من خلف الآلام
(واحد ... اثنان ... ثلاث ... أربع ... خمـ ـ ـ ـ ـ س )
زحام يملأ الشوارع الخالية إلا من طوائف البشر ، يهرولون نحو نقاط الرحيل للرحيل ، حيث لا طائرات ، أو قطارات ، أو سفن طافية على رؤوس الغرقى ، أقدام حافية تغوص بين شقوق الأرض المشبعة بآلاف السنين ، سوط ( عمر ) يسوقهم ، يزف ظهورهم الشامخة بالنقود ، ديكورات الكراسي البالية ، يهدج الخوف حول أجساد النساء العارية ، يلف أسنامهم الملونة بأصباغ الشياطين ، يجلد زجاجات الخمور بأوكار الغانيات ، انفجرت الأرض ببركان الخيول ، الغبار يغسل وجوهنا من سواد الذنوب ، صوت (بلال ) المؤذن يصعد فوق المآذن ، يحطم أفواه النوافذ المغلقة ، يُسقط الأطباق الطائرة من فوق هامات المنازل ، جيوش ( أبو بكر الخليفة ) تفتح أبواب المدن المتلفعة بالأضواء ، الأزياء ، لوحات الإعلانات الأنيقة ، يغرس صنابير زمزم لوضوء القلوب ، تحلق فوقنا أسراب الطيور ، تصيد بحجارتها غرور الدبابات ، غباء الرشاشات ، وكلاب الحراسة ، جحافل البشر تطوف من جديد حول بيت الحياة ، ( صلاح الدين) ينادي من هناك ، يبحث بين بقايا المسجد عن منبره المرصع بالجواهر ، يجيبه الفزع ، لعب الأطفال الممزقة ، عويل النساء ، دموع الرجال ، وشرايين الضحايا الممتدة على طرقات المدينة ، (جزع النخلة ) يئن من جديد ، يعتليه ... يصرخ في رقاب القرود أن تلبي دعوات السيوف ، يهبط بيننا كي يرمم حجرات قلوبنا المصدعة بالجبن ، (على ) الشجاع ينام بفراش الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، يشع نور ، يضخ الأمل بعروق الثكلى ، ثعبان يفوح حوله بسيف مسموم ، يجمع من خلفه حراب الخنازير ، يتقدمون ... يزحفون نحو طهر الفراش ، ينفضون عن عيونهم التراب ، الفراش نور ، السماء نور ، الأرض نور ، يرتفع السيف المسموم ، تتهافت الحراب الطائشة بالجنون نحو الفراش ، يزداد نور من فوق نور :
- حمداً لله على سلامتك .
- مـ ـ ا... ماذا؟! أين أنا؟!
- لقد أجريت جراحة زراعة القلب بنجاح.
- قلــ ـ ـ ـ ـ ؟!
- سيدى . هل مازلت تشعر بآلام ؟
- .........................
محمد سامي البوهي