أنهـم أهل الوسط والاعتدال ؛ بين الإفراط والتفريط ، وبين الغلو
والجفاء ؛ سواءٌ كـان في باب العقيدة أو الأحكام أو السلوك فهم وسط بين
فرق الأمة ؛ كما أن الأمة وسط بين الملل .
2- اقتصارهم في التلقي على الكتاب والسنة ، والاهتمام بهما والتسليم
لنصوصهما، وفهمـهما على مقتضى منهج السلف .
3- ليس لهم إمام معظَّم يأخذون كلامه كله ويدعون ما خالـفه إلا رسول
الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهم أعلم الناس بأحواله ، وأقواله ،
وأفعاله ؛ لذلك فهم أشد الناس حـبًّا للسنة ، وأحرصهم على اتباعها ،
وأكثرهم موالاة لأهلها .
4- تركهم الخصومات في الدين ، ومجانبـة أهلها ، وترك الجدال
والمراء في مسائل الحـلال والحرام ,ودخولهم فى الدين كله
5- تعظيمهم للسلـف الصـالح ، واعتقادهم بأن طريقة السلف أسلم ،
وأعلم ، وأحكم .
6- رفضهم التأويل ، واستسلامهم للشرع ، مع تقديمهم النقل على العقل
وإخضاع الثاني للأول .
7- جمعهم بين النصوص في المسألة الواحدة ، وردُّهم المتشابه إلى
المحكم .
8- أنهم قدوة الصالحين : الذين يهدون إلى الحق ، ويرشدون إلى
الصراط المستقيم ؛ بثباتهم على الحق ، وعدم تقلبهم ، واتفاقهم على أمور
العقيدة ، وجمعهم بين العلم والعبادة ، وبين التوكل على الله والأخذ
بالأسباب ، وبين التوسع في الدنيا والزهد فيها ، وبين الخوف والرجاء ،
والحب والبغض ، وبين الرحمة واللين والشدة والغلظة ، وعدم اختلافهم مع
اختلاف الزمان والمكان .
9- أنهم لا يتسمون بغير الإسلام ، والسنة ، والجماعة .
10- حرصهم على نشر العقيدة الصحيحة ، والدين القويم ، وتعليمهم
الناس وإرشادهم ، والنصيحة لهم ، والاهتمام بأمورهم .
11- أنهم أعظم الناس صبراً على أقوالهم ، ومعتقداتهم ، ودعوتهم .
12- حرصهم على الجماعة والألفة ، ودعوتهم إليها وحث الناس عليها ،
ونبذهم للاختلاف والفرقة ، وتحذير الناس منها .
13- عصمهم الله تعالى من تكفير بعضهم بعضاً ، ويحكمون على غيرهم بعلمٍ
وعدل .
14- محبة بعضهم لبعض ، وترحُّم بعضهم على بعض وتعاونهم فيما بينهم
وتكميل بعضهم بعضاً ، ولا يوالون ولا يعادون إلا على الدين .
وبالجملة فهم أحسن الناس أخلاقاً ، وأحرصهم على زكاة أنفسهم ؛
بطاعة الله تعالى ، وأوسعهم أفقاً ، وأبعدهم نظراً ، وأرحبهم بالخلاف صدراً ،
وأعلمهم بآدابه وأصوله .
وخلاصة القول في معنى أهل السنة والجماعة :
أنها الفرقة التي وعدها النبي صلى الله عليه وسلم بالنجاة من بين
الفرق ، ومدار هذا الوصف على اتباع السنة وموافقة ما جاء بها ؛ من
الاعتقاد ، والعبادة والهدي والسلوك ، والأخلاق ، وملازمة جماعة المسلمين .
وبهذا لا يخرج تعريف أهل السنة والجماعة عن تعريف السلف . وقد عرفنا
أن السلف ؛ هم العاملون بالكتاب المتمسكون بالسنة ، إذن فالسلف هم أهل
السنة الذين عناهم النبي صلى الله عليه وسلم وأهـل السنة هم السلف الصالح
ومن سار على نهجهم .
