أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: العقل

  1. #1
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 141
    المواضيع : 29
    الردود : 141
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي العقل

    العقل
    تخلفت أوروبا طوال فترة العصور الوسطى , فقد توقف عمل العقل الأوربى , وساد الفكر الثيوقراطى الذى ربط كل فكر بالمفهوم الكنـــسى للدين , و كان أرسطـــو- 384- 322 ق.م - فلسفته و منطقه – هو المرجع و الملاذ , ُيتهم كل من يعارضه بالهرطقة و الخروج عن الدين .
    ساد الظلام و الجمود نتيجة إهمال إعمال العقل .
    وفى بداية عصر النهضة الأوربية – تحديدا خلال القرن السابع عشر .. بدأ التمرد على الجمود و على أرسطو و فلسفته , و بدأت الدعوة إلى تحرير العقل .
    قام ديكارت الفرنسى : 1596 – 1650 , و قاد حركة التمرد و وضع كتابه المسمى : " مقال فى المنهج Discour à la méthode " و تلاه فرانسيس بيكون الإنجليزى : 1561- 1626, الذى وضع كتابه الأورجانون الجديد Organon Novum – أى الأداة الجديدة - .. كلاهما دعا إلى طرح كل ما لا يخضع للعقل , و البدء اعتمادا على نبذ أرسطو و فلسفته التى تجمدت عندها العقلية الأوربية .
    و لم تكن تلك أول دعوة للعودة إلى العقل , فقد سبق بها – فى الفكر الإسلامى – كثيرون , كالمعتزلة و ابن رشد الذى كتب كتابا يعلى فيه من شأن العقل سماه : " فصل المقال فيما بين الحكمة و الشريعة من الاتصال " , و فيه يرى أن النص الدينى له وجهان : ظاهرى و باطنى , فإن اختلف المعنى الظاهرى مع مقتضيات العقل , وجب علينا أن نبحث عن المعنى الباطنى , أى من المعنى المباشر أو الحسى إلى المعنى العقلى .. و كان ابن رشد فى هذا مناقضا للإمام أبى حامد الغزالى (505 هـ ) .
    و كانت صيحة ابن رشد هذه مبدأ الصرخة الأوربية الداعية إلى العقل , فقد وصل الفكر الأوربى إلى مبدأ : " لا سلطان على العقل إلا العقل نفسه " , و يقول الفيلسوف الألمانى إيمانويل كانط – 1724- 1804 : " كن جريئا فى إعمال عقلك من غير معونة الآخرين " .
    اليوم : هل العقل العربى قادر على الإبداع , و إن كان فما الذى يعوقه ؟
    لقد كان لعصور طويلة من الإستعمار – عثمانى و غير عثمانى – أثر رهيب فى ضمور العقل العربى و تخاذله عن الإبداع رغم قدرته عليه , ثم حين تولى بلاد العرب أبناؤها , ساروا على الدرب و النهج الذى سلكه الاستعمار , إن قدرة العقل على الإبداع كامنة بداخله , يلزمها محيط اجتماعى محفز .. احترام العقل , احترام المفكرين , تقدير العلماء , و لا يتم هذا إلا فى إطار من الديمقراطية الحقيقية التى تعنى التخلص من هيمنة القوى الاجتماعية المتخلفة على أمورالمجتمع و السلطة السياسية , مما يعوق قدرة العقل على النقد الذاتى و الانطلاق إلى ميادين الإبداع الرحبة .
    يحلو للبعض أن يذكر نماذج للعقلية العربية حين تهجر الوطن مستوطنة أوطانا غربية , فتبزغ و تتدفق إبداعاتها .. أليس ذلك دليلا على صدق المقولة : أن قوى المجتمع : سياسية و مدنية غير مهيئة لقبول الإبداع , بل و اضطهاد المبدعين ؟
    مصطفى سلام

  2. #2
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الاستاذ العزيز مصطفى سلام

    دعني امحص معك ماورد في مقالكم الثري

    1\
    قولك
    كان أرسطـــوبفلسفته و منطقه يتهم كل من يعارضه بالهرطقة و الخروج عن الدين .
    لابد ان ندرك ان الدين الذي كان في زمن ارسطو هو الوثنية ... ودعوة ارسطو الى نكرانه انما هي دعوة تنسجم مع العقل الغريزي الذي يعرف خالقه الحق

