لمّا أتيت
قبل أن ألتقي بك كانت الرياح تهب كما تشتهيها السفن ، ولما أتيت وركبت مركبي وغصت معي في أعماق البحر ، وقرأت وجهك ، ورأيت الحيرة ترتسم على وجنتيك تغير كل شيء ولم أعد متأكدة أن مركبتي تسير في مسارها الصحيح ، ولم أعد أعرف أتجاهها .. هزني وغيرني حبك .. مسح الدمع من عيني فتركت الحزن وهجرت التمرد ، وغيرت حتى أسلوب حياتي ولهجة كلامي واستبدلت كلمات الهجر التي رردها لساني طويلاً بعبارات أخرى هي في كل حالاتها .. حب .. حنان .
وأصبحت لأجلك أنتظر رجوعي إلى حيث أنت مع أنني لم أبتعد عنك سوى لحظة خروجي من عندك ، ولأجلك وحدك أقطع المسافات بحثاً عن سبيل يوصلني إليك .. يقربني منك .. وفي ساعات الليل الطويلة تنسى عيناي طعم النوم فتخشى الجفون السهر ويغادرها النعاس ، ولا أعلم كيف لجسد ضعيف مثل جسدي أن يتحمل كل هذا العبء؟ ولا أدري كيف يقاوم تعباً يستبد به؟ كلما ألتقينا ، وكلما تركتك وكلما تكلمتَ لحظة أو سكتَ، وكلما باغتّني بنظرة وأخفيت أخرى ، وكلما باغتت ذهني لحظة حلوة معك ، وكلما أدني شوقي لأبتسامتك ولنظرة عينيك .. نلتقي وكأننا للتو تعارفنا ويمضي الوقت بنا كأنه لم يجمعنا .. ونفترق كأننا لم نلتقي أبداً.. متاهة نعيشها وظلمات نتوه فيها ودوامة هو حبنا ندور في تياره أنا وأنت ، أنت وأنا .. يا أنا حتى هجرنا الفرح ونسينا الأبتسامة وأبتلينا بتشريع .. وقانون الظروف والتحجر .. فأصبح الحب ظرفاً متحجراً واللقاء عتاباً ودمعاً ..!
22-12-1996