ما كنتُ أحسبُ في ((الجهراءِ)) غزلانا
عبيرها فاق أزهاراً وريحانا
قد كنتُ أحسبُ أنَّ الحسنَ محبسُه
أنحاءَ ((دجلةَ)) أو أطرافَ ((لبنانَا))
حتى رأيتُ التي في الحسنِ مملكةٌ
إذا بدت كانت ((الجهراءُ)) بستانا
أسامرُ الليلَ والأشواقُ تغمرني
حتى غدا الشوقُ أشعاراً وألحانا
يا ناعس الطرف كم أيقظت من مهجٍ
حتى اصطلت من لهيب الشوق ألوانا
أرسلت سهمَك يا حوراءُ من ثعلٍ
فودَّع النومُ أجفاناً وأبدانا
نثرت سحرَك فاستهوته أفئدةٌ
كيف ارتأيت عظيمَ السحرِ إحسانا
نهلتُ من نظراتٍ منك شاردةٍ
كأنك النيلُ إذ ألقاه عطشانا
ما بين إطراقِ طرفٍ والشموخِ به
ترى من الحسنِ ما ترويه أزمانا
ويل الجفون على الأحداق قد ظفرت
ما ضرَّ لو كنتُ للحسناء أجفانا.!
إذا بدا الطرفُ غطى طيفُ مشرقِه
مشارقَ الشمسِ كانت فيه سلطانا
تقابل الضدُّ فيها وهو أحسنها
فالشمسُ باديةٌ والبرقُ قد بانا
غارت دموعُ الأسى فالأنسُ يعشقها
ودَّتْ بأن الأسى يجريه هتانا
الشمس مجلسها واللطف ملمسها
والعين تحرسها سراً وإعلانا
البرق مبسمها واللين بلسمها
والحسن راسمها والطرف فتانا
هذا لعمرك والأحداقُ ناعسةٌ
فكيف لو كان هذا الطرفُ يقظانا.؟!