الفاضلة الأديبة المتألقة سها جودت:
كل عام وأنت بخير
أما بعد:
فإنني أشكر لك هذه الإضاءات الرائعة عن علم من أعلام العصر الأيوبي ، وهو صاحب سيرة صلاح الدين الأيوبي ، والمعروفة باسم ( النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية ) ، وأثني ثناء كبيرا على جلاء تلك الحقائق عن هذا العلم البارز ، ويمكنني أن أضيف إليه قوله في مقدمة كتابه ذاك:
فإني لما رأيت أيام مولانا السلطان ، الملك الناصر ، جامع كلمة الإيمان، وقامع عبدة الصلبان ،رافع علم العدل والإحسان؛ صلاح الدنيا والدين، سلطان الإسلام والمسلمين، منقذ بيت المقدس من أيدي المشركين ، خادم الحرمين الشريفين ؛ أبي المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي . سقى الله ضريحه صوب الرضوان ، وأذاقه في مقر رحمته حلاوة نتيجة الإيمان . قد صدقت من أخبار الأولين ما كذبه الاستبعاد ، وشهدت بالصحة لما روي من نوادر الكرام الأجواد، وحققت وقعات شجعان مماليكها ما قدحت فيه الشكوك من أخبار الشجعان، ورأيت بالعيان من الصبر على المكاره في ذات الله ما قوي به الإيمان وعظمت عجائبها على أن يحيط بها خاطر أو يجنها جنان، وجلت نوادرها أن تحد ببيان لسان، أو أن تسطر في طرس ببنان، وكانت مع ذلك من قبيل لا يمكن الخبير بها إخفاؤه، ولا يسع المطلع عليها إلا أن تروى عنه أخبارها وأنباؤها، ومسني من رق نعمتها، وحق محبتها وواجب خدمتها، ما يجب عليّ به إبداء ما حققت من حسناتها، ورواية ما علمت من محاسن صفاتها رأيت أن أختصر من ذلك ما أملاه عليّ العيان، وقل من جل؛ ليستدل بالقليل على الكثير، وبالشعاع على المستطيل بعد المستطير، وسميت هذا المختصر من تاريخها :( النوادر السلطانية ، والمحاسن اليوسفية ) وجعلته قسمين : أحدهما في مولده -رحمه الله - ومنشئه وخصائصه وأوصافه وأخلاقه المرضية، وشمائله الراجحة في نظر الشرع الوفية ، والقسم الثاني في تقلبات الأحوال به ووقائعه وفتوحه ، وتواريخ ذلك أيام حياته- قدس الله روحه- والله المستعان في الصيانة عن هفوات اللسان والقلم ، وجريان الخاطر بما فيه مزلة القدم ، وهو حسبي ونعم الوكيل."وأعتذر لك أديبتنا لتطفلي على موضوعك ، ولكنني أردت أن اضيف ما كتبت الآن ؛ لأنني عشت مع هذا الكتاب زمنا طويلا ، كان فيه زادي في معرفة صلاح الدين الأيوبي وعصره ، وأدعو الأحبة إلى اقتناء هذا الكتاب القيم، وقد بين في مقدمته طريقته في السيرة .
مرة أخرى لك شكري وتقديري الكبيرين.
وكل عام ,أنت بخير