|
كنت طفلا داعب النسمات فجراً اذ سرى |
قد رأيت البشر حولي حين جافيت الكرى |
ألمس العطر بصدري وبوجدانـــــي أرى |
أضحت الأكوان حولي بحر نور أزهـــرا |
تلك أحداقُ تغني تستمــــيل الزعــــــــترا |
وعيون اللوز تجلو في فؤادي البـــــصرا |
وأنا أخنس حيـــــنا ًبعده كي أظـــــــــهرا |
نثر الكون أريجاً وبساطـــــــاً أخضـــــرا |
ذاك يلهو ذاك يرنو ذاك في الساح جـرى |
ذاك باع الحب ورداً ذاك بالحب اشــترى |
عنبر الأزهار في الأفـــق يفوق العنـــبرا |
وخرير الماء في الأنــــهار شلالا ًجـرى |
حطّت الأطيار حول العشب حتى تصفرا |
وكأن الكون في حفل دعا كــــــلّ الورى |
أبدع الباري وهذي لوحـــــةُ مما بــــرى |
كدت من نشوة روحي أن أحاكي الحجرا |
قد فرشت الزهر مهداً وتوسدت الثـــرى |
أعزف النــــاي وأطيـــاري تهزّ الوتــرا |
في رياض قد قضى العاشق منها وطـرا |
فإذا ما الشمس ولّت والضياء انحـــــدرا |
بتّ أرتـــاد المعالي كي أناجي القـــــمرا |
أقطف النجمات ماساً في الليــــالي دررا |
أركب المزن الى الأقمار ابغي سفــــــرا |
يا خليلي هل ترى الكـــون كما اني أرى؟ |
انــــه النجم اذا اقبــــلت منه استــــــــترا |
يغمز الرائي بضــــوءٍ ثم يخبو أخـــَرى |
انا يا صاحِ مع الأقــــــمار وثّقت العرى |
وجعلت الكون في الأحلام يغدو فكـــــَرا |
شهق الصخر ونور النجم حولي زفــــرا |
ثم لمّا ولّت الأحلام والطــــــــيف سرى |
وتلفــــــّتّ فما ألفــــــــيت حولي أثــــرا |
واذا بالطفل كهلُ عمره قــــــد شطـــــرا |
واذا الآذان تشــــــكو في البرايا وقـــــرا |
عــندها ألـــــفيت قـــلبي بالبكاء انفــجرا |
قدّر الله أيا قلب وهذا بعض ما قـد قــدّرا |
ربّ ان القلب مني بالأمــــاني انبهـــــرا |
فاجعل اللهمّ فـــــيك الحبّ يا ربّ الورى |
ان زرعنا الأرض غرساً ثم صارت شجرا |
فاجعل الجنة داراً نجـــــــنِ فيها الثمـــرا |
|