|
سرمدَ الليلُ واستكانَ الضياءُ |
واستوى الجمرُ واستغاضَ الماءُ |
أجدبَ العمرُ والخريفُ كئيبٌ |
والربيعُ اشتهى وصِيفَ الشتاءُ |
في ثنايا الصباحِ ثرمٌ تجلَّى |
أينَ فيهِ ثنيّةٌ بسماءُ ؟ |
يسألُ الليلَ:نُبْ فإنَّ مدَانا |
في عيونِ المستعبرين سواءُ |
فإذا الشمسُ للمغيبِ تلبّي |
قبلَ أنْ يأتيَ المغيبَ نداءُ |
أيَّها السائرُ استضئْ باحتسابٍ |
تمَّ خمّنْ إنَّ الخطى عمياءُ |
دسْ وهشّمْ واحذرْ سكونَ الأفاعي |
وإذا زغتَ عذرُكَ الظلماءُ |
كمْ كفيفٍ يشقُّ للدربِ نوراً |
وبصيرٍ قضى عليهِ الضياءُ |
ومقيمٍ يكبُّ تيهاً بدارٍ |
وغريبٍ بهِ استدلَّ العراءُ |
أيّها اللاهثُ العقِ الصبرَ مرّاً |
جفَّتِ البئرُ والقلوبُ ظماءُ |
كيفَ تَروى وكلُّ ثغرٍ عليهِ |
كلّما نُشَّ نَشَّ منهُ الرَّوَاءُ |
حسبُهُ إنْ أبقى لك الماءَ غيضاً |
عَكِرَاً إنَّ ذا إليك عطاءُ |
قهرٌ مزّعَ الصناديدَ حتّى |
حَسُنَ الغثُّ واستمرَّ النقاءُ |
أيُّها الأذنُ أينَها من أنادي؟ |
فيكِ صمٌّ أمْ أحرفي بكماءُ! |
ذهبَ الصوتُ ليتَ منهُ رجيعٌ |
يحتويني كما احتواهُ احتواءُ |
ليتَ شعري أعزّةٌ النفسِ بخسٌ |
ليت, ماذا توسّدَ الجبناءُ |
ليتَ شعري متى الضمائرُ تصحو |
ومتى يدركُ الأسى العظماءُ |
مفرقُ العزِّ يمشقُ الهمُّ فيهِ |
مثلما يمشقُ الفضاءَ السناءُ |
وصياحُ التسويفِ هيهاتَ نفعٌ |
بصياحٍ فيهِ الرؤى أصداءُ |
منذ قرنٍ والقدسُ شاخت تنادي |
ثمَّ دوّتْ نداءَها كربلاءُ |
أترى لا نحسُّ أمْ نحن صرعى؟ |
هيتَ نحيا إنْ دُنِّستْ صنعاءُ |
أيُّ تاجٍ تربّعَ الرأسَ عزّاً |
دونَ لبِّ مليكُهُ ببَّغاءُ |
أيُّ مالٍ يسيِّرُ المرءَ غيَّاً |
فهْوَ غثٌّ وحاصِدُوهُ رغاءُ |
أيُّ عينٍ تهوى تعرَّي الصبايا |
هيَ عنْ عفّةِ الفتى عمياءُ |
كيفَ ندعو بأنّنا عقلاءٌ |
وسُرى الناسِ عيشةٌ بهماءُ |
يا هجيرَ الضُحى وظلَّ الفيافي |
لمْ تحرِّقْ أقدامَنا الرمضاءُ |
نحنُ قومٌ نُعذِّبُ النفس حتّى |
رضيَ الحالُ أنّنا ضعفاءُ |
كلُّ هذا محبَّةٌ في الدنايا |
زفراتٍ لوْ يدهسُ الأعداءُ |
آهِ لا نامتِ العيونُ لماذا |
آهِ ما في هذي الحياةِ بقاءُ |
نفتدي العزَّ كي نعيش وإنّا |
للمنايا حتماً يحلُّ الفناءُ |
يا إلهي والعينُ تهصرُ حزناً |
لجئَ القلبُ والرجا والدعاءُ |
فبكَ المرءُ عزَّةٌ وسموٌّ |
وسلامٌ وعفّةٌ وعُلاءُ |
تعلمُ الحالَ, أنتَ خيرُ عليمٍ |
فمتى يحكمُ الدنا الأتقياءُ؟ |