    2\
    قولك
    كان ابن رشد فى هذا مناقضا للإمام أبى حامد الغزالى (505 هـ ) .
    لااعتقد بوجود اية تناقض
    فالاول ينطلق من قاعدته العقلية في فهم خطاب الشريعة والثاني انطلق من قاعدته الفقهية
    ان للغزالي نظرية كاملة عن المعرفة كما لابن رشد نظريته
    والاختلاف في الجزئيات لا في الاصول المعرفية
    اقرأ ان شئت تفاصيل هذا الرأي في كتاب ( قصة الايمان) لنديم الجسر
    3\
    قولك
    لقد كان لعصور طويلة من الإستعمار – عثمانى و غير عثمانى – أثر رهيب فى ضمور العقل العربى

    لااوافقك على اعتبار ان الفترة العثمانية هي فترة استعمار مالم نتفق على مصطلح الاستعمار

    \
    تقبل بالغ تقديري ومحبتي
    الإنسان : موقف

  3. #3
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 141
    المواضيع : 29
    الردود : 141
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    الأستاذ الفاضل خليل حلاوجى
    مداخلتكم لا شك لها وزنها و أضافت ثراء إلى النص الأصلى .. و لكن اسمح لى :
    أولا فيما يختص بأرسطو :
    كان الحديث عن العقلية الأوربية فى العصور الوسطى , و كان أرسطو هو معيار الصواب و الخطأ فى تفكيرهم العقلى , و لو رجعت إلى النص الذى كتبته لوجدت أن الفعل ( يتهم ) مبنى للمجهول و قد وضعت على يائه ضمة لتوضيح ذلك ، و بذلك يتبين أن المعنى هو أن من يخرج على فلسفة أرسطو و منطقه يتهمه المفكرون الكنسيون فى العصور الوسطى بالهرطقة .. و قد كان ذلك صحيحا .
    و مما يجدر ذكره فى هذا الصدد أن الإمام الغزالى كان له موقف مضاد للفكر الفلسفى تجلى فى كتابه الشهير : " تهافت الفلاسفة " حيث رد عليهم و قارعهم الحجة بالحجة !!! أى أنه استخدم الفلسفة و العقل فى نقض الفلسفة ، فرد عليه ابن رشد بكتابه الشهير أيضا : " تهافت التهافت " .ثانيا : فيما ذكرت عن الغزالى و ابن رشد : فابن رشد يؤمن بالعقل ، و الغزالى يؤمن بالنقل ، و لا يرى - ابن رشد تعارضا بين الحكمة و الشريعة - أى بين العقل و النقل - و له فى ذلك رسالة هى "فصل المقال فيما بين الحكمة و الشريعة من الاتصال " ، و فيها أن الحق الذى نصل إليه بالعقل لا يناقض الحق الذى نصل إليه بالشريعة ’ بل يؤيده و يقويه ، فالاختلاف بين الرجلين كان على المنهج لا على الأصول ، و لقد كان ابن رشد يرى أنه إن اختلف ظاهر الآية مع مقتضيات العقل ، فلا بد أن يكون لهذه الآية معنى آخر غير الظاهر نصل إليه بالعقل - أى التأويل .. و فى هذا تأكيد منه على أن الإسلام دين العقل .

    لقد كان ابن رشد فيلسوف العقل فى زمانه ، لكن - للأسف - أتى فى زمان كان العقل العربى فى طريقه إلى الانغلاق بينما كان العقل الأوربى فى طريقه إلى الانفتاح ، فاستفاد الغرب بابن رشد أضعاف ما استفاد به و منه المسلمون .
    ثالثا : فيما يختص بالحكم العثمانى : أوافقك فى أنه لم يكن استعمارا بل تخريبا و إظلاما ، انظر ما فعله سليم الأول حين غزا العالم العربى ؟ .. ألم يفرغه من علمائه و حرفييه و اقتادهم إلى بلاده ، و ضرب على العالم العربى سياجا عزله عن العالم الذى كان يمر آنذاك فى عصر نهضة رائعة ..
    الموضوع أطول من أن يناقش فى عجالة ..
    فلنلتق إذن فى رؤى قادمة ..شكرا لمداخلتك .
    مصطفى سلام

