|
أَنِخِ الرِّكَابَ فَقَدْ أَنَخْتُ رِكَابِي |
فِي وَاحَةٍ لِلخَيْرِ وَالأَحْبَابِ |
عَبَقَتْ بِهَا الأَزْهَارُ فِي أَدَبٍ رَقَى |
وَتَرَقْرَقَتْ بِالفِكْرُ كَفُّ سَحَابِ |
كَمْ طَالَ دَرْبُ التِّيْهِ فِي بِيْدِ الرُّؤَى |
مَا بَيْنَ إِسْفَافٍ وَبَيْنَ تَصَابِ |
عَصَفَتْ بِهَا الأَنْوَاءَ تَعْوِي مِثْلَمَا |
تَعْوُي الذِّئَابُ طَوَىً بِدَارِ خَرَابِ |
تَعْدُوْ خُيُوْلُ الجَهْلِ فِي ظُلُمَاتِهَا |
وَتُطِيْحُ رِيْحُ اليَأْسِ بِالأَلْبَابِ |
وَحِمَارُ مَنْ سَفَرُوْا يَنُوْءُ بِسِفْرِهِمْ |
يَسْعَى إِلَى التَّغْرِيْبِ حَجْلَ غُرَابِ |
زَاغَتْ بِنَا الأَبْصَارُ فِي وَضَحِ الضُّحَى |
إِذْ أَصْبَحَ المَأْمُوْنُ كَالنَّصَابِ |
يَحْدُوْ خُطَى الأَقْوَامِ دَاعٍ بِالخَنَا |
وَحَدِيْثُهُ كَالأَعْوَرِ الكَذَّابِ |
يَسْقِي كُؤُوْسَ الذُّلِ أَهْلاً وَالأَسَى |
وَيَصُبُّ كَأْسَ العِزِّ لِلأَغْرَابِ |
يَا أُخْوَتِي إِنِّي شَقِيْتُ بِمَا نَرَى |
مِنْ شَهْوَةٍ عُبِدَتْ وَمِنْ أَنْصَابِ |
فَاضَتْ عَلَى النَّفْسِ الهُمُوْمُ تُذِيْقُهَا |
مَا لَيْسَ إِلا اللهُ يَعْلَمُ مَا بِي |
فَعَصَرْتُ مِنْ عَزْمِي خُلاصَةَ مُهْجَتِي |
وَبَنَيْتُ هَذَا الدَّوْحَ لِلأَحْبَابِ |
لِلنُّخْبَةِ النُّجَبَاءِ رُوَّادِ العُلا |
لِلسَّادَةِ الأَحْرَارِ وَالطُّلابِ |
وَسَقَيْتُهُ بِالجَدِّ مِنْ نَهْرِ الهُدَى |
وَحَفَفْتُهُ بِالوُدِّ وَالأَطْيَابِ |
نَرْجُوْ بِهِ خَيْرَ المَآلِ لأُمَّةٍ |
تَحْتَاجُ هَذَا الأَخْذَ بِالأَسْبَابِ |
يَا أَيُّهَا الأَحْبَابُ هَذِي دَارُكُمْ |
أَنْتُمْ لَهَا رَوْحٌ وَلَسْتُ أُحَابِي |
قَدْ مَرَّ عَامٌ فِي طُفُوْلَةِ رَاشِدٍ |
فَاسْعَوْا بِهَا تَنْعَمْ بِخَيْرِ شَبَابِ |
يَا مَنْ سَقَتْنَا مِنْ كُؤُوْسِ مَدِيْحِهَا |
شِعْرَاً كَصَافِي الشَّهْدِ فِي الأَكْوَابِ |
رُحْمَاكِ أَنْ عَجِزَ البَيَانُ عَنْ الوَفَا |
وَتَقَاصَرَتْ عَنْكُمْ حُرُوْفُ جَوَابِي |
مَنْ لِي بِحَرْفٍ مِنْ عَجِيْنِ زُمُرُّدٍ |
أَوْ وَمْضَةٍ مِنْ نَجْمَةٍ وَشِهَابِ |
أَوْ بَعْضٍ أَلْفَاظٍ تُشَابِهُ لَفْظَهَا |
أَوْ بَعْضِ مَا أَمْلَتْ عَلَيَّ كِتَابِي |
أَدُمُوْعُ يَا رَمْزَ الوَفَاءِ وَمَنْهَلٌ |
وَكَرِيْمَةٌ تَسْعَى لِكُلِّ صَوَابِ |
يَكْفِي الغَمَامُ إِذَا رَآكِ تَكَدُّرَاً |
أَنْ بَزَّهُ بِالجُوْدِ بَعْضُ سَرَابِ |
للهِ مَا وَهَبَ المَلِيْكُ إِلَى الوَرَى |
أَدَبَاً كَمِثْلِ سَلِيْلَةِ الأََنْسَابِ |
مَا لِي سِوَى صَمْتِ الحَيِيِّ أَمَامَكُمْ |
فَتَقَبَّلِيْهِ وَفَائِقَ الإِعْجَابِ |