أحدث المشاركات
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 11 إلى 20 من 24

الموضوع: لدغة عقرب

  1. #11
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود الجبوري
    انها قصة رائعة شكرا لك اخي المبدع

    محمود الجبوري

    أشكر لكم هذا المرور .
    تحياتي .

  2. #12
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي قراءتان حول النص ..

    أهلا بالزملاء .
    وجدت قراءات حول النص . رأيت ان ابث بعضها هنا :

    الناقد جمال سعد محمد:



    قراءة فى قصة لدغة عقرب لسمير الفيل

    يمكن للإنسان أن يفقد ذاته. لكن ذلك لا يحدث ضجة كبيرة، إذ الغريب أن ضياع الذات ليس من الأشياء التي تثير ضجة، فالذات هي الشيء الوحيد الذي لا يعيره الناس أدنى اهتمام مع أنهم ينتبهون ـ لغير شك ـ إذا ما فقد المرء ساقه أو ذراعه أو زوجته، إما إذا فقد ذاته فتلك مسألة تمر في غاية الهدوء .

    وبسطة الأرض علمتنا معنى الحياة، ومعنى الحياة أن نشيد لا أن ندمر لكنها كتبت علينا الحرب، ولأن سمير الفيل ( 69 ) عاش ظلال الحرب فقد كتب قصته(لدغة عقرب)
    ولأن التعامل مع أدب الحرب له محاذير كثيرة منها ارتباط التناول بتلك اللحظة الانفعالية التي تفجر التجربة القصصية لأن الكتاب أثناء المعركة لا يعنيهم في المقام الأول استخدام الكلمة كسلاح في الحرب فيغلب على كتاباتهم طابع الدعاية والدعوة ـ مع بعض الاستثناءات إلى الحد الذي دفع هيمنجواي إلى أن يقول: إن الأديب لا يستطيع أن يكتب كل شيء أثناء الحرب ولا بعد مرور وقت عليها؟- ومع تحفظنا على مقولة هيمنجواي- فإن اللعبة/ الحرب لعبة لا تنتهي والمواجهة ما زالت مستمرة والأدب مرآة كل أمة ـ ليست غايته التسجيل وإنما التطهير ـ بيد أنه يتجذر في الواقع ويثمر على أرضه ومن ثم فهو يقوم بعلمية التسجيل بالضرورة وهو في طريقه إلى التطهير
    وإذا كان التطهير يجدد قوانا ويسمو بأرواحنا فإن التسجيل يحفظ وثائقنا للأجيال القادمة كي لا تموت بلا شاهد، لذلك أصر ( سمير الفيل ) في قصته ان يكتب التاريخ (أكتوبر 1974)

    ويتجه ( سمير الفيل )قصته لدغة عقرب إلى العالم النفسي الداخلي للشخصيات، ولا يحفل كثيرا بالواقع الخارجي إلا بمقدار ما يحفز الشخصية إلى الارتداد لذاتها وذكرياتها وأزمتها الحاضرة ولا يشغل الكاتب نفسه برصد أحوال المجتمع أو قضاياه أو علاقة الناس بعضهم ببعض، بل يقدم شخصية تعيش لحظة نفسية متوترة أو متأزمة لا تتصل عادة بحدث بعينه من الواقع بل تنبع من تكوين نفسي ممتد كامن يستثيره حاضر عارض ويرسم الكاتب أبعاده من خلال عرضه لهواجس الشخصية وخواطرها وذكرياتها:
    (العسكري غريب لدعه عقرب في ساقه أسفل الركبة . كان يشاهد الدبابة " السنتوريون " القابعة أعلى التبة ، والمضروبة في الثامن من أكتوبر ، عندما تسللت تحت بنطلونه الكاكي ، فتمسه قشعريرة ، ثم تسري النار في جسده للحظات ويصرخ بكل قواه في الصحراء من حوله .
    ارتمى على الأرض الرملية وزعق في رفاق السرية ، فطوح الريح صراخه . حينها تحامل على نفسه وأمسك بفخذه ، وزحف نحو الموقع . رأيناه جميعا بوجهه الممتقع . سأله العريف مختار : " خير .وشك مخطوف ليه؟ " .
    انتزع كلماته والعرق يتفصد به جبينه : " العقرب لسعني ! " .
    أسرع عبد الحكيم ، وربط أعلى الجرح بمنديله الكاكي وعندما رآه الرقيب يحيى نهره ، وطلب أن يأتي أحدنا بسلك التليفون الميداني .
    عندما رفض جندي الإشارة إنتزعه في عنف : " العسكري هيروح في شربة مية ! " ثم ربطه بإحكام أعلى اللدغة)