  4. #4
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    في مقالتي ( نقد المنطق الارسطي وتطبيقاته ) وضعت فاصلا ً زمنيا ً لأبين ماهو مقبول أخذه من رؤى ارسطو وماهو مرفوض مذموم .
    وهذا الامر له علاقة بمنطلقات الرجلين العظيمين .... الغزالي وبن رشد

    اتمنى منك قراءتها والتعليق .... لعلني أستفاد من خبرتكم ونقدكم .... ايها الاخ الكريم

    وتقبل بالغ تقديري .... ومحبتي

    نقد المنطق الارسطي وتطبيقاته

    قبل أن أعرج على دراسة المبادى التي قام عليها منطق ارسطو في
    1\ مبدأ العقلانية
    2\ مبدأ السببية
    3\ مبدأ الماهية
    أود أن أطوف معكم لنرى أرسطو الذي نجح في زمنه في تنظيم الفكر فهو من وضع قواعده وعد من أكبر العقول الجبارة ..
    ولأن المعرفة كأي كائن حي تنمو مع الزمن
    ولكون النظام الفكري والاجتماعي يكون صالحا ً لفترة ما ثم مايلبث أن يصبح قيد قد يعيق محور تجدد الحياة فأنه لايكمننا أعتبار آراء أرسطو مقدسة لايمكن المساس بها أو تغييرها أو التشكيك بها خاصة ونحن اليوم نعيش الالفية الثالثة للميلاد أرى أن آراء ارسطو كانت السبب في إشاعة الجمود وتشوش طرائق التفكير عند الكثير من الناس .
    سأركز اليوم على صفتين من منطق أرسطو
    1\ منطقه الصوري
    2\ منطقه الاستنباطي

    أولا ً : صورية المنطق

    كان ارسطو يؤكد على أهمية البحث في (مادة) الفكر علاوة على( صورته ) فتمثالين متشابهين أحدهما من ذهب والآخر من خشب عند ارسطو لايستويان وإن بدا للعيان التشابه الصوري الظاهري
    ولكن المناطقة الذين جاؤا بعده أهملوا سنته هذه فحصروا التفكير في صورة الاشياء وحلقوا في عالم التجريد الفكري مبتعدين عن مجريات الحياة الواقعية ( إقرأ كتاب المنطق وطرائق العلم العامة لجميل صلبيا وكامل عياد ص 60 )
    وجاراهم غالبية المفكرين المسلمين حين بحثوا في ( صور ) تجردت من ( مواردها ) ولأضرب لذلك مثالا ً فرجل مثل الماوردي في كتابه ( الاحكام السلطانية ) وهو يبحث الامامة يتغافل عن صور أمامه في واقع الحال حين كان التنازع تعقد لرجلين ايام نزاع بني العباس مع الفاطميين وغيرهم
    انه يأخذ الموضوع من ناحيته الشكلية البحتة فيقول
    ان الامامة قد تعقد للرجل الذي سبق منافسه بأخذ البيعة من الجماهير ( لكن الواقع يقول ان انهارا ً من الدماء سالت ولم يتم تطبيق هذا الكلام )
    ثم يذكر ان من الفقهاء من يذهب الى حسم المسألة عن طريق القرعة منعا ً للتخاصم اذ يسلك كلا الخليفتين الامر لاهل الحل والعقد ( والواقع يقول بعقم هذه الفكرة )
    ان الماوردي بحث أخطر قضية لافيما هو كائن أمام ناظريه فعلا ً وأنما فيما يجب ان يكون صوريا ً ولم يدلنا على تنفيذ هذه الاماني عمليا ً وكيف أن السلطان يتبعه قادة جيشه ووزراؤه وحاشيته والمنتفعين منه وهم أصل مسألة النزاع على كرسي الحكم ...
    ومفكري اليوم يتبعون ذات السبيل في قضايا مصيرية تخص الامة وابناءها ، لاحظ رؤيتهم عن البنوك الاسلامية كيف اشبعت جدلا ً وهم يتناسون الفوضى الربوية للتعاملات العالمية
    وكذا قضية حجاب المرأة كيف اتخمتنا وعضيا ً متناسين أن من الأرقام المرعبة أن نصف النساء العربيات أميات. وهي أعلى نسب في الأمية بين النساء في العالم كله. أليست هذه أرقام كئيبة؟
    ولكن هل النصف الآخر منهن «تقرأ» فعلا؟ ما أسأل عنه هو ليس فك الحرف، وانما كيف تحمي المرأة نفسها وهي غير واعية وأيهما أولى حجاب الشعر أم حجاب الفكر
    وكذا قضية عالمية الاسلام كون الرسول هو رسول الله الى الناس جميعا ً ظاهر الامر والواقع يقول أن الفقهاء يقسمون الارض الى دار حرب ودار سلم بحيث ام مواطنا ً فرنسيا ً مسلما ً يعد السرقة هناك حلالا ً كونها من الغنائم
    أننا اليوم مطالبين بتغيير طرائق تفكيرنا ورفض المنطق الصوري وبحث معضلاتنا من خلال نظرة تنطلق من الواقعية والابتعاد عن الرسم في الفراغ

