هنا فى الكويت وعلى شاطىء الخليج العربى يوم الثلاثاء الماضى- وياليته مامضى -وفى آخرأيام يوليو الحار جداً أنعش قلبى لقاء العمر أو كماأسميته( لقاء عودة الروح) سبع سنوات عجاف أقفر فيهن قلبى وبارت ملامحى, سبعُ لم ينبت لي فيهن نبت ولم يبتل لى فيهن ساق ,سبع لم أقابل مثل هؤلاء...
كان اللقاء الأول وكأنى أعرفهم منذ سنوات وكأن السبع العجاف لم يكن وكأنى غفوت برهةً ثم أيقظنى صوت جميل كنت قد نمت على ألحانه..هاأنا ثانية أتنفس عطركم وأستمع لجميل حديثكم .
كان لقائي الأول بكم ولكّن قدرتكم عى الإحتواء كانت أقوى من خجلى و سيل عواطفكم هو ما حل عقدة لسانى وشجعنى أن أخوض معكم فى حديث تمنيت لودام أكثر,كان حديثاودياً شيقا ولكن لم يخل من الشعر والنثر وجميل المعانى والألفاظ والمفردات السامقة كأصحابها ..
جمعنى اللقاء والرجل الحنون ثقيل الوزن الأدبى, خفيف الظل, المبتسم دائما والمستمع الجيد والحريص على أن يشعرك بأهميتك,هو" أبوالواحة" ,الأديب الدكتور محمد حسن السمان الذى سارع ووجه إلى الدعوة الكريمة بعد أن سعيت لها.
كان هناك أيضا الشاعر الكبير( شاعر العرب) محمد الحريرى والذى ألتقينا خصيصاً لتهنئته بتخطى المرحلة الأولى من المسابقةهذا الهادئ المتواضع, الثاقب الناظر,قليل الكلام, غزير الأحساس,والذى إن تكلم أمامك دعوت الله ألا يسكت له صوتاً فحديثه ناعم الملمس قوى المعنى ملئ بالحكم والعبر والرموز ولاينسى أن يعلق بابتسامه على كل مايمر أمامه من معان وأفكار.
كان للشعر النبطى بصمة فى ليلتنا الجميلة والنبطى الجميل أبوطراد _جارى فى المقعد_ وجارى فى الشعر أيضا فالعامية المصرية_التى أعشقها_ والشعر النبطى أخوة فى الرضاعة ..أطرب مسامعنا ببعض المعانى الرقيقة والموسيقا العالية الإيقاع وألقى علينا بعضا من التراث النبطى الرائع ؟بدا أخونا أبوطراد وكأنه الوجه الأخر للشاعر الحريرى.
ومن المغرب العربى " المحرر" محمد الحامدى الباحث المجتهد فى تراث الأمم!! ,المثقف اللذيذ المشاغب الوقور البسيط والصريح جدا و"عاشق حرية الغير" ولذا أطلق عليه "المحرر" ودعا له الدكتور محمد السمان أن يجعل الله ذلك فى ميزان حسناته فلاتوجد غاية أسمي من تلك الغاية ..استمتعت جدا بطرافة حديثه وشيق موضوعاته وجرأة إهتماماته!! .
المصرى الوحيد ومشاركى فى هموم المحروسة الأخ محمد سامى البوهى الدمياطى الكريم والذى لم أتشرف بالقراءة له إلا بعد اللقاء ..مصرى أصيل وواحد من هؤلاء الذين تنظر فى وجوههم فترى نهر النيل, كان يراقب الأحاديث كالصياد الذى ينتظر فريسته والفريسة هنا معنى جديد أولفظة قديمة أوفكرة تصلح أن تكون عمل أدبى ,كأن يشرد أحيانا وحين تنظر إليه يمنحك إبتسامة ود وكأنه يرد على سؤال لم تسأله ..
أخر الأشخاص وأقلهم قدراً ومكانةًوأثقلهم ظلاً وأضعفهم حجة ومنطقا والذى بدا كسقيم بين أصحاء هو "العبد لله" والذى يتلخص تعريفه فى أنه كان" نص شاعر عامية" منذ سبع عجاف ..
ولذا كنت أكثر الحاضرين إستمتاعاً وأن بدا لهم الأمر جميعا عاديا فلم يكن كذلك بالنسبة لى. وإن إعتادوا هم عليه فلقد حرُمت منه زمناً طويلاً.
هل تخيل أحدكم روعة الأحساس بالشهيق والزفير بعد كتم الأنفاس_مجبراً_ لفترة طويلة ؟؟وهل رأيتم زهر غباد الشمس بعد أن يُقطع من عوده ويُجفف وتذكرتم كيف كان من قبل يعانق قرص الشمس ويدور حيثما دارت ؟؟
هن السبع العجاف انتهين ولاأتمنى أن يعدن ثانية ففى المرة الأولى لم أغتنم السبع السمان ولم أذر فى سنابلى الخضر مايعيننى على السبع اليابسات.
باقة من الورود البيضاء وواحة ارتحت قليلا بين أفنانهاوللمرة الأولى منذ سنتين تقريبا-وهى فترة وجودى فى الكويت-لم أشعر بغربة, سافرت معهم إلى بلاد لا أسأم العيش فيها وحلقت فى سماء تسعنى وكانت لى حرية الأختيار فى بلاد كل شىء تفعله فيها مجبراًوالأهم من ذلك أنى عدت لأعبر عن هواجسى وأحلامى فوق الورق.
(لقاء اتمنى ألا يكون الأخير)ً
حمدى ليلة