سلام الـلـه عليكم
ملامح رصدتها على عجل في قصة " حين من الزمن "
" حين من الزمن "
قصة قصيرة نموذجية , استخدمت التقنية الرمزية , بل كأنا بها فنتازيا قصية , ذات أبعاد نفسية واجتماعية وأخلاقية وسياسية , بدأت في توضيب مسرح الحدث , الذي كان مزجا ذكيا بين المستشفى , والمؤسسة أو الوحدة الجغرافية , التي ربما تكون بلدا كبيرا , فالشخصيات التي ظهرت في منصة المسرح , نرى فيها رموز الادارة , والشخصيات المفصلية , وحتى الطبقة الدنيا في النظام الاداري والوظيفي , كما نرى الجراحين والطواقم الطبية غير المسماة بالاسم , وتبدأ أزمة القارئ , وهو يحاول أن يرى بوضوح , ويستجلي حقيقة الشخصيات , من هؤلاء ؟ ومن هؤلاء ؟ ومن هم الجراحون ؟ , ويذهب الخيال بعيدا , " قبضة اليد اليمنى " , ثم زيادة التحريض لاعطاء جرعات جديدة قوية , في بناء التوتر , ويلمح القارئ تمازجا جديدا , بين دراسة حال المريض الافتراضي , والفحوصات والتحاليل , التي تشمل بملامسة بارعة السيرة الصحية , كما تشمل السيرة الذاتية لأهل المريض وحتى أصدقائه , والمسالة الأهم تكمن في خشية العدوى , هل هي غرفة عمليات أم مشهد حياتي يجري فيه البحث الاجتماعي أو الأمني , ليس هناك من تصريح , ولكن خلفية تفصيلات المشهد , لاتنفك عن تحريك خيال القارئ بقوة , تكرّس لديه احساسا وشعورا , باتجاه ما , وتتلاحق التوترات بفشل معالجة الحالة , بل الاقرار بعدم فهم الحالة , والتصريح المعلن بذلك , ثم يذهب بنا المشهد الى عملية مقارنة محسوبة بدقة , بعيدا عن المباشرة , عندما يتم استدعاء صوت من خارج حلبة الاحداث , كأنه الماضي أو التاريخ , هو صوت مؤسسة سابقة , لمحاولة فهم الحالة وتشخيصها , بقصد ايجاد حل للمشكلة , وتنجح المقارنة غير المباشرة , بايضاح الاختلاف الجذري , في السلوك والآليات , والاختلاف الواضح في المنهج والقيّم , لتنقشع الأحداث في نهاية لافتة الذكاء :
" وتسمع ضحكة الدكتور سامي ... وهو يقول :
لاتخشوا على أنفسكم من العدوى ... فهذه حالة لاتعرفونها أنتم ... هي حالة قديمة ... كنا نراها كثيرا ... كانت شائعة في ظل المؤسسة السابقة ... ولن تستطيعوا لها حلا ... لن تستطيعوا فتح قبضة الرجل ... فهو ببساطة شديدة ... يقبض على جمرة من نار ."
القصة رائعة , وتمثّل عملا أدبيا متفوقا , كما تمثّل مساهمة أخلاقية وقيمية رفيعة المستوى .
د. محمد حسن السمان