    \

    https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=15951

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    المشاركات : 10
    المواضيع : 2
    الردود : 10
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    السلام عليكم
    اعتقد ان الامام الشاطبى قد حل مشكلة العقل المسلم ( والعربى) فى كتابه الموافقات فى المقدمات العشر الاولى من كتابه

  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الاستاذ محمد اقبال

    نرحب بك وبانضمامك الى هذه الحوارية ... النافعة

    رجوتك ايها الفاضل ان تضع لنا هذه المقدمات العشر ... ليتسنى للقارىء الاطلاع
    ومن ثم نبدأ بمناقشتها سوية

    بورك مرورك الكريم

  7. #7
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 141
    المواضيع : 29
    الردود : 141
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    أتمنى من الأستاذ محمد إقبال ما تمناه منه الأستاذ خليل
    و له كل التقدير،،
    مصطفى سلام

  8. #8
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    المشاركات : 10
    المواضيع : 2
    الردود : 10
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    السلام عليكم
    قبل الحديث عن مقدمات الامام الشاطبى لا بد من توضيح نقطه مهمه بالنسبة لى وهى انه من خلال قراءة كتاب الامام الشاطبى وخاصة المقدمات تبين لى اننا بحاجة الى محاولة لاعادة كتابة تاريخنا وايضا بحاجة الى انصاف علمائنا المسلمين ففى الوقت الذى كان اساتذة كلية أصول الدين بجامعة الازهر بقسم العقيدة والفلسفة يلقنوننا ان مؤسس المنهج الاستقرائى هو جون ستيوارت مل الانجليزى المشهور كانت مقالة الامام الشاطبى فى بيان وجه قوة الاستقراء تتردد فى ذهنى وهو ( فان للاجتماع من القوة ماليس للافتراق ).
    انه لشئ غريب ان يحدث هذا فى جامعة الازهر .
    استخدم الإمام الشاطبي المنهج الاستقرائي في كتابه " الموافقات"، و سنقف مع بعض الأمثلة الدالة على ذلك: 1) المثال الأول: في المقدمة الأولى التي أوردها في مستهل كتابه حيث قال: « إن أصول الفقه في الدين قطعية لا ظنية؛ و الدليل على ذلك أنها راجعة إلى كليات الشريعة، و ما كان كذلك فهو قطعي. بيان الأول ظاهر بالاستقراء المفيد للقطع» .

    2) المثال الثاني: إثبات مقاصد الشريعة؛ فلقد أثبت الشاطبي أن مقاصد الشريعة بمراتبها الثلاث: ضروريات، حاجيات، تحسينيات مرعية في الشريعة الإسلامية على أساس منهج الاستقراء، فقال: «وذلك أن هذه القواعد الثلاث لا يرتاب في ثبوتها شرعا أحد ممن ينتمي إلى الاجتهاد من أهل الشرع. و دليل ذلك استقراء الشريعة، والنظر في أدلتها الكلية والجزئية و ما انطوت عليه من هذه الأمور العامة، على حد الاستقراء المعنوي الذي لا يثبت بدليل خاص».

    3) المثال الثالث: يقول الإمام الشاطبي: «و إنما الأدلة المعتبرة هنا المستقرأة من جملة أدلة ظنية تضافرت على معنى واحد حتى أفادت فيه القطع، فإن للاجتماع من القوة ما ليس للافتراق، و لأجله أفاد التواتر القطع. و هذا نوع منه، فإذا حصل من استقراء أدلة المسألة مجموع يفيد العلم. فهو دليلي المطلوب، وهو شبيه بالتواتر المعنوي…» .

