخ بل دراسات تحليلية معمقة لتلك الاحداث والوقائع، مبنية على اساس السبب والنتيجة، أو العلة والمعلول.
فمثلا؛ عندما يعرفون ان هناك مراحل في تاريخ الإسلام صعد فيها الاسلام والمسلمون الى قمم المجد، سيبحثون عن اسباب ذلك النجاح ويأخذونه بالاعتبار في المؤامرة!
ومن جانب آخر سيرون من ذلك التاريخ الحقب الزمنية التي انحدر بها الاسلام وحملة رسالته الى أدنى المستويات التي وصلوا اليها، وسيدركون فورا الاسباب التي أدت بالاسلام للصعود وتلك التي آلت به الى النزول. وسيركزون حتما على الجانبين فيدفعون عنه الاسباب الاولى ويعملون على إحضار وخلق الأسباب الثانية، فيستثمرون من اجل انتشارها بين المسلمين كل ما أوتوا من علمٍ ومال ودهاء.
ولعل من ابرز اسباب ضعف الاسلام والمسلمين التي عُرفت من دراساتهم للتاريخ هي التعصب الطائفي. والتعصب العنصري حتى في القومية الواحدة أيضا! اضافة الى اسباب عديدة غيرها مثل انصراف الشباب عن العلم والعمل الجاد الى قنوات اللهو والتعلق بالمغريات الدنيوية. والتقرب من الفواحش بما ظهر منها وما بطن ، وما الى ذلك مما لا يخفى علينا !
ولعل هذا مما دفعهم لاستحضار هذه الأسباب ونشرها بين الشباب من خلال الوسائل المعروفة في الوقت الحاضر والتي وقع فريستها شباب العرب من المحيط الى الخليج إلا مَن رحمه الله برحمته الواسعة.
ومما اُستنتج من الدراسات عن سيكولوجية العرب أيضا انهم قوم ذو تراحم وتعاطف فيما بينهم اذا وقف امامهم غريب! ومهما كانت اسباب الخلاف بينهم، وعلى اساس المبدأ المعروف " انا وأخي على ابن عمي، وأنا وابن عمي على الغريب". هذا المبدأ معروف ومأخوذ به لدى اصحاب المؤامرة. وعليه، فهم يتجنبون وبحذر شديد جدا الوقوف امام التيار العربي! ولذلك قرروا الوقوف فوق التيار! ليسيطروا عليه كيفما شاءوا وبلا وعي وإدراك من التيار ذاته! ليعملوا على خلق أو تعزيز اسباب قتل الاسلام أو اجهاضه في المناطق التي ينموا فيها ، وان فشلت خططهم في القتل المباشر وبجميع الوسائل ، فإنهم يلجئون الى تطبيق مفهوم آخر هو "الانتحار الذاتي" ! ويعني ان يجعلوا المسلمين يقتلوا بعضهم البعض وبهذا يقتل المسلمون أنفسهم بأنفسهِم، وهذا هو الدمار الذاتي للإسلام.
وما اسهل تنفيذ هذه المؤامرة الآن مع قلة الوعي الديني والثقافي بين شرائح كبيرة بين الشعب العربي. فالكثير من العرب اليوم يقتلوا بعضهم البعض من اجل "لحية" أو "ممارسة مهنة معينة كالحلاقة" أو "دراسة علم معين دون علم آخر" وغيره من الاسباب التي يتخذها جماعات معينة لتكفير بعضهم البعض وتبرر لهم نصب جنة ونار على الارض لمعاقبة من يرونه مخالفا لما يريدون ويعتقدون! مع اني لم اسمع بجنتهم إلى الآن فهم لا يملكون إلا النار والخراب.
هذا اضافة الى الحروب النفسية وكل انواع الحروب التي يشنها أفراد من طائفة معينة لافرادٍ من طائفة اخرى لمجرد انهم يمارسون طقوسا لا يرضوها... او تراهم يحملوا لبعضهم البعض الغيض والضغينة بسبب الجدل العقيم بشأن أحداث تاريخية ليس لهم فيها سوى الذنب الذي قد يحملونه من جراء ذلك الجدل، ويتناسون دائما في كل هذا وذاك أن الله سيُثيب من عمل صالحا ويحاسب من ظلم وكفر، وهل نملك نحن العباد محاسبة عباد الله على أمر هو أصلا من شؤون ربهم فهو سبحانه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ...
لعل مما يدمي قلوبنا فعلا، وربما ينعش المؤامرة الكبرى أن أحد الاخوة العرب الذي يكتب باسم مستعار، ويدعي العروبة والقومية ويبكي على العراق المحتل، وهو يفاجئني برسالة خاصة ليقول لي هل لكِ أن تغادر العراق؟ لأنك مهدد من قبل المقاومة؟ ولمّا أجبته باستغراب: ولِمَ؟ وانا الذي يمقت أي احتلال لاي بقعة في الوطن العربي؟ قال ببساطة لأنك تعمل في الدولة! وهذا يعني أنك ممن يعمل على استقرار الاحتلال في العراق! في حين ان عليكم انتم العراقيون ان تتركوا جميع اعمالكم ومهنكم وكل تفاصيل حياتكم وتهبوا هبّة واحدة وتُخرجوا الاحتلال وإلا فانتم لا تستحقون الحياة! ولهذا نحن ندعوا المقاومة لقتل كل من يعمل في الدولة العراقية! اجبته: ولكننا قاومناه، ولم يدخل إلا على جثث أبنائنا بعد استخدامه لاسلحة الدمار الشامل! والآن كيف سنُخرج الاحتلال وانتم تقتلوننا واحدا بعد الآخر؟ هل سنُخرجه بالشيوخ والأطفال اليتامى والمرضى والنساء العاطلات الأرامل؟
ومنذ ذلك الوقت لم يقتنع ذلك العربي أو من يدعي ذلك بما قلته له، وكذلك لم يعاود الاتصال بي لانه أدرك أنني غضبت منه بسبب تشجيعه على قتل أهلي وتحميلهم أوزارا على أوزارهم، مما يؤدي ذلك إلى عرقلة مسيرتهم بشكل أو بآخر نحو السعي نحو تحقيق هدفهم الذي يعرفون.
لا شك ان كل ذلك خدمة لتلك المؤامرة شئنا أم أبينا، أدركنا ذلك أم لم ندرك. ولم يزل في الفم ماء كثير لم ولن يجف أبدا!