|
ياشعرُ، غَرِّدْ في دمي، إنّي معَكْ |
إنّي هجرتُ حياتَهمْ كيْ أتبعَكْ ! |
أخبرتُهمْ أنّي بدونكَ نبتةٌ |
تذوي، تعوّدَ عودُها أنْ يرضَعَكْ |
أنّ الحياةَ بدون قطْرِكَ مِيتَةٌ |
حتّى رموْني بالجنون لأخلعَكْ ! |
أخبرتُهمْ أنّ الشعورَ سماؤنا |
ياشعرُ حلِّقْ في السَّما، ما أروعَكْ ! |
لكنهمْ قذفوا خطايَ بقسوةٍ |
كيْ يُجبروني أنْ أُهدِّمَ مخدَعَكْ |
وتضاحكوا واستهزأوا بوفائنا |
بلْ أقسموا أنْ يحرموني مطلعَكْ ! |
لايعلمونَ بأنّهمْ قدْ أجهزوا |
- ظُلْماً- علينا والحَشا ماضيّعَكْ ! |
ياشعرُ، قلْ لي أنهمْ لم يُجمِعوا |
-سرّاً- على وأدي لئلاّ أتبعَكْ ؟ |
لم يخنقوا حبْراً على أوراقنا |
لم يُغرِقوا حُلُماً نَما وأنا معَكْ ؟ |
لمْ يُزهِقوا أملاً بِعمرِ قلوبنا |
لم يحرقوا ورداً تَفيّأَ أضلُعَكْ ؟ |
لم يهزأوا بدموعنا وحروفنا |
لم يقطعوا أغصاننا كيْ نقطعَكْ ؟ |
لم يصنعوا مِن دمعنا بيتاً لنا |
كالحزنِ يصنعُ حُلْكةً كيْ يصرعَكْ ! |
أمْ أنّهمْ قدْ بَيَّتُوا لي آهةً |
كي يُرغموني أن أُبيِّتَ مصرعَكْ ؟! |
أوَ لمْ تُخبّرهُمْ عهودُ وفائنا |
أنّ الوفاءَ كعهدنا لن يخدعَكْ ؟! |
أنَّـا وريدٌ واحدٌ تحيا به |
روحٌ تعيشُ على الوفا دوماً معكْ ؟! |
ياشعرُ، طبْ نفْساً، فإنّكَ شامخٌ |
أدري بأنّ حديثَهمْ قد أوجَعَكْ |
ترنو إليهمْ والدموع تدافعتْ |
تدمي فؤادي ثمّ تعصرُ أضلعَكْ |
لاتبتئسْ، هذا زمانٌ مزمنٌ |
لايرعوي حتّى يُنغّصَ مضجعَكْ |
يجني خُطانا كيْ يُفرٌَّقَ بيننا |
والروحُ تأبى أن تغادرَ منبعَكْ |
كنْ غيمةً واغسلْ فؤادَ زمانهمْ |
واهجرْ قساوتَهمْ لكيلاَ تُفزِعَكْ |
واسقِ القلوبَ محبّةً وتصافياً |
كيْ يكبرَ الزمنُ الجميلُ فيزرَعَكْ |
مازلتُ أؤمنُ بالمحبّة بلسماً |
منديلَ إحساسٍ يكفكفُ أدمعَكْ |
بالحلْم قنديلاً يُؤثّتُ ليلَنا |
فالشمسُ مازالتْ ستحرسُ مطلعَكْ |
فاسكنْ وريدي مثلما كنّا معاً |
واقطفْ لثغركَ بسمةً، إنّي معكْ ! |