    وقد يزاوج الكاتب أحيانا بين العالم الخارجي الذي تتحرك فيه الشخصية إلى ما يفكر فيه أو يشعر به، فليس هناك مشهد طبيعي مقصود لذاته، ولا شخصيات ثانوية يعني الكاتب برسم ملامح مميزة لها بل تبدو كل عناصر القصة كأنها مجرد مفاتيح لذلك العالم النفسي المغلق على ذكريات الماضي وهواجس الحاضر.

    وقد تتوالى إلى جزيئات العالم الخارجي وتكثر حتى لتوحي بأن الشخصية قد خرجت من كيانها الفردي المحدود إلى محيط أكثر سعة واشد ارتباطًا بالحياة والناس، لكن القارئ إذا تدبر أمر هذه الجزيئات يدرك أنها تشترك جميعًا في تعميق إحساس الشخصية بأزمتها أو هواجسها.

    (كان دمه هاربا فطمأنه العريف مختار بأن لا خطر مطلقا طالما الإصابة بعيدة عن القلب . وحده الصول حنفي الذي تمهل في سيره أمام باب الملجأ ، هو الذي هتف فينا عندما رأى انزعاجنا : " أنتم تعملوا من الحبة قبة . الخوف على العقرب مش على العسكري غريب ! " لكن قفشاته لم تضحكنا هذه المرة . أحس بذلك فجلس بيننا صامتا .
    شمل الموقع كله ترقب وقلق ، والتففنا حوله نواسيه ، ونكلمه عن أخطار أخرى لم يعرفها . عن قنابل الألف رطل ، ودانات تنفجر في الهواء فتطيح بالإنسان وتدفنه حيا دون أن يتلفظ بكلمة .
    عندما علم الملازم صبحي الجلاد بالأمر أتى إلى الملجأ على عجل . قمنا جميعا حين رأيناه يحني رأسه ويلج المكان من الفتحة الضيقة.
    أشار لنا أن نعاود الجلوس على أاطراف الأسرة التي صنعناها من الصاج المتعرج وغرارات الرمل .
    سأله في لوم مشوب بعتاب : " أيه خلاك تروح هناك ؟ " .
    أجابه بصوته الواهن أنه أراد أن يشاهد الدبابة عن قرب ، وأنه حين صعد البرج ، ورأى التجويف الهائل داخل الهيكل الحديدي أنتابه الزهو لأن " القول " بأكمله ضرب في نفس المكان فانفكت الجنازير وعطبت الدبابات ، وأن الماسورة المتجهة ناحية بيوتنا وأهلنا منذ تلك اللحظة صارت بلا خطورة بقذيفة ال م . د .
    كان يريد فقط أن يرى شيئا من رائحة أكتوبر ؛ لأنه دخل الخدمة بعد انتهاء الحرب بأشهر قليلة.
    ربت معاطي على كتفه : " ماشفتش عفرة الحرب ولا شميت ريحة الصدام ! " . غاب عنا سؤال كان ينبغي أن نسأله المصاب، نطق به الملازم : " إنت قتلته؟ " . سأل العسكري غريب بدوره : " مين؟ العقرب؟ أبدا " .
    في سرعة البرق تحركنا جميعا . كل أفراد السرية . بالعصى والكواريك والبلط . هرولنا ناحية الدبابة " السنتوريون " الإسرائيلية . كانت ترقد كجثة هامدة فاقدة الروح ، ومن حولها قذائف ال م. د التي لم تنفجر ، وبعض معلبات الصاج ، وأعشاب قليلة يابسة ، صفراء اللون … )

    ومن سمات هذه القصة -وكتابات سمير الفيل عموما -رؤيتها للعلاقة بين الأنا والآخر والتي تتكرر في أكثر من موضع وهي لجوء الكاتب إلى إضفاء التعتيم على الآخر بمعنى أنه لا يقدم وصفًا للشخصية الأخرى التي كانت سببًا رئيسا في معاناة ( الأنا ) التي تعيش فيها بل يشعر القارئ أن هناك منطقة محرمة لا يجرؤ الكاتب الدخول إليها.