وهذا هو المعنى الأخص ؛ لأهـل السنة والجماعة ؛ فيخـرج من هذا المعنى
كل طوائف المبتدعة وأهل الأهواء ؛ كالخوارج والجهمية والمرجئة
والشيعة ... وغيرهم من أهل البدع .
فالسنة هنا تقابل البدعة ،والجماعة تقابل الفرقة ، وهو المقصود في
الأحـاديث التي وردت في لـزوم الجماعة والنهي عن التفرق .
فهذا الذي قصده عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - في تفسير قول الله
تعالى : ( يَوْمَ تَبْيضُّ وُجُوُهٌ وتَسْودُ وُجُوُهٌ ) . ( آل عمران/106 ) .
قال : ( تبيض وجوه أهل السنة والجماعة ، وتسود وجوه أهل البدعة
والفرقة ) .
وأما المعنى الأعم لأهل السنة والجماعة ؛ فيدخل فيه جميع المنتسبين
إلى الإسلام عدا الرافضة
ويطلق أحياناً لبعض أهل البدع والأهواء بأنهم من أهل السنة والجماعة
؛ لموافقتهم لأهل السنة المحضة في بعض المسـائل العقائدية مقابل الفرق
الضالة ، وهذا المعنى أقل استعمالاً عند علماء أهل السنة ؛ لتقيده في بعض
المسائل الاعتقادية ، ومقابل بعض الطوائف المعينة ؛ فمثـلاً : استعمال صفة
أهـل السنة ؛ مقـابل الروافض في مسألة الخلافة والصحابة ... وغيرها من
الأمور الاعتقادية .
ويقابل أهل السنة ؛ أهل البدعة ، ورؤسهم خمسة : الخوارج ، والرافضة ،
والمرجئة ، والقدرية ، والجهمية
فعبارة السلف الصالح ترادف أهل السنة والجماعة في اصطلاح
علماء أهل السنة المحققين ؛ كما يطلق عليهم ؛ أهل الأثر ، وأهل الحديث ،
والطائفة المنصورة ، والفرقة الناجية ، وأهل الاتباع ، وهذه الأسمـاء
والاطلاقات مستفيضة عن علماء السلف .
خصائص عقيدة أهل السنة والجماعة
لماذا عقيدة السلف الصالح أولى بالإتباع؟!
العقيـدة الصحيحة هي أساس هذا الدين ، وكل ما يبنى على غير هذا
الأساس ؛ فمآله الهدم والانهيار ، ومن هذا نرى اهتمام النبي صلى الله عليه
وسلم بإرساء هذه العقيدة وترسيخها في قلوب أصحابه طيـلة عمره ؛ وذلك من
أجل بناء الرجال على قاعدة صلبة وأساس متين .
وظل القرآن الكريم في مكة يتنـزل ثلاثة عشر عاماً يتحدث عن قضية
واحدة لا تتغير ، وهي قضيـة العقيدة والتوحيد لله تعالى ، ومن أجلها
ولأهميتها كان النبي صلى الله عليه وسلم في مكة لا يدعو إلا إليها ، ويربي
أصحابه عليها .
وترجع أهمية دراسة عقيدة السلف الصالح إلى أهمية تبيين العقيدة
الصافية ، وضرورة العمل الجـاد في سبيل العودة بالناس إليهـا وتخليصهم
من ضلالات الفـرق واختلاف الجماعات ، وهي أول ما يجب على الدعاة الدعوة
إليها .
فالعقيدة على منهج السلف الصـالح لها مميزات وخصائص فريدة تبين قيمتها
وضرورة التمسك بها ، ومن أهم هذه المميزات :
أولاً : إنها ؛ السبيل الوحيد للخلاص من التفرق والتحزب ، وتوحيد صفوف
المسلمين عامة ، والعلاء والدعاة خاصة ، حيث هي وحي الله تعالى ، وهدي
نبيه -صلى الله عليه وآله وسلم- وما كان عليه الرعيل الأول الصحابة الكرام
، وأي تجمع على غيرها مصيره - ما نشاهده اليوم من حال المسلمين -
التفرق ، والتنازع ، والفشل . قال الله تبارك وتعالى : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ
الرَّسُولَ مِنْ بعدِ ما تَبَيَّنَ لهُ الهُـدى ويَتَبَّعْ غَيْرَ سبيلِ