بكل سرور يسعدني أن أتقدم بتصمصمي هذا على القوتوشوب إهداء متواضع من وحي رائعة الأستاذة وفاء شوكت خضر تحت عنوان (ها أنا ذي أطلق سراحك من قلبي ..) .. أرجو أن ينال الإعجاب وأن أكون وفقت في قرائتي البصريه لهذا النص الرائع ...
(ها أنا ذي أطلق سراحك من قلبي ..)
هو ذا صوتك يأتيني عبر أسلاك الهذيان ، تكاد تذوب بحرارة الشوق ، تلسع مسمعي بصوتك الموشى بالحنين ، فيرتجف القلب بخفقات الجوى طربا ، لحروف كم تلهفت لسماع عزفها على حبال وجدانك الصوتية ، المرتجفة بلوعة الحب المرتعشة خلف ضلوع الخجل ، لحنها يتردد صوت نبض مغنـَّىً في حنايا صدري .
أتلفع بعباءة الفرح ، أرقص جذلا على همس يداعب شغاف الفؤاد ، أتوارى خلف ستار الحياء صمتا ، تباغتني ضحكة طفولية ، تصل إليك رنانة تشي بفرحي ، فيفيض الحنين كلماتٍ تتعثر على شفاهي ، معلنة احتجاجي على غيابك الذي غلف مشاعري بشرنقة الصبر ، تمزقها لتخرج يرقات تفرد أجنحة النور ، تحلق في فضاء الحلم، تحط على أضلع حبست آهات السهد على وسائد السهر ..
ينقطع اتصالك ..
أنطفئ كشمعة هبت عليها نسمة حزن ، ألوذ بالصمت إلى ركن قصي في الذاكرة ، استرجع كلماتك ، ألوكها شهدا اختلط بمرارة الذكريات ، تغص به الدمعات في مؤق تلحفت جفون أثقلها السهر ، تحملني سنة النوم على غمامة حلم ..
ها أنا ذي أطلق سراحك من قلبي ، يا من جمعت أشلاء قلبه المتسكع على دروب الهوى ، يمنح مشاعره لغانية أو لعوب ، يزهق ليله في غياهب الصالات الليلية ، يداعب دنان العشق المباح لكل المارقين ..
ها أنا ذي أطلق سراحك من قلبي ، حتى لا تضيق بحبي ، ولا تختنق بصدق هواك الذي تلقيته جرعات دواء لسقم غيك ، فتعلقت بحبال هواي ترتجي النجاة من غرق في يم التيه ، متخذا من قلبي ملاذا وسكنا ، ومن مشاعري دثارا يدفئ صقيع تشرد عواطفك المسفوكة على أرصفة الضياع، رثة ممزقة لطخها الزيف والرياء بأوحال المجون .
ها أنا ذي أطلق سراحك من قلبي بعد أن جعلتك تدمن صوت المآذن ، وطرق أبواب المساجد ، وصحبة العابدين ، فلبست ثوب الورع ، واغتسلت بدموع الندم ، وتطيبت ببخور الإنابة ، فسطع في جبينك النور.
ها أنا ذي أطلق سراحك من قلبي الذي لم يكن لك يوما سجنا ، ولم يكن لك قيدا ، بل كان صومعة ضمتك حناياها تائبا يبحث عن شط أمان ترسو عليه سفينة حياته التي تقاذفتها أمواج محيطات التيه والغفلة ، ملاذ عفة وأنسا .
تراتيل القرآن التي هدهدت بها روحك ، لا زالت تحفك بالسكينة ، ولا زال نورها ساطعا في دربك، وإن أظلمت السبل ، فبصيرتك التي اتقدت دليل خطاك ، فلن أخشى عليك تعثرا ..