    وهناك أيضًا الدلالات الرمزية والمجازية , فالكاتب لا يتوقف عند حدود الواقعة أو الموقف الذي يقدمه في شكله المباشر وإنما يضفي عليه بعدا سياسيًا متعمدًا بحيث يتحول إلى رمز واضح ويظهر هذا في البناء التشكيلي للقصة حين يعمد الكاتب إلى استخدام ا للغة استخداما شعريًا.

    ربما يستوقفنا في هذا العمل الأدبي القاموس اللغوي وتلك التعبيرات العسكرية التي تشير إلى خبرة حقيقية بحياة الجندية والحرب وهذا القاموس وتلك المصطلحات يسهمان في رسم الجو العام ويدلان على الخبرة العسكرية للكاتب، ولا تكاد تغيب عن قارئي قصص سمير الفيل عنايته الفائقة باللغة حتى ليمكن القول بأن التجربة اللغوية هي العنصر الأساسي في هذه القصص
    ولما كانت التجربة تجري في الأغلب داخل عالمها الباطني الشخصية وتبدو ضعيفة الصلة بالعالم الخارجي فإن غيبة التوازن بين العالمين يضخم شعور الشخصية بما يعتمل في داخلها من خواطر أو انفعالات أو هواجس لا يكبح جماحها شيء من حقائق الواقع ومعاييره، فتنطلق على لسان الشخصية في عبارات ومجازات تتسم بكثير من المبالغة في الدلالة وتجيء أحيانا مفاجئة أو غير متسقة مع أسلوب الكاتب المنساب.

    ويقترب أسلوب الكاتب من بناء الشعر وروحه في اللحظات التي تصفو فيها نفس الشخصية القصصية ويراودها الأمل في سعادة مقبلة أو رضا وشيك أو حين يستبد بها الخوف والقلق ويمتزج لديها المشهد الخارجي، بمخاوف العقل الباطن وفي تلك اللحظات الخالصة للمشاعر عن الوجدان تصبح لغة الشعر في عند سمير الفيل أقدر الأساليب على التعبير والتجسيم يتضح لنا مما سبق قصةلدغة عقرب) غنية بدلالتها وتثير نقاشًا طويلاً حول السمات والقضايا المختلفة التي يطرحها واعتقد أن هذا الغني والثراء والخلاف أيضًا يعطي لهذه القصة أهمية خاصة فهي تبين إلى أي مدى حاول الكاتب أن يخلق عالمه الخاص.

    إننا ـ إذن ـ أمام قدرة خاصة ومتميزة في التعبير عن القضايا التي يتبناها الكاتب وهي الاغتراب عن الأنا والاغتراب في العالم وأمام قدرة خاصة في تدويب المعاناة الهائلة في شكل قصصي مركب من مستويات مختلفة تتضح في أشكال وأدوات القص نفسها وهذه القصة تصور شهادة أحد كتابنا على العصر وعلى المجتمع في هذه الفترة من تاريخنا الاجتماعي التي توضح أبعاد القهر الخارجي والقهر الداخلي الذي نعيشه وتوضح حالة يأس الضرورة

    والقصة حبلي بالصور والإشارات المثمرة وقد حاولنا أن نتابع ذلك العقرب- لانه في نظرنا ـ يشكل المعنى الكلي للقصة ولهذا ارانا قد تركنا جزيئات كثيرة لتأملات القارئ وأحسب أنه ـ القارئ ـ سوف يخرج من القصة بتحليلات خاصة قد تقصر عنها أدواتنا .


