_قل لي بربك يا رجل إلى متى أسكت على ما يصيبني من أقرب الناس إليّ؟
كان هذا المتحدث يصيح بغضب مخاطباً صاحبه ورفيق عمره الذي ينصحه بالصبر على ما يصيبه.
وما كان من ذلك الرجل الوقور الهاديء إلا أن ابتسم إبتسامة عذبة ، وقد تلألأ وقار الشيب من شعره ولحيته، ثم قال : يا صاحبي ، إن الله تعالى قد وعد الصابرين بالجنة.
اقترب منه الرجل الثائر وقد بدأت أنفاسه تهدأ ، وفجأة انفجر يبكي ، ووضع رأسه على كتف ذلك الناصح، فما كان من الأخير إلا ان مسح بيد حانية على رأسه ، وهو يتلو آيات من الذكر الحكيم.
حتى إذا هدأ الرجل وأستكان ، أجلسه صاحبه ، ونظر إلى عينيه نظرة ثاقب، ثم قال له : يا حبيبي في الله، أعلم أنك مظلوم ، وأن القوم عليك يفترون ، ولكني عهدتك قبل صابراً محتسباً ، ألم تقل لي ذات يوم أنه لا يهمك المدح أو الذم ؟
أعلم يا صاحبي أنه من أستوى عنده مدح الناس أو ذمهم فهو المخلص لربه.
نظر إليه صاحبه وقد انطلق البشر من وجهه، قائلاً : صدقت يا صاحبي ، أسأل الله أن أكون من المخلصين.
فاحتضنه صاحبه و قد دمعت عيناه ولهج لسانه بالدعاء له.
انتهت