سلام الـلـه عليكم
اطلالة سريعة على قصة " الحنش " للأديبة الكبيرة الاستاذة زاهيــة
" الحنش " قصة بين الواقعية والرمزية , فإن كانت القصة قد أخذت منحى السرد الواقعي , ولكنها حفت بمدلولات واشارات لها الكثير من الاسقاطات الاجتماعية والنفسية والاخلاقية , ولعل أهم ما يميّز هذه القصة اللغة الراقية المستخدمة في بناء النص , وقد جاءت الكلمات قوية سهلة دون تكلف , وتمّ بناء النص بدفقات متتالية محسوبة جيدا , ليصل الى حالة التوتر العليا , باسلوب غريب , ولقد أحسنت الأديبة نوف السعيدي التعبير عن هذا الاسلوب عندما شاركت في قراءة هذه القصة :
"فاجأتني بهذا الاسلوب في الكتابة لقد بدأت بخطوات بسيطة حتى حسبت نفسي
أمام قصة أطفال
بعدها بدأت الامور تزداد حرارة وتوترا وصرت تائهة بين كثير من الافكار اللحظية "
وفعلا فإن النص يكاد يدخل القارئ في حكايا عوالم الطفولة , محفّزا تحريك الخيال ليذهب في مناح تقليدية , ثم تأتي المفاجأة المدهشة , عندما يتحول القص الممتع الى لقطة درامية غير منتظرة :
"وذات مساء أخبر رامز بأن والده ألقي القبض عليه , وهو يسرق البيض من قنِّ عديلة.. "
وكما أشار الأديب علاء الدين حسو , فيما يتعلق بالمفتاح الأكثر بروزا في القصة , وهو الحنش , وهو رمز مستخدم في الأدب العربي وخاصة عند أدباء بلاد الشام , قد تمّ استخدامه بشكل غير متوقع :
"نص متطور للشاعرة زاهية لان الافعى عند تامر لم تقتل وعند وليد اخلاصي اختقت ضمن البيت ولم تنجح الوصول اليها ..اما هنا نجد حنشا وتم القضاء عليه ! "
ولعل الكاتبة ارادت من فكرة القاء القبض على " الحنش " تصوير حالة مجتمع , أو الدلالة على مشهد لحالة اخلاقية بدأت بالبروز , في مجتمعاتنا , حيث من يدعي الخير والبطولة , أو من ينظر إليه بأن رمز الخلاص والبطولة , لاينأى عن كونه أصل المشكلة , إنها الازدواجية الاخلاقية , بين الخير والشر , وأنا ارى بأن الديبة قد نجحت الى حد كبير في ايصال هذه الرسالة .
وفي النهاية , لابد أن أشيد بالقصة والمهارة التي سبكت بها .
د. محمد حسن السمان