عقدة الشهيد
( أقصوصة صحفية ممدرية )
============
انتخبت ذات الثمانية والأربعين جينا من طرف الضبع البليد، اختارها لظلمة قلبها، جمعها بمدير ’عقدة الشهيد، فقال لها:
ـ ما بال هؤلاء الحمقى يندفعون إلى الموت؛ يرجون الشهادة في رائعة الشباب ؟
فردت عليه:
ـ القضاء عليهم سيدي الرئيس مستحيل مادام قرآنهم يحثّ على الجهاد ويأمر بالقتال ويرغِّب في الشهادة.
ـ وما العمل ؟ فحضارتنا ’مهدّدة. وإذا عادت حضارتهم إلى الواجهة واقتعدت موضعا لها في الموقف الدولي كما كانت منذ عهد قريب؛ ذابت لعدالتها كل الحضارات.
استقلّوا وهْم التفوّق، ركبوا خواء الغطرسة، وسافروا عبر ناصية َيسْعفها ’مورِّث ’معْتلّ، قادهم إلى مواضع تتكسّر عليها مخططاتهم، أقاموا بها مصنعا لعجن الحكام العرب وتذويبهم بغية إعادة تركيبهم على صورة سندان لدنّي؛ تساوي بين الانبطاح والاستقامة، وتخلط بين القيم والمثل، أريد لهم أن يكونوا ما بعد حداثيين.
أقاموا مصنعا آخر للمثقفين بغية إحالتهم إلى مطارق، ثم وضعوا بينهما إسلاما سعوديا وإسلاما أفغانيا، تنوّع فيها الإسلام فصار إسلاما سوريا وإيرانيا وتونسيا وعراقيا.. صبغوه بطلاء لا يحفظه من التآكل، تآكلت له كل أنواع الصباغة، واختلطت ألوانه فلم تعط لوحة تشكيلية رومانسية ’مؤمّلة.
أنفقوا بلايين الدولارات كسبوا بها عيونا من فقهاء وعلماء وسياسيين وكتّاب وأدباء وعمّال وموظفين وطلبة وأساتذة وصحفيين.. دون جدوى.
استنجدوا بعيسى فلم ينجدهم، استنصروه فلم ينصرهم، يعتقدون عونه لهم، لقد غاظهم محمّد بدينه وأتباعه.
ازدادوا حيرة حتى تفهت في نظرهم رهبة سلاحهم فقرروا إنشاء فرع جديد لعلم النفس؛ أسموه: عقدة الشهيد، ولكنهم لم يحظوا إلى الآن بمريض واحد يدخل عيادتهم، لم ييأسوا، ولن ييأسوا حتى وإن سرقوا جثامين الشهداء، لقد أعلنوا عن جائزة القرن ’تمنح لطبيب أو باحث أو أديب أو مفكر يستطيع تحديد عقدة الشهيد في ذهن الشهداء.
=======
محمد محمد البقاش
طنجة في :
25 أكتوبر 2006