    القاص محمد شمخ:

    المتألق سمير الفيل

    صدقت ذاكرتى معى
    النص من مجموعة "خوذة ونورس وحيد"
    والمجموعةتنقسم الى قسمين
    الأول منهما بعنوان تنويعات عسكرية ،وقصص هذا القسم تحلق فيهاروح زمن أكتوبر العظيم،وهى قصص يحاول فيها سمير الفيل المبدع إلتقاط صور لروح أكتوبر،لم تسجلها الكاميرات ولم تلتق معها الميكروفونات
    يلتقط وجوها غير وجوه القادة،يلتقى أصواتا وأحاديثا غير أحاديث المخططين (العظام)!..
    وجوها لم يشر اليها أحد وسط خضم المقابلات والمؤتمرات والاحتفالات والمهرجانات التى أقيمت وتقام لتمجيد هذا النصر وتنسبه الى قلة من القادة والضباط الكبار متجاهلين الابطال الحقيقين
    سمير إذن مبدعا وانسانا ينحاز الى هؤلاء المسكوت عنهم وعن بطولاتهم وعن حياتهم وآلامهم وآمالهم.....
    ويقدم لنا قصصا بسيطة عنهم ،ليس فيها أى أكروبات فنية
    و"لدغة العقرب" من بين هذه القصص
    قصة بسيطة وسرد سهل ،ولايطمح المبدع سمير الى أكثر من ذلك، حتى يترك هذه المساحة لهؤلاء الابطال البسطاء، لايريد منا( نحن القراء )أن ننشغل بغير هولاء، يتركنا نحن وإياهم،
    مع بساطتهم مع آمالهم وآلامهم وخفة دمهم( أنتم تعملوا من الحبة قبة . الخوف على العقرب مش على العسكري غريب ! ") مع الأخوة الصادقة بينهم(" أيه خلاك تروح هناك ؟ " )
    ولكن مع ذلك لايفوت المبدع سمير،أن يكون هنا عمقا ودلالات ،فالعقرب فى دبابة إسرائيلية واللدغة لم تمت "غريب"
    والعقرب أيضا لم يمت ،و....(في سرعة البرق تحركنا جميعا . كل أفراد السرية . بالعصى والكواريك والبلط . هرولنا ناحية الدبابة " السنتوريون " الإسرائيلية . كانت ترقد كجثة هامدة فاقدة الروح ، ومن حولها قذائف ال م. د التي لم تنفجر ، وبعض معلبات الصاج ، وأعشاب قليلة يابسة ، صفراء اللون .
    رحنا ندور حولها ، ونضرب الجسد الصلب بما في أيدينا ، وفجأة وجدناها تتحرك بجرمها الضئيل ، ثم سرعان ما تسللت واختبأت داخل البرج ؛ فلم نعد نراها .
    قضينا وقتا نبحث عنها دون جدوى حتى هبط الليل . عدنا في قلق إلى موقع السرية ، ونحن نتواعد على النهوض عند أول شعاع ضوء لنسحقها بكل الغيظ والكمد في صدورنا .)
    ومازلنا نحن أيضا..............

    العزيز سمير
    دمت متألقا

  3. #13
    الصورة الرمزية محمد سامي البوهي عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+ الكويت
    العمر : 46
    المشاركات : 1,087
    المواضيع : 110
    الردود : 1087
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    الأديب الكبير
    المعلم القدير/ سمير الفيل
    ومتى يأتي أول شعاع كي أشارككم الهجوم على هذا العقرب ، أظن أن شمسه لم تشرق إلى الآن ؟
    نتعلم منك دائماً الواقعية ، المنمقة بألفاظ فصحى أقرب إلى العامية ، لا ياتي بها إلا متمكن مخضرم ، لفظة بسيطة لكن استحضارها و تعشيقها مع النسيج السردي ليس بالهين ، واقعية ظللنا طوال النص نستمتع بها ، ولكن في النهاية إذا بنا نقبع داخل بئر الرمزية ، (العقرب ).
    تحيتي

  4. #14
    الصورة الرمزية احمد القزلي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    المشاركات : 255
    المواضيع : 33
    الردود : 255
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمير الفيل مشاهدة المشاركة

