السلطانة الكبيرة : ر واية بين الواقع والخيال
قرأت رواية بعنوان السلطانة الكبيرة للكاتبه الامريكية باربارا شيز بيبو . تدور الاحداث في مدينة اسطنبول عاصمة الامبراطورية العثمانية خلال فترة زمنية محدده تمتد من اواخر القرن الثامن عشر وحتى السنوات الاولى من القرن التاسع عشر.
تروي المؤلفة تفاصيل حياة النساء اللواتي كن يعشن في القسم المخصص لحريم السلطان في قصر (توب كابي) الشهير حيث عاش وتوفي اهم السلاطين العثمانيين وقد تحول الى متحف يزوره آلاف السياح سنويا.
تمزج الرواية بين الواقع والخيال وهي مستوحاه مباشرة من الاحداث التي عرفها الحكم العثماني خلال قترة انحطاطه والتي أدت الى سقوطه عند مطلع القرن العشرين.
بطلة الروايه تدعي (نقشي ديل) وهي ابنة عائلة فرنسيه كانت تعيش في جزر المارتينيك. وخلال سفرها مع مرافقتها السوداء على متن سفينة كبيره، وقعت اسيرة قراصنة بحر من كورسيكا ، ثم وصلت الى مرفأ مدينة الجزائر ، وهناك قرر احد تحار العبيد ان يهديها الى السلطان العثماني عبد الحميد.
كانت نقشي ديل في الخامسة عشر من عمرها عندما وصلت الى قصر توب كابي في اسطنبول وشيئا فشيئا راحت تتعرف على النساء اللواتي يعشن مثلها كجاريات في قسم الحريم. ومن المعروف ان قصر حريم السطان كان يغتذي سنويا من نساء يتم استحضارهن من مناطق مختلفة من الامبراطوريه. فكان في حريم توب كابي الروسيات واليونانيات والشركسيات وغيرهن ممن كن يعشن كجاريات في عالم مغلق يحكمه الرجال. وكانت الجارية المحظوظه هي التي تلفت انتباه السلطان، لتصبح عشيقة له ، او ليتزوجها ، واذا استمرت هذه العلاقة تصبح برتبة (كادين) اي زوجة السطان. اما الغاليدي فهي زوجة السلطان التي يحق لابنها ان يرث والده بعد وفاته..باختصار حتى تصبح الجاريه سلطانه عليها ان تمر بمراحل كثيره ان تجتاز صعوبات قد تتعرض خلالها للقتل من قبل حسادها.
ولقد عاشت نقش ديل بطلة الروايه هذه الاخطار جميعها. فهي بعد ان اعجب بها السلطان عبد الحميد ، عرفت كيف تكسب ثقته فتزوجها وانجبت منه محمود. بعد وفاه السلطان عبد الحميد انتقل الحكم الى سليم الثالث فأبعدت ديل عن قصر توب كابي وعاشت اياما حزينة بعد ان فصلت عن ابنها..غير ان الحظ ابتسم لها من جديد اذ ان اضطرابات كثيره عصفت بالامبراطورية خلال فترة حكم سليم القصيره ابرزها انتصار الجيش الروسي على الجيش العثماني ومطالبة البلغار والصرب بالاستقلال..هذه الاحداث أدت في الرواية الى مقتل سليم الثالث عام 1808 . وبعد فتره قصيرة يعين محمود سلطانا فتعود نقشي ديل الى قصر توب كابي حيث تتمتع بنفوذ كبير يكون لها تأثير مباشر على قرارات ابنهاالسلطان الذي احدث اصلاحات عديده في مؤسسات الامبراطورية المريضه,
تلك ابرز احداث الرواية (السلطانة الكبيره) - وهي على التزامها بأبرز الاحداث التاريخية التي مرت بها الامبراطورية العثمانية وسعيها لنقل تقاليد البلاط والتعبير عن الذهنية المسيطرة على عقل السلطان وحاشيته -يغلب عليها طابع الاستشراق بحيث يشعر القارئ القادم من الشرق بأن كاتبتها تكتب عن مجمتمع غريب تعرفت اليه من خلال الكتب..ويبدو ايضا من خلال هذه الرواية ومن خلال روايات اخرى مستوحاة من الشرق ان الهدف منها هو تحقيق الارباح التجاريه من خلال شد القارئ الى كل ما هو غرائبي ومدهش.
واخيرا انهارت دولة اسرار الحريم وانهار سلطة السلاطين.
تحياتي
لميس الامام