لنقل اذا ان الاسباب هي نفسها التي تدعو الانسان الى الجري وارء تحرره..التحرر الذي قال سارتر عنه انه الشيء الوحيد الذي لايملك الانسان الحرية فيه..؟
لكن هنا هل النتائج هي نفسها...؟او هل تتكرر النتائج في هذا السعي..؟
محبتي لك
ما هي أسباب السعي إلى تحرر الإنسان وما هي نتائجه؟ إذا كانت الأسباب التي تدعو الإنسان إلى الجري وراء تحرره هي نفسها بغض النظر عن تطور الإنسان عبر التاريخ..فهل هذا يعني أن تلك الأسباب لاتختلف باختلاف العصور؟
ألا يبدو السؤال بصياغته على هذا النحو إشكاليا؟ فما هو الجواب الممكن عليه؟ أليس من باب إدعاء المعرفة القول بامكانية وجود جواب نهائي عنه؟
ليس هناك يا صديقي جو من لا يتفق على أن الإنسان مجبور على ان يكون حرا ..لا لشيء إلا لكونه إنسان..وقد يشترك معه الحيوان في هذه الخاصية..فلا يوجد طائر تضعه في قفص لا يتوق إلى الانعتاق والرغبة في الطيران في الآفاق الخارجية الواسعة..
لكن الطائر الموضوع في القفص يظل اليوم كله يدور ثم يدور حول الجهات الأربع في قفصه محاولا تارة التحليق في سماء موصدة وتارة السير ملتصقا بتلك الثقوب في شباك مصنوع من أسلاك حديدية التي تسمح له برؤية أن وراء عالمه هذا يوجد عالم آخر لكنه يظل غير قادر على فك قيوده والهروب إلى الخارج..
يكرر محاولات البحث عن منفذ للهروب مرات ومرات دون أن يدرك أن محاولاته عبثية..
لو وضعنا الإنسان في قفص كبديل للطائر ما الذي سيحدث؟
أولا لن تكون حركته بمثل حركة الطائر ..سيقتنع أن القضبان الحديدية لا مجال لكسرها ماديا ..ولكن معنويا يستطيع فعل ذلك ..كيف؟
ما يميز الإنسان عن الحيوان أن الإنسان يستطيع العودة إلى ذاته لتأملها واستخراج ما تنبض به من أفكار وتجارب قد يحولها إلى منتجات إبداعية يرى فيها مدى ما يتميز به عن غيره من الكائنات..
في السجون الممتلئة يجد بعض المساجن الذين يملكون مستويات عقلية عليا فرصة ذهبية عندما تقدم لهم الوسائل لاستثمارها في سبيل البرهنة على حريتهم وقدرتهم على تجاوز عالمهم المحدود المغلق ..
القرد الذي نضع له قصبا مجوفا يستطيع استخدامه للحصول على موزة توجد خارج القفص..فيقوم بتركيب القصب حتى يبلغ طوله مستوى يمكنه من دفع الموزة إلى قرب القضبان الحديدية..
قد يستخدم شخص ما موادا توجد في متناول يده استخداما يجسد فيه أفكارا مختلفة ومتعددة تختلف وتتعدد باختلاف تجاربه المكتسبة..
لا يوجد شيء من لاشيء مقولة أومن بها إيمانا راسخا إذ بدونها أجد نفسي أدور في عتمة لا أستطيع تحديدها..
السعي نحو التحرر والانعتاق له أسباب ونتائج ..مثلا انظر إلى ما آلت إليه الرغبة في التحرر في الولايات المتحدة ..أصبح السود في مراتب عليا ومنهم "كونديليسا رايس" و "كولن باول".. لكن هل استطاع فرد من ازنوج الأمريكيين أن يصبح رئيس دولة؟
سيظل السعي نحو التحرر حلما مرغوب تحقيقه بشكل لامحدود ..
لكن لا بد من سقوط ضحايا ..فالتحرر يؤخذ ولا يعطى..يؤخذ بالقوة تارة وبالإقناع تارة أخرى..