    لدغة عقرب

    بقلم : سمير الفيل

    العسكري غريب لدعه عقرب في ساقه أسفل الركبة . كان يشاهد الدبابة " السنتوريون " القابعة أعلى التبة ، والمضروبة في الثامن من أكتوبر ، عندما تسللت تحت بنطلونه الكاكي ، فتمسه قشعريرة ، ثم تسري النار في جسده للحظات ويصرخ بكل قواه في الصحراء من حوله .
    ارتمى على الأرض الرملية وزعق في رفاق السرية ، فطوح الريح صراخه . حينها تحامل على نفسه وأمسك بفخذه ، وزحف نحو الموقع . رأيناه جميعا بوجهه الممتقع . سأله العريف مختار : " خير .وشك مخطوف ليه؟ " .
    انتزع كلماته والعرق يتفصد به جبينه : " العقرب لسعني ! " .
    أسرع عبد الحكيم ، وربط أعلى الجرح بمنديله الكاكي وعندما رآه الرقيب يحيى نهره ، وطلب أن يأتي أحدنا بسلك التليفون الميداني .
    عندما رفض جندي الإشارة إنتزعه في عنف : " العسكري هيروح في شربة مية ! " ثم ربطه بإحكام أعلى اللدغة.
    في حفرة صغيرة أشعل بعض أرانيك الذنب ، وسخن مشرطا حتى أحمر تماما . صرخ العسكري غريب والمشرط يشق الجلد ، وينغرس في اللحم ، فيتدفق دم له زرقة لم نرها من قبل ، ثم راح الرقيب يحيى يمتص بفمه الدم الفاسد ، ويتفله مرات ومرات .
    مددوه على السرير الصاج في ملجأ الفصيلة الثالثة ، وضربه صابر على كتفه : " عقرب يعض في عقرب . تيجي إزاي؟ " .
    كان دمه هاربا فطمأنه العريف مختار بأن لا خطر مطلقا طالما الإصابة بعيدة عن القلب . وحده الصول حنفي الذي تمهل في سيره أمام باب الملجأ ، هو الذي هتف فينا عندما رأى انزعاجنا : " أنتم تعملوا من الحبة قبة . الخوف على العقرب مش على العسكري غريب ! " لكن قفشاته لم تضحكنا هذه المرة . أحس بذلك فجلس بيننا صامتا .
    شمل الموقع كله ترقب وقلق ، والتففنا حوله نواسيه ، ونكلمه عن أخطار أخرى لم يعرفها . عن قنابل الألف رطل ، ودانات تنفجر في الهواء فتطيح بالإنسان وتدفنه حيا دون أن يتلفظ بكلمة .
    عندما علم الملازم صبحي الجلاد بالأمر أتى إلى الملجأ على عجل . قمنا جميعا حين رأيناه يحني رأسه ويلج المكان من الفتحة الضيقة.
    أشار لنا أن نعاود الجلوس على أاطراف الأسرة التي صنعناها من الصاج المتعرج وغرارات الرمل .
    سأله في لوم مشوب بعتاب : " أيه خلاك تروح هناك ؟ " .
    أجابه بصوته الواهن أنه أراد أن يشاهد الدبابة عن قرب ، وأنه حين صعد البرج ، ورأى التجويف الهائل داخل الهيكل الحديدي أنتابه الزهو لأن " القول " بأكمله ضرب في نفس المكان فانفكت الجنازير وعطبت الدبابات ، وأن الماسورة المتجهة ناحية بيوتنا وأهلنا منذ تلك اللحظة صارت بلا خطورة بقذيفة ال م . د .
    كان يريد فقط أن يرى شيئا من رائحة أكتوبر ؛ لأنه دخل الخدمة بعد انتهاء الحرب بأشهر قليلة.
    ربت معاطي على كتفه : " ماشفتش عفرة الحرب ولا شميت ريحة الصدام ! " . غاب عنا سؤال كان ينبغي أن نسأله المصاب، نطق به الملازم : " إنت قتلته؟ " . سأل العسكري غريب بدوره : " مين؟ العقرب؟ أبدا " .
    في سرعة البرق تحركنا جميعا . كل أفراد السرية . بالعصى والكواريك والبلط . هرولنا ناحية الدبابة " السنتوريون " الإسرائيلية . كانت ترقد كجثة هامدة فاقدة الروح ، ومن حولها قذائف ال م. د التي لم تنفجر ، وبعض معلبات الصاج ، وأعشاب قليلة يابسة ، صفراء اللون .
    رحنا ندور حولها ، ونضرب الجسد الصلب بما في أيدينا ، وفجأة وجدناها تتحرك بجرمها الضئيل ، ثم سرعان ما تسللت واختبأت داخل البرج ؛ فلم نعد نراها .
    قضينا وقتا نبحث عنها دون جدوى حتى هبط الليل . عدنا في قلق إلى موقع السرية ، ونحن نتواعد على النهوض عند أول شعاع ضوء لنسحقها بكل الغيظ والكمد في صدورنا .
    أكتوبر 1974.
    تبة الشجرة بسيناء.

