|
"الخيلُ والليلُ" ما دانا لمُنتَحِبِ |
و"السيفُ والرّمحُ" ما عزّا بمُنسَحِبِ (1) |
تضاحَك القومُ لمّا جئتُ أُنشدهمْ |
بأنّ في السيفِ ما يُغْني عن الكتبِ (2) |
كأنني جئت واللاهون منطقُهم |
تَنَحّ يا جِدُّ ، هذا الوقت للّعبِ |
|
قصائدُ الفخرِ لو قيلت بنا اتُّخِذت |
يظنها المرءُ صوتاً زائفاً وصدىً |
من الخيالات في لاميّة العربِ (3) |
ترحّل الفخرُ عن أبياتها ، وغدت |
بحورُها اليوم لحناً غيرَ ذي طَرَبِ |
بها الخيالاتُ والأوهامُ مُمطِرةٌ |
وليس للحقِّ في الأبيات من سُحُبِ |
أجاد قائلُها حَجْبَ الأسى ، ولكَمْ |
تميَّز العُرْبُ في أنشودة الحُجُبِ |
لو أنّ قائلَها قد عاش في زمني |
وشاهد الذلَّ – لمّا حلّ – عن كَثَبِ |
لما كفَتْهُ مَراثي الشعر قاطبةً |
ولا ادّعى الفخرَ بين السادةِ النُّجُبِ |
|
تأنّ يا فخرُ ، ما عادت دفاترُنا |
ولا تَسطَّر فيها إلا بوحُ أغنيةٍ |
تَراقصَ الخزيُ في مضمونها الخَرِبِ |
كأنما الخزيُ قد صارت له معَنا |
مزاعمُ القُرْبِ أو أكذوبةُ النّسَبِ |
سطورُها اليوم لا تحكي بأحرُفِها |
معانيَ الفخر ، بل تحكي عن الجَرَبِ |
وعن تماثيلَ لم تَعزفْ على وترٍ |
لتُطربَ الكونَ ، لم تَرقصْ على الشُّهُبِ |
وعن كواكبَ خانتها سواحلُها |
وهدّها الجَدْبُ بعد الماطر الوَصِبِ (4) |
وعن قناديلَ لم تُشرقْ على قممٍ |
ليُسْـتضاءَ بها في ظُلْمة النُّوَبِ |
وعن بساتينَ لم تَحملْ عَرائِشُها |
سوى الجراحات بعد التّينِ والعنبِ |
وعن كثيرِ أسىً ما خطَّه قلمٌ |
بصفحة العُرْبِ إلا جفّ من تعبِ |
|
علامةُ الذلِّ أن تبقى حضارتُنا |
وأن نسابِقَ في مضمارنا أُمماً |
فنستطيبَ بِسُكْنى خانةِ الذَّنَبِ |
نقارعَ الذّنبَ بعد الذّنبِ يُسْكرنا |
فإن طغى الذّنبُ لم نخجلْ ولم نَعِبِ |
سلاحُنا الرقصُ ، لا سيفٌ نُخيفُ به |
عدوَّنا غيرَ أسيافٍ من الخَشبِ |
نردَّ بالصمتِ إذ مات الإباءُ بنا |
ونطلبَ النصرَ من أحضانِ مُغتصِبِ |
وليس بالصمت يأتي النّصر في زمنٍ |
به المَدافعُ قد أغنتْ عن الخُطَبِ |
|
تأنّ يا فخرُ ، هذا ما أجبتُ به |
وليتني صغتُ بالأفراح أغنيةً |
وما تراقصْتُ في ألحان مُضطرِبِ |
وما تغنّيْتُ بالأحزان أحسبُها |
ذريعةَ القلب كي ينجو من الكُرَبِ |
وليتني حُزْتُ ما يُغري مشاعرَنا |
بأن نفاخرَ أنـّـا مِن بني العَرَبِ |