المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد عبد القادر
..
كل إهداءٍ.. لها بالطبع .
..
كتَبَتْ :
(1)
سينتقلُ الغريبُ... إلى الغريب ,
لعلّ بداوةً نفذتْ إلى رئتيكَ من رمل الجنوب ,
لعلّ توتُّر الأشياءِ بين يديكَ أورثَكَ انفصالاً ..
سِرتَ في جسديكَ مُتَّحِدَ الدروب,
لعل نطقاً ما تغير في رِيوف كلامِكَ ,
استبقيتَ جرحَك عند كورنيشَ المدينةِ ,
لمْ تطارِحْكَ الشوارعُ غير قُبلَتها المميتةَ ,
فاستدرتَ إلى الكتابةِ مفرداً..
و أتيتني.
و أنا التي قرأتْ فؤادَك في القصيدةِ مرتينِ ,
رسمتُ خارطةَ الحنينِ ..
طويتُ فاتحةَ الغيابِ على جفونكَ
كي ترانيَ كلَّما أغمضتَ ,
نَم..
نَم يا حبيبي ,
لن يزورَكَ هاجسُ الفقدِ الذي يحدوكَ صحواً
طالما حطّتْ يدايَ على النوافذ
تحرسانِكَ من غبارِ النهرِ في عينيكَ ,
حاصركَ النشيجُ و خانكَ الماءُ المُرابِطُ بالسهرْ .
(2)
لي في غيابي تكأَةٌ ,
لأرتبَ الفوضى
و أجْرِدَ مفرداتِ الأرضِ ,
كمْ نقصتْ من الأزهار و الأطفال
و الطيرِ البدائيِّ الحنينِ ,
كَمِ استزادتْ من مداخنَ و اشتباكٍ
بين حشرجة القتيلِ و بين أوتار الكمنجةِ و الزنادِ ,
الواقعيُّ دوامُ فصلٍ لا ملامحَ فيهِ ,
لكنَّ الخياليَّ التورّدُ في خدودِ الأرضِ ,
نمنمةُ العيونِ على المسافةِ
لا بكاءَ يهزُّها.
يكفي - حبيبي- أن نحبَّ
فتصعدَ الأرضُ السماءَ ,
و تستقرَ على جناح يمامةٍ بيضاءَ ,
فسرها الغَمامُ العارفونَ بأنها الجَنّاتُ ..
لكنْ شُبِّهتْ للناسِ ,
يكفي - يا حبيبي - أن نحبَّ
لينهضَ الشجرُ القديمُ مُدافعاً عنّي و عنكَ
و هاتفاً : " أولاديَ الفقراءُ أنتمْ..
فادخلوني آمنينْ . "
(3)
لي هدأةٌ
بعد البلادِ بخطوتينِ
لكي أُريحَ الحلم من تعبِ الهويّةِ ,
مفرداً ..و اثنينِ واحدنا بكاءً,
ها هو المنفى قريبٌ ,
ها همُ الغرباءُ ينقرُ طيرُهمْ
عينَ النشيدِ فلا يرانا..
هاتِ لي بلداً صغيراً في يديكَ إذا أتيتَ ,
و هاتِ لي شاياً و نعناعاً
و سُكَّرَ ضحكتينِ ,
و هاتِ دفترَ ذكرياتِكَ
كي أرى كيفَ ارتجفتَ و أنتَ تكتبُكَ البلادُ
مسافراً فيها و فينا .
(4)
تعالَ ,
البردُ يهزمني
و تنتَحُ شتوتي فوق الأصابع ملحَها,
و الشمسُ عطلٌ واضحٌ في جبهةِ الشبّاكِ ,
كُرْكِمَ صوتُها :
" أوَ كلّما - يا بنتُ - صَعَّدَكِ الحنينُ إليَّ ..
غِبْتُ على غدٍ ؟!! "
خُذني قليلاً ,
و اخْفِني تحتَ الوسادةِ ,
ساوِني بيديكَ في درجِ القصائدِ ,
و ارتديني في خروجكَ من غيابكَ في غيابي ,
مثلَما أخبرتَني :
" أنّ الرمالَ سريعةُ النسيانِ ,
أنّ البحرَ ما بيني و بينكَ ليسَ بحراً ..
إنّما عينٌ تغالبُ دمعَها ,
أنَّ الخلود يقيمُ في جهةِ المُحبِّ مدينةً عفويّةً ,
أنّ الهوى أمرٌ إلهيٌّ ..
و أن الصُدْفةَ الأولى رسولةْ "
كلُّ ما أخبرتَني صدَّقْتُه من قبل حتى - يا حبيبي - أن تقولَهْ
..
خالد عبد القادر