    ... الاخ و الرائع ابدا سمير الفيل ..كان نصك يلدغ لكن بشعور مغاير لمعنى اللدغ اللذي نعرف...كل القص ..كان يشير عليك..
    السوسن يعشق لون ..الغاب
    لكن الي غاب حزين...ماتت ..سوسن

  5. #15
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد القزلي مشاهدة المشاركة
    ... الاخ و الرائع ابدا سمير الفيل ..كان نصك يلدغ لكن بشعور مغاير لمعنى اللدغ اللذي نعرف...كل القص ..كان يشير عليك..
    احمد القزلي

    شكرا لك يا احمد..
    تحياتي لشخصكم الكريم..

  6. #16
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سامي البوهي مشاهدة المشاركة
    الأديب الكبير
    المعلم القدير/ سمير الفيل
    ومتى يأتي أول شعاع كي أشارككم الهجوم على هذا العقرب ، أظن أن شمسه لم تشرق إلى الآن ؟
    نتعلم منك دائماً الواقعية ، المنمقة بألفاظ فصحى أقرب إلى العامية ، لا ياتي بها إلا متمكن مخضرم ، لفظة بسيطة لكن استحضارها و تعشيقها مع النسيج السردي ليس بالهين ، واقعية ظللنا طوال النص نستمتع بها ، ولكن في النهاية إذا بنا نقبع داخل بئر الرمزية ، (العقرب ).
    تحيتي
    محمد سامي البوهي

    سيأتي اليوم لا محالة..
    ولابد من القضاء على العقرب ..

  7. #17
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 434
    المواضيع : 27
    الردود : 434
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    قصة عن الحرب
    لكن تحمل كما عاليا من الرومانسية
    هو الأدب الإنسانى
    وظيفة الكاتب أن يغزل من الوجع حلما.. ودافعا
    تحياتى لكاتب رائع نحبه ونحب كتاباته
    رسول الله أسألك الشفاعة = وقربا منك يا نهر الوداعة

  8. #18
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Sep 2004
    الدولة : أرض السرد
    المشاركات : 508
    المواضيع : 62
    الردود : 508
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود الديدامونى مشاهدة المشاركة
    قصة عن الحرب
    لكن تحمل كما عاليا من الرومانسية
    هو الأدب الإنسانى
    وظيفة الكاتب أن يغزل من الوجع حلما.. ودافعا
    تحياتى لكاتب رائع نحبه ونحب كتاباته

    نعم ، الأدب يجمعنا في محبة وإخاء .
    كل محاولة للكتابة تمثل توجها نحو الانعتاق من قيود اللحظة .
    وصولا إلى الأفق البعيد .

    شكرا لمحمود الديداموني

  9. #19
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 434
    المواضيع : 27
    الردود : 434
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    بالفعل كلما قرأت نصا لسمير الفيل أحتار
    لأن نصوصه دائما حمّالة أوجه .. لا تسير فى خط مستقيم ..
    المجازات والدلالات والرموز ... الخ رغم ضربها بقوة فى الواقع المعاش
    كل التقدير

  10. #20
    الصورة الرمزية بثينة محمود أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 506
    المواضيع : 98
    الردود : 506
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي

    أستاذى الفاضل سمير الفيل
    لدغة العقرب تروى ما كان.. وتعيد إلى الأذهان الصراع الدائر
    والنهايات الفسيحة لكلا البطلين العسكرى والعقرب أكدت ان الصراع لم ينته
    تحياتى وتقديرى

صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عقرب على صخرة الانتظار
    بواسطة أحمد عبد الرحمن جنيدو في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 11-06-2009, 02:37 AM