    4) المثال الرابع: قوله «و المعتمد إنما هو أن استقرينا من الشريعة، أنها وضع لمصالح العباد استقراءً…» .

    5) المثال الخامس: قوله: «و دليل ذلك استقراء الشريعة ، و النظر في أدلتها الكلية و الجزئية، وما انطوت عليه من هذه الأمور العامة، على حد الاستقراء المعنوي الذي لا يثبت بدليل خاص، بل بأدلة منضاف بعضها إلى بعض، مختلفة الأغراض، بحيث ينتظم من مجموعها أمر واحد تجتمع عليه تلك الأدلة» .

    هذه ملامح أولية للمنهج الاستقرائي عند الإمام الشاطبي، وما يكتنزه كتاب الموافقات أكثر مما ذكرناه ،وإنما كان قصدنا الإشارة والتلميح إلى ضرورة العناية العلمية والمعرفية بتراثنا الفكري خصوصا في جانبه المنهجي الذي يعد مدخلا لتجديد نظرتنا إليه والاستفادة منه، في أفق أن تستأنف الأمة الإسلامية نهضتها من أجل رفد الحضارة الإنسانية بما يسدد مسارها ويؤنس وحشتها .

  9. #9
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    شكرا ً لعودتك أخي الكريم

    الحقيقة ان محمد جابر العابدي كتب سلسلة من المقلات في جريدة الاتحاد وهو يشرح نظرية الشاطبي

    سأضع رؤيتي واعتراضي على النقاط الهامة التي اوردتها هنا ايها الاخ المكرم
    ومع اتعراضاتي على ماذهب اليه العابدي

    \

    تقبل بالغ تقديري

  10. #10
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    الشاطبي وإعادة تأصيل الأصول



