في معرض القراءات لبعض المبدعين الناشئين نلاحظ ان هناك بالنسبة للتشكيل الشعري على بساطته يحاول الناشئ الالتزام بالبحر الشعري او بالقافية الشعرية .. ومن ثم هناك ايضا من ينتمي في كتابته الابداعية على بدايتها الى نمط الكتابة الشعرية الحرة . ولكن الى اي مدى يجب الالتزام في بداية التمرين على الكتابة الشعرية بالأوزان الشعرية والمران على استخدام البحور الشعرية .. التي ارى ان هناك سببا مباشرا نفسيا في توظيفها عند المبدع الناشئ ..وذلك أن بداية التميز في الشعور بالاشياء والمحيط يأخذ هذا الشعور امتدادا افقيا ورأسيا .. الافقي يخدم عملية المسح الشعوري للمحيط والامتداد الرأسي يعمل عملية تبئير للشعور وتنميط له ايضا .. بحيث يمكن اثناء ممارسة الكتابة تحديد نمط الكتابة الذي سوف يستوعب او يحتوي هذا الشعور . ومن ثم فإن مبتدئ القصة بخلاف مبتدئ الشعر .. ذلك ان كاتب القصة او الرواية تأخذه أو يهتم بالتفاصيل .. غير من يبدأ بالشعر يركز اهتمامه برد فعله او ردة الشعور لديه اتجاه المواقف مثلا او حالات المشاعر او التجارب الخاصة .. من هنا لا يهتم بالتفاصيل الخارجية إنما يهتم بالتفاصيل التي تخصه او التفاصيل التي تخدم غرض كتابته عن شعوره .. ومن ثم اللجوء الى اوزان الشعر ما هو إلا لتحجيم الدفقات الشعورية والخروج عن نمط السردية التي قد تأخذه الى مجال السردية المفتوحة .. ومن ثم يمكنا القول عند الحديث عن الكتابة الشعرية أن القصد من تأسيس البيت الشعري هو تكثيف الدفقة الشعورية وتقديمها في صورة منضبطة.. بمعنى انها تركز على بؤرة الشعور فقط بلا تفاصيل جانبية او تلوينات هامشية .. بخلاف نمط كتابة الخاطرة التي ترتهن الى موسيقى المفردات وتشكيل البناء اللغوي من حيث انسجام العبارات او الموسيقى الداخلية التي لا تشكل عائقا نفسيا عند التلقي . او الكتابة .. لان الخاطرة بخلاف القصيدة تبتغي الشرح والتفصيل بأقل قليلا او كثيرا من السردية القصصية أو الروائية.. ومن ثم يمكن القول بان الخاطرة الشعرية قد يمكن توظيفها في سياق السردية القصصية او الروائية .. ولكن حديثي هنا عن لجوء او سبب لجوء كثير من المبدعين الناشئين الى التماس الميزان الشعري لصب الدفقة الشعورية الحاضرة لديهم في هذا البحر او ذاك .. من بحور الشعر .. ومن ثم يأتي بعد فترة من الزمن غير طويلة وغير قصيرة ايضا يصبح بامكان الناشئ الخروج عن التفعيلة او القافية الشعرية المتلازمة في مدى صوتي واحد .. عند هذه النقطة يكون المبدع المبتدئ قد استطاع ان يخلق ميزانه الشعري او الضابط الداخلي لتحقيق مستوى من الموسيقى الداخلية التي تتحقق من خلال الجملة الشعرية او الصورة الشعرية التي شكلها .. ولكن امامنا بعض من نماذج الكتابة الناشئة التي تأخذ عدة أشكال أو تتأرجح بين الخاطرة الشعرية او القصيدة المقفاة .. هذا بخلاف النص القصصي المتشكل عبر أدوات المحاولة الأولى وإن انتابه خلط في الاصوات او جملة الضمائر التي تمركزت في شخصية الناشئ او الكاتب الناشئ أي اتخذ الناشئ ضمير الكاتب العالم بكل شيء .. حتى لو كان هناك شخصيات فقد اخذت مستوى ثانوي .. ومن ثم يركز الناشئ على رؤيته هو ككاتب للنص وايضا كشخصية اساسية ومحورية في التوصيل .. وعند تحديد مستويات الوعي بالضمائر .. نقول ان اساس احساس الناشئ يبدأ من حيث التماس الاحساس بالمحيط والتجاوب الفعلي بينه او بين ضميره وبين محيطه .. هي إشارة أو علامة مبهمة نوعا ما ولكنها حاضرة في المحاولة الأولى .. وذلك لتأثر الناشئ باسلوب المطالعة في الكتب المدرسية .. وتستمر حتى عدة محاولات لاحقة لدى الناشئ .. حتى يتمكن من تبصر خريطة الضمائر في تشكيل السردية لديه .. ولكن ما يحتكم اليه عند معالجة الكتابات الناشئة هو مستوى
مساحات السردية التي تحدد مدى وعي الناشئ بالتفاصيل او بعضها او كيفية صياغة مباشرة الحوار وتوجيهه للقارئ او للذات على اعتبار ان الناشئ يكتب اول ما يكتب لنفسه .. وليس للغير .. للوصول الى تفاهم او تفاعل بينه وبين نفسه او يقول ما لا يستطيع قوله .. في العادة .. ثم تستجيب حركة الوعي لديه لان يصيغ سؤاله الوجودي عبر كتابة تحاول الوصول الى إجابة له شخصيا .. ومن ثم لا يكون الاهتمام عند الناشئ بتفاصيل الآخر او تصوره أو تصور وجوده في الاصل .. ولكن بعد التفاعلية بين هذا الناشئ والقارئ يبدأ في التعرف على ايجابيات الكتابة لديه يبدأ من ثم في تصور هذا القارئ الضمني ومن ثم يتحرك لديه تصور الضمائر وحركية السرد .. وهكذا وذلك بعد أن يتمكن من تدريب بصيرته على استشفاف اكثر من صوت واحد ومن ثم يصبح قادرا على استحضار وتمييز اصوات الضمائر .. وبعد أن كان يأسره او يشد انتباهه موقفا واحدا او حدثا بسيطا .. يصبح من خلال تطور موهبته او صقلها من خلال القراءة بالطبع او المران اليومي على محاولة الكتابة . . يصبح قادرا على اكتشاف حركية الحدث او التقاط مناطق اشتباكه مع اكثر من حدث في آن .. ومن ثم اقتناص الدلالة الموحية من هذا الترابط بين الاحداث ..