بسم الله الرحمن الرحيم .
ها قد دخلت جيوش التحالف العراق ، بعد الذي حدث من قتل و دمار و أهوال...و ظن البعض أن مع رحيل صدام ستنعم المنطقة في سلام و أمان و طمأنينة .
و لكن هل هناك من جديد يزيد في الحق المعروف ، أو يضيق من دائرة المجهول؟ لا شيء ... اذا كان هناك من جديد فهو تلك الفوضى التي حدثت في العراق ، و التي ما زالت سائدة حتى الآن ، و ستدوم طويلاً و لا يعرَف منتهاها ... و ستمتد لتطول دول المنطقة لا محالة . و لتنتظر دول مصيرها المحتوم لتصبح في خبر كان ... و سوف تتغيّر المقولة الامريكية من " الاحتواء المزدوج " الى " الاحتواء الكلي" للمنطقة .
و إلاّ ماذا يفسر هذا الاضطراب الذي يحدث في المنطقة ، و هذه المواجهة الدامية و التي يعبَّر عنها بـ"الإرهابية" بالصيغة الامريكية . حتى وصلت الى أشرف بقعة على المعمورة ، و ما الاحداث الأخيرة في مكة المكرمة ببعيدة عنا .
سؤال قد غاب عن الادهان : من الذي أغرى صدام على غزو الكويت ؟ ... من الصعوبة بمكان الإجابة عليه ...
ان المتتبع للأحداث في السابق يرى أن العراق كان هو الحامي و النصير لدول الخليج العربي من خطر " تصدير الثورة الاسلامية " . و أن عدو العراق التقليدي يكمن في ثلاثة دول : تركيا نتيجة المسألة الكردية ، و ايران نتيجة النزاع الحدودي ، و سوريا نتيجة خلافات ايديولجية في حزبي البعث .
و رغم هذا ولّى العراق وجهه شطر الخليج مصدر امداده بالمال و العتاد ...
قد يظن السطحيون من الإعلاميين ان هذا يكمن في النزعة التوسعية لدى النطام العراقي . و لكن هذا مردود عليه ، لأن النظام العراقي سمح للأكراد بالإستقلال الذاتي ( عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة ) . و منطقة الاكراد تزخر بكميات هائلة من النفط .
ان الذي حدث كان مدروسًا و منظمًا منذ زمن بعيد ، و خطط له تخطيطًا محكمًا في مكان ما ، بحيث لا تنطلي اللعبة على أحد ...
و اختيرت الكويت بالذات تحت ستار أكذوبة " الحق" التاريخي على أن الكويت جزء من العراق . و صدق هذا بعض ضعاف العقول من مرتزقة الصحافة و روجوها إما عن جهل أو بمقابل مادي من جهة ما . و خافها المتسرعون " اشباه " الصحفيين في الكويت و الخليج فراحوا يصبون الزيت على الناربإشارة من الاسر الحاكمة التي أصبحت ترى أن عروشها قاب قوسين من السقوط ...
و مما زاد الطين بلّة ظهور في الغرب ما يسمى " معاهد للأبحاث و الدراسات الإستراتيجية " وهمية . ما خلصت اليه ( ان الكويت سرقت نفط العراق لعشرات السنين ) هراء . و كلام الأطفال ، و حكايات عجائز .
و حتى ان كان هذا صحيحًا . لماذا لم تلتجئ كلاً من الكويت و العراق الى المحكام الدولية ، مثلما فعلت البحرين و قطر . و كفى الله المؤمنين شر القتال .
ان الذي حدث من ارهصات في تلك الآونة . أن امريكا كانت تبحث عن " عدوٍ " فسهل لها النظام العراقي مضنّة البحث بغباءٍ و جهلٍ . كما سهل لها حكام الكويت و ذلك للتخلص من " البعبع " الذي أصبح يقض مضاجعهم...
انما هي لعبة حيكت خيوطها في الخفاء . إقرأوا كتاب " صراع الحضارات " لصمويل هيتغتون ستجدون الجواب الكافي و الشافي.