    د. محمد عابد الجابري

    قلنا في المقال السابق "إن طريقة الغزالي هي التي سادت في المؤلفات الأصولية اللاحقة إلى اليوم (خارج مؤلفات الحنفية) وإن كتابه "المستصفى من أصول الفقه" قد ظل المرجع الأول والأخير في هذا العلم"! هذا قول صحيح بالنسبة لتاريخ السلسلة المتصلة لتاريخ علم أصول الفقه، ولكنه غير صحيح بالنسبة للممارسة العلمية في هذا العلم!
    ذلك أن طريقة جديدة تماماً، سواء على مستوى المنهج أو على مستوى تصور بناء "أصول الفقه"، قد برزت واضحة مكتملة مع أبي إسحاق الشاطبي (إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المتوفى سنة 790 هـ)، الذي يمثل بحق قمة ما وصل إليه العقل العربي في ميدان الأصول.
    أما لماذا بقي الشاطبي مجهولاً أو "منفوراً" منه، فذلك ما يمكن أن يكوِّن فيه القارئ الذي يجهله، رأياً خاصاً به، بعد هذا الذي سنكتبه عنه. أما الآن فقد يكفي أن نذكر ما قاله الشيخ عبدالله دراز محقق كتاب الشاطبي "الموافقات في أصول الشريعة". لقد تساءل بعد أن أبرز أهمية هذا الكتاب وتميزه عن المؤلفات السابقة في علم الأصول : "إذا كانت منزلة الكتاب كما ذكرت، وفضله في الشريعة على ما وصفت، فلماذا حجب عن الأنظار طوال هذه السنين ولم يأخذ حظه من الإذاعة بله العكوف على تقريره ونشره بين علماء المشرق؟"، ويجيب : إن ذلك راجع إلى أمرين : "أحدها أن المباحث التي اشتمل عليها الكتاب مبتكرة مستحدثة لم يسبق إليها المؤلف... وجاء في القرن الثامن 790 هـ بعد أن ترسخت طريقة الأصوليين السابقين وصارت كل ما يطلب من علم الأصول". وثانيهما أن كتابة الشاطبي مركزة كثيفة "تجعل القارئ ينتقل في الفهم من الكلمة إلى جارتها، ثم منها إلى التي تليها، كأنه يمشي على أسنان المشط، لأن تحت كل كلمة معنى يشير إليه وغرضاً يعول في سياقه عليه".
    إننا نتوقع من القارئ غير "المختص" (وهو مخاطبنا الرئيس في هذا المقال) أن يخرج من هذا الملخص الوجيز الذي سنخصصه للشاطبي مقتنعاً بأننا فعلاً أمام شخصية علمية في مستوى سلفه ابن رشد ومعاصره ابن خلدون. أما إذا كان القارئ ممن له إلمام بما يروج في الإيبيستيمولوجيا المعاصرة (=علم أصول المعرفة العلمية)، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتعرف فيها على الشاطبي، فإننا لا نشك في أنه سيهتز دهشة وتعجباً، لأنه سيقرأ في خطاب الشاطبي نفس المعاني التي يقرؤها في خطاب فلاسفة العلم المعاصرين. وفي هذه الحالة، فإننا نطلب منه أن يستعين برصانة فكر الشاطبي واتزانه فلا يسلك مسلك بعض الباحثين العرب المعاصرين، الذين انفعلوا عند قراءتهم الغزالي انفعالاً قادهم إلى القول بأنه "سبق ديكارت إلى الشك" و"سبق هيوم إلى فكرة العادة"! في تاريخ العلم تتشابه الأفكار فعلاً، ولكن السياق قد يختلف اختلافاً لا يترك مجالاً للمقارنة.
    لنعد إلى موضوعنا ولنجمل في كلمات جانب التجديد والإبداع في منهج الشاطبي. إنه يتمثل في تطوير وتجديد التفكير في ثلاث مسائل منهجية في الفكر الأصولي الإسلامي:
    المسألة الأولى سبق أن مارسها ونوه بها ابن حزم، قبل الغزالي، وهي الدعوة إلى اعتماد الاستنتاج (أو القياس الجامع)، بدل قياس الغائب على الشاهد أو الفرع على أصل. وهذه الخطوة المنهجية التي دعا ابن حزم إلى اعتمادها في ميدان الشريعة بديلاً عن قياس الفقهاء قد طبقها ابن رشد، وبمهارة في ميدان العقيدة، بديلاً عن منهج المتكلمين، الاستدلال بالشاهد على الغائب. ويأتي الشاطبي ليستلهم التطبيق الرشدي للخطوة المنهجية الحزمية ويدشن مقالاً جديداً تماماً في المنهج الأصولي قوامه :"أن كل دليل شرعي فمبني على مقدمتين: إحداهما نظرية تثبت بضرورة الحس أو بضرورة العقل أو بالنظر والاستدلال، أما الثانية فنقلية تثبت بالنقل عن الشارع نقلاً صحيحاً. الأولى ترجع إلى تحقيق مناط الحكم في كل جزئي فهي مقدمة صغرى، والثانية ترجع إلى نفس الحكم الشرعي، وهو يعم سائر الجزئيات التي من نفس النوع، فهي مقدمة كبرى. وينبه الشاطبي إلى أن كون الدليل الشرعي يُبنى على مقدمتين لا يلزم عنه بالضرورة أن الأدلة الشرعية يجب أن يطبق عليها ما يقرره أهل المنطق في شأن القضايا، من اعتبار التناقض والعكس وما يقررونه في شأن أشكال القياس الجامع (كما فعل الغزالي والذين ساروا على دربه)، وإنما "المراد –يقول الشاطبي- هو تقريب الطريق الموصل إلى المطلوب على أقرب ما يكون وعلى وفق ما جاء في الشريعة" وأن يُتحرى فيه "إجراؤه على عادة العرب في مخاطباتها ومعهود كلامها". وهذا يعني أن الصياغة المنطقية في أصول الفقه لا يجب أن تحصر نفسها في "استثمار الألفاظ" بل يجب أن تنفتح على معهود العرب في خطابهم ككل.
