--------------------------------------------------------------------------------
وضعت طفلها البكر منذ اثني عشر يوما فقط .....اتنا عشر يوما و هي تلازم الفراش تطبيقا لبروتوكولات النفاس
يجب عليها أن ترتاح من عناء الحمل و الولادة ......أقاموا لها احتفالا كبيرا و رقصوا و غنوا و هي جالسة في سريرها و قد منحتها الولادة الاولى جمالا فوق جمالها ....و لكنها في راحتها الجسدية لم ترتح فكريا فما زال عليها أداء الامتحانات .....تكومت على الطاولة امامها اكوام من الكتب و الدفاتر و الملفات .....لكنها لا تعرف كم درست و ذاكرت .....هذا الطفل الصغير النائم بجانبها يمنعها من الدراسة .....كانت تترك الكتاب جانبا و تسهب في وجهه الصغير الأبيض و عينيه المغمضتين و يديه الصغيرتين جدا حتى لتحسب الأصابع الصغيرة شوكولاته بيضاء .....في بعض اللحظات رأتها شهية جدا
هذا الطفل الجميل يستفيق طالبا الرضاعة ببكاء الأطفال و عندما تضمه إلى صدرها يهدأ ويستكين
اليوم ستخرج من البيت للمرة الأولى .....ستذهب إلى الجامعة لتؤدي امتحانا ......انخلع قلبها : كيف سأتركه لمدة ثلاث أو أربع ساعات ؟
قالت لها حماتها و امها : اذهبي و لا تحملي هما .....نحن نعرف كيف نرعاه جيدا
ارتدت ملابسها وخرجت
أقلها والدها بسيارته .....حاولت ألا تفتح معه حديثا حتى يتسنى لها مراجعة بعض المعلومات
لكنه لاحظ توترها من حركاتها العصبية
-قلقة؟ أنهي هذه السنة و تتخرجين و من ثم ترتاحين من هم الامتحانات
-نعم قلقة و لكن ليس من الامتحان ....قلقة على الطفل
-لا تقلقي ...هو بخير ...مئة يد ترعاه الآن
دخلت حرم الجامعة ....استقبلتها رفيقاتها و رفاقها بعاصفة من التصفيق
-أهلا بالأم الصغيرة ......!
-أين تركت الطفل؟
قابلت أساتذتها أيضا .....هنأوها على سلامتها والولادة
دخلت قاعة الامتحان ....حجزت لها الرفيقات مكانا مناسبا بينهن و ذلك كي تساعدهن لكنها قالت: لا تطلبن مني شيئا ....فأنا في عجلة من أمري .....سأكتب امتحاني و أمشي مباشرة
جلست على كرسيها ....ناولها المراقب ورقة الامتحان ....غرقت فيها و بدات تسطر المقال المطلوب حسب ما وعته و حفظته من معلومات .....ساعة أو أكثر و هي في شغل .......نسيت نفسها و لم تنتبه أن الذين غادروا القاعة أكثر من الحاضرين ....و لكن ما شأنها ؟ هي تريد أن تثبت تفوقها كالعادة
خرجت من القاعة فوجدت أصدقائها و صديقاتها ينتظرون
-كيف اديت امتحانك؟
-الحمد لله
-هذه المشاكسة تقولها بحزن و من ثم تحصل على أعلى درجة
-لكل مجتهد نصيب و الآن اسمحوا لي أن أذهب فالطفل في انتظاري
خرجت من باب المبنى و عبرت الحديقة .....على أحد كراسي الحديقة جلست امرأة و هي تحمل طفلا في عمر ابنها تقريبا
هي لا تعرفها و لكنها قالت لها : مرحبا فيما كانت تمر من أمامها
- هل هو ابنك؟
- هو ليس طفلي و إنما ابن أخي .....ولد منذ عشرة أيام فقط و أمه عندها امتحان و نحن نسكن في مدينة بعيدة ....أتيت معها لأساعدها
- -ألا يرضع من الزجاجة ؟
- لا و لكنه جائع جدا
تحركت فيها غريزة الامومة الطاغية وأحست بقطرات الحليب تثور داخلها
-أتمنى لك و لأمه التوفيق ......استدارت لتكمل طريقها و لكنها قررت شيئا......عادت
-هل تسمحين لي بإرضاع الطفل ؟ أنا أيضا وضعت منذ عشرة أيام
لعل نقاء منظرها و حجابها و جوع الطفل أقنعا العمة
-نعم .....أنا ممتنة لك
-إذن اجلسي مقابلي ريثما أرضعه ......أرضعت محمدا الذي التقم الثدي بنهم جائع و عندما انتهى حملته و تركته يتجشأ .....
ناولته لعمته ثم انصرفت مسرعة لأن طفلها لا بد جائع جدا ....