المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. سمير العمري
الأخ الكريم د. محمد أيوب:
أجدني مضطراً لالاستغراب في ردي الثالث هنا مما أراه ذهب إلى غير ما أريد. ربما كان ذلك من قصور لغتي أو غموض أسلوبي ، وأنا للحق بحاجة هنا لتوضيحات علها تسعف ما كان من قصورها في توصيل ما أردت.
أما النقطة الأولى فهو سؤالك عن سبب قولي عن حوار الغريب للغريب وكذا سبب قولي لك بأنك تمجد عرفات ، والحق أخي الكريم كان هذا بالطبع من خلال حديثك السابق سواء في نص الموضوع أو في الردود ، فأنت في حديثك تتحدث عن فريقين ، ونحن وهم وغير ذلك مما قرأته حوار غريب لغريب. وأما عن أمر عرفات فقد رأيتك تتحدث عنه حديث من يراه أسطورة وقديساً وما أكثرهم من هؤلاء المنتفعين والموهومين. هكذا قرأت الأمر كما قرأت أنا وغيري تمجيدك لعبد الناصر من خلال تلميحات وإرهاصات لا تخفى. ومهما يكن من أمر فليس في قولي هذا ما يصيبك أو يعيبك فرأيك لك نحترمه وإن خالف.
وأما النقطة الثانية فهو قضية زج الشخص في القضية وهذا مما أجده لا يخدم حواراً كأساس عام ، وثق أخي الحبيب بأننا نتضامن معك في كل ما حدث ، بل وثق أكثر بأنك لست وحدك من كان سيستفيد من إغراءات السلطة ، ولست وحدك من أطلق عليه النار في محاولات اغتيال ومن هدد علنا غير مرة. محدثك هنا عرض عليه المناصب العليا في سلطة أوسلو من فتح مرة ومن حماس مرات ، وتعرض لأكثر من محاولة اغتيال ، ولا أحسب إلا أن غيرنا كثير.
وأما النقطة الثالثة فإن منهج التفنيد في مثل هذا الحوار هو مما لا يخدم الهدف كما أقدر ، هذا الهدف الذي هو استقصاء معالم الحق والحقيقة دون حكم مسبق أو دفاع عن مواقف شخصية كما ذكرت في معرض ردك الأخير. إن أسلوب التفنيد لا يخدم إلا الانتصار من خلال إبراز خطأ الآخر وإثباتهه سواء أكان ذلك صدقاً أم وهماً ، وأنا كررت غير مرة بأننا هنا لا نبحث في الطعن في الآراء ولا في أصحابها بل في البحث عن المنهج واستجلاء كنه الأشياء ومعالم الصواب من كلا الطرفين وبهذا لن يكون هناك خاسر ومنتصر ولا حتى خاسران بل سيكون بالقطع ثلاثة منتصرين ؛ طرفاا الحوار ومنهج الحق.
وأما النقطة الرابعة التي أحب أشير إليها هنا فهي قضية أسلوب الحوار والقفز إلى الظن والأحوط هو استقصاء المعاني والمقاصد أخي الكريم ، ومن خلال نظرة سريعة على ردك الأخير يجد المتابع أنه رد انفعالي انتصاراً لنفسك بتقدير لقولي ذهبت به إلى نقيض ما أردت منه ، وكان في حسن الظن سعة ورحمة واستعذار. بل وربما كان أجدر أن لا نضيع وقت الحوار في مثل هذا بما لا يفيد قضية ولا يخدم هدفا. ورغم كل هذا فإنا سعيد أن أرى منك في ردك الأخير ما توسمته فيك منذ قرأت لك من رؤية أكثر تجرداً ووعياً ، ورغبة صادقة في إحقاق الحق والانتصار للمنطق وللصواب حيث كان.
وأما النقطة الأخيرة والأهم فهو أنني أؤكد لك أخي الكريم بأنني ما قصدت من ردي الذي قمت أنت بتفنيده مسهباً أن أتهمك بما جاء في مضمون ما نصبو إليه في الواحة. ودعني أبين لك بأنني لم أكن أحاورك أخي الفاضل بل كنت أتحاور معك والفرق بين هذه وتلك كبيرة. محاورتي معك تعني أننا مهما اتفقنا أو اختلفنا فإننا نسير في ركاب تحري الصواب وتحقيق الهدف ليس لي ولك فقط بل إن الأمر يتجه أساساً إلى كل المتابعين من قراء ومشاركين وثق بأنهم كثير. وإنما أرت من خلال هذا الحوار الراقي ، ومن خلال ما رأيت منك من موضوعية في الطرح إجمالاً ، ومن أدب في الحوار تأكيداً ومن التزام بالمنهج تفضلاً أن أوصل رسالة لكل متابع بأن هذا المستوى من الحوار هو المطلوب وبأن دونه غير مرغوب ، وما كان المقصد بهذا إلا مدح ما نراه هنا من حوار مثمر راقٍ ، وطرح لأسلوب نحب ونرجو ، وحفظ لهذا الموضوع من بعض من قد يدخل متراشقاً ويحول الموضوع إلى مهاترات عاطفية واتناءات حزبية.
وستعلم قريباً ما كنت أرتب له منذ أيام ، لتدرك حينها ما أحمله لك شخصياً من الود كإنسان والتقدير ككاتب ومفكر.
أرجو أن يكون في ردي هذا ما يمسح ما أصاب صدرك من ضيق تجاهي ، وأن نتجاوز هذا الأمر لنركز في القادم من الأيام على حوارات حرة وصريحة ومنصفة أعدك بأن تكون الأرقى والأجمل والأصدق بإذن الله.
تحياتي