    والمسألة المنهجية الثانية هي الاستقراء، وقد سبق لابن حزم أن دعا إلى اعتماده منهجاً في التعامل مع النص القرآني خصوصاً عندما يتعلق الأمر بلفظ يبدو لأول وهلة أن معناه الظاهر يختلف عما تقرره بديهة الحس والعقل، ففي هذه الحالة يجب على الأصولي ألا يسجن نفسه في الدائرة اللغوية لهذا اللفظ، بل عليه أن يقوم باستقراء وجوه استعمال ذلك اللفظ في القرآن ككل، ليهتدي بذلك إلى المعنى الذي قصده الشارع. وقد تبنى ابن رشد هذه الخطوة المنهجية ونوه بها في كتاباته الإسلامية (فصل المقال، والكشف عن مناهج الأدلة، بداية المجتهد). ويأتي الشاطبي ليوظف هذا التطبيق الرشدي للاستقراء الحزمي توظيفاً جديداً قوامه استخلاص "كليات الشريعة" التي هي "كليات استقرائية"، (والتعبيران كلاهما للشاطبي).
    تبقى المسألة المنهجية الثالثة وهي: ضرورة اعتبار مقاصد الشرع. وهذا ما ركز عليه ابن رشد بصفة خاصة في كتابه "الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة"، فجاء الشاطبي ونقل تطبيق هذه الخطوة من مجال العقيدة إلى مجال الشريعة فدعا إلى ضرورة بناء أصول الفقه على مقاصد الشرع بدل بنائها على "استثمار الألفاظ" كما دأب على العمل بذلك علماء الأصول انطلاقاً من الشافعي. وبذلك يكون الشاطبي قد خرج عن سمت المؤلفين في الأصول منذ الشافعي ليشق سبيلاً أخرى مختلفة تماماً.
    كان الشاطبي واعياً بهذا تمام الوعي ولذلك لم يتردد في التصريح بأنه بصدد "تأصيل أصول" علم الشريعة. والهدف هو إعادة بناء هذا العلم بالصورة التي تجعل منه علماً برهانياً، علماً مبنياً على "القطع" وليس على مجرد الظن، وهذا ما يصرح به في أول مقدمة من المقدمات المنهجية الثلاث عشرة التي استهل بها كتابه، حيث نقرأ له أول ما نقرأ بعد خطبة الكتاب قوله: "المقدمة الأولى في أن أصول الفقه في الدين قطعية لا ظنية. والدليل على ذلك أنها راجعة إلى كليات الشريعة، وما هو كذلك فهو قطعي. بيان الأول ظاهر بالاستقراء المفيد للقطع، وبيان الثاني من أوجه: أنها ترجع إما إلى أصول عقلية وهي قطعية، وإما إلى الاستقراء الكلي من أدلة الشريعة وذلك قطعي أيضاً، ولا ثالث لهذين إلا المجموع منهما، والمؤلف من القطعيات قطعي. وذلك أصول الفقه".
    يريد الشاطبي أن يجعل من علم الشريعة علماً برهانياً، علماً مبنياً على "القطع" ؟ فكيف يحدد العلم؟ وقبل ذلك ما معنى "القطع" هنا؟
    القطع هو الجزم. وهو ضد الظن. فإذا كان النص واضحاً لا يحتمل لفظه التأويل فهو قطعي الدلالة مثل قوله تعالى: "والله بكل شيء عليم"، ومثل الآيات التي تقرر أركان الإسلام من صلاة وصيام وزكاة وحج، وكذا التي تقرر وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوب القسط والعدل، ووجوب اجتماع الكلمة... الخ. أما إذا لم يكن النص كذلك بأن كان فيه مجال للتأويل فهو ظني الدلالة. أما الحديث فهو قطعي السند إذا كان متواتراً، وظني السند إذا كان غير متواتر. وبما أن الأصوليين قد اعتمدوا منذ الشافعي على الاستنباط (استنباط المعنى من النص الديني) والقياس (قياس ما ليس فيه نص على ما فيه نص)، وبما أن القياس الفقهي إنما يقوم في أقوى أنواعه على "العلة" التي يظن الفقيه أنها المقصودة بالحكم، فإن الشريعة في مجملها إنما تقوم على الظن، وهذا باعتراف الفقهاء أنفسهم. وما يريده الشاطبي هو، كما قلنا، بناء الشريعة كلها على القطع وذلك بإعادة صياغة أصولها بصورة تجعل منها علماً برهانياً. فكيف استقام له ذلك؟

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. قليلات العقل وكاملو العقل..
    بواسطة نبيل عودة في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 12-08-2012, 06:44 PM
  2. دور العقل في الاسلام
    بواسطة محمد حافظ في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-01-2005, 11:01 AM
  3. محنة العقل العربي
    بواسطة عمرو اسماعيل في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 09-01-2005, 09:21 PM
  4. حيرة العقل بين العادة والعبادة
    بواسطة عبدالله الخميس في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-11-2004, 01:16 PM
  5. توسيخ العقل المسلم...
    بواسطة يراع في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-11-2004, 07:26 AM