منذ وقتٍ بعيد والأمة العربية والاسلامية تتعرَّضُ لتحدياتٍ سياسيةٍ ، اقتصاديةٍ ، ثقافيةٍ واجتماعيةٍ ..
لكنها في الوقت الراهن تواجهُ معاركَ التكنولوجيا والعلوم والحضارات والمعتَقَدات.. تتمثَّلُ تارةً بالحصار الاقتصادي والعلمي وتارةً أخرى بتشويه الدين الاسلامي والقيم والتراث وطوراً بإثارة الخلافات والنزاعات المذهبية والطائفية وأخيراً بالنزاع الدائم مع اسرائيل ، ذلك الكيان الصهيوني الذي زَرَعَهُ الغربُ الرجيم في رحم الأمة ليستنسخَ امبراطورية بني صهيون ما أدَّى إلى استنزاف القوى والثروات و...إلخ..
إنها قصة حقدٍ دفين تعودُ بتاريخها إلى العهد الذي كانت فيه الأمة العربية والاسلامية خير أمةٍ تأمرُ بالمعروفِ وتنهى عن المنكر.. حيث نقلتْ إلى الشرق الأدنى وكذلك الغرب العلوم والمعارف والفلسفة والآداب والحضارة
والفنون الأخرى ..
إنها هجمةٌ استعماريةٌ تكالبَتْ لتصبَّ جامَ نقمتها وحقدها على العرب والمسلمين بهدفِ تمزيق الصف العربي
وتشويه التاريخ وبالتالي إبادة الوجود العربي والاسلامي خاصةً بعدما اعتنقتْ الغالبيةُ من الغرب دين الاسلام
لإيمانها واعتقادها بأنه دين الحقوقِ والواجبات، دين الديمقراطية والعدالة والأخلاق والسلام والصَلاح..
هو ذا جوهر الدين الاسلامي بل روحه التي أنكرها ويستنكرها كل أصحاب المصالح..
إن الذي لم يدرك هذا الجوهر ( الصراط المستقيم) ضلَّ ضلالاً كبيراً ، فوقفَ مشدوهاً أمام حضارة الغرب، مبهوراً بالظاهرِ المنمَّقِ والباطنِ المزيَّفِ عاجزاً عن استيعابِ ما يحيطُ حوله أو به ما أدَّى إلى انزلاقه بسهولةٍ
حيث الطريقُ التي رسَمها له الغربُ الرجيم ــ الهاوية ــ .
إن الخللَ ليس في الدين الاسلامي بل في تعليمه المغلوط من قِبَلِ الفئات التي تعملُ تحت إمرةِ أصحاب المصالح
يقول المفكر ليون روش ( لو.. وُجِدَ من يعلِّمُ الاسلامَ حقَّ التعليم لكانت أمة الاسلام أرقى الأمم)..
إنه على حق، فهذا الذي نشاهده لا يُمثِّلُ الاسلام لا من قريبٍ ولا من بعيد..
إننا وبكل أسف أصبحنا أمةً تأمرُ بالمنكر وتنهى عن المعروف لتحقيقِ رغباتٍ شخصيةٍ كالتفرُّدِ في الحُكم
والمناصب الأخرى بغية سرقةِ الثروات وأموال المستَضعَفين بالضرائب والقروضِ وهلمَّ جرَّاً...
لكن ذلك لابدَّ له من دعمٍ غربيٍّ بالمالِ أولاً لبناءِ الأبراج والأسوار، بالسلاح ثانياً لإبادة الشعوب، باستيراد وسائل التعذيب ثالثاً لمن قال كلمة حق في وجه كل طاغية.. وبالمفاسد الأخرى رابعاً كالمخدرات المادية والمعنوية
لتنوِّمَ بها بقيةَ القطيع الذي ليس همَّهُ سوى قضم العشبِ أينما وُجِدَ...
لكن أكثر الناسِ لايعلمون...
إذن العدو الأول والأخير لهذه الفئات هو الاسلام لهذا حاربتْهُ بمنعِ تعليمه للبشر كما أرادت هي لا كما أراد الله
وما تزالُ تحاربه بإثارةِ المذهبية والطائفية بغية إبعاد الناس عن المطالبة بحقوقهم الشرعية والوارد ذِكرها في القرآن،. إن الدين الاسلامي هو دين العدالة والديمقراطية وحقوق الانسان لكن أكثرالناس لا يعلمون..
هل كان محمد ( ص ) يمتلكُ داراً تختلفُ عن دور بقية البشر وهو سيد المرسَلين؟....
هل كان كلٌّ من عمر أو عثمان أو علي أو أبو بكر ( ر) يمتلكُ من الدور أو الأنعام ما يختلف عمَّا يمتلكه البشر؟..
الجوابُ قطعاً لا.. ( فلا فضل ـ عند الله ــ لعربيٍّ على أعجمي إلا بالتقوى) هذا حينما كانت أمة الاسلام أمة ( اقرأ) أما اليوم ( لا فضل ـ عند الغرب ـ لأخٍ على أخيه إلاَّ بما يملك من مالٍ وسلاحٍ وأبراج وقصورفي العقلِ).
وكفى بالظاهرِ شهيداً فما الباطنُ بأفضل!..
وحتى لا يبقى غبارٌ على الكلام، يقول الله (اقرأ. وربك الأكرم الذي علَّمَ بالقلم ـ القرآن ـ علَّمَ الانسان مالم يعلم"
ويقول قائل: إننا نقرأ القرآن وندين بدين الاسلام لكننا لم نزل في الظلمات بل في جحيمٍ لا يُطاق.. فالفوضى في
كل مكان ، الرشوة،الفساد، السرقة، الاباحية، المخدرات،الفراغ، إلخ..
فكيف هذا الرجسُ سيزول ومتى؟!..
الجوابُ ببساطة ماقاله الله تعالى ثلاثاً عن طريق الوحي لسيد المرسلين( اقرأ) ، للتأكيد على معنى هذه الكلمة المقدسة .. قراءة الظاهر والباطن لاستخلاص العبرة مما قُرِأَ..
ولأننا لم نُحسِن القراءة تلك بل لجأنا إلى معلَِمين وكتب ومراجع وأبحاثٍ لا تُعدُّ ولا تُحصى نزلَ الرجسُ علينا
وأصبحنا في أسفل سافلين..
إن الله خلقَ الانسان ليتعارفَ لا ليتخالف، والدليلُ في القرآن فلماذا هذا الخلاف ؟...
والله قال جاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيله ، فلماذا نتقاتل والآية لا تعني ما فهمناه بل تعني جهاد النفس الأمَّارة بالسوء والتي أمام المغريات الدنيوية حتماً ستضعف إن لم يكن فيها ذرَّةَ ايمان.. كما تعني تلك الآية أن المال
مفسدةٌ فيجب على كل مؤمنٍ أن لا يسعى إليه بل إلى الله .. وكفى بالآيات القرآنية شهيداً ، لو نقرأُ لندركَ كم غُرِّرَ بنا فذهبنا في الدين غلُّواً وتطرُّفاً فقط لينعمَ هؤلاء أصحاب المصالح...
هذا الاسلام الذي شُوِّهَ من قِبَلهم ليس اسلاماً بل تلاعبٌ بالألفاظ وطقطقةِ سُبحاتٍ وشعاراتٍ للتضليل، لهذا هو أجوفٌ أوصلَ أمتنا إلى هكذا حال..
إن الأحكام الشرعية الوارد ذكرها في القرآن والسنَّة تختلفُ تماماً عن تلك التي في المجلدات والكتب والمراجع
والتي صِيغَت من فئةٍ تعصَّبَتْ لمذهبها فراحت تفرعُ وتستفرعُ وتتفرعنُ من الأحكام الفرعية..
فأُهمِلَ الأصل وهو القرآن الذي كان وسيبقى لتهذيب النفوس ودفعها إلى القيام بواجبها اتجاه الله والمجتمع
والأسرة.. وكذلك إحقاق الحق والعدل والمساواة في جميع الحقوق السياسية والمدنية والاجتماعية...
دون هذا العدل لن تقوم للأمن والاستقرار والسلام قائمة
" وكان لكم في رسول الله أسوة حسنة"..
من الأمانة والاخلاص والنزاهة وحسن الخلق ، هذا في زمن كان...
أما اليوم " وكان لكم في الغرب أسوة باطلة" فاقتدى بهذه القدوة من استطاعَ إليها سبيلاً بالسرقةِ أو الانحرافِ أو الخيانة أو الرذائل الأخرى... ما أدَّى إلى اتخاذِ مواقفَ عدائيةٍ من أصحاب الأملاك والأموال.. فظهرتْ غريزة البغض والسخط بدل المحبة والرضا...
هذا المجتمع الذي نراه ليس مجتمع الاسلام بل هو صورةٌ أو مرآةٌ تعكسُ اللا أخلاقيات ..
فالاسلام لم يميز بين اللون والعنصرِ والطائفة ، كما أنه يريدُ انساناً عاقلاً بمعنى إنساناً يستخدم عقله ليعقِلَ
ويستنكرُ ويُنكرُ عقلاً بلا تصديق أو تصديقاً بلا عقل..
الاسلام كرامةٌ للمسلم وما الذل والاحتقار والهوان إلاَّ لأن الانسان ابتعد عن الاسلام متبعاً كل باطلٍ قولاً أو عملاً.. فقيمة الانسان لاتُقاسُ بثروته أو مركزه الاجتماعي أو السياسي أو بحسَبه ونسبه وجماله بل بأعماله
الصالحة وسجاياه الفاضلة وما غير ذلك فهو أجوفٌ خواء..
كلنا مسؤولٌ عن هذا الفساد
الأسرة يجب أن تكون قدوة صالحةً للأبناء، المدرسة يجب أن تكون مناهجها من مهمة أساتذةٍ متخصصين
في الدراسات الاسلامية لتنقيتها وابعادها عن الشوائب وكل دخيل.. الأمكنة والأندية يجب أن تلتزم بناء لانسان لا هدمه.. وسائل الاعلام والمسجد يجب أن يبتعدَ الكل عن الاسخفاف بالعقول وعن الخطاب السياسي والاعلاني
وليس الاعلامي...
يجب أن نطبِّقَ عملياً القرآن وإلاَّ فنحن أمةٌ هالكةٌ لا محال.. والسفينةُ تنتظرُ من آمنَ فعملَ ..
مودتي
نضال نجار
ttp://www.postgasidas.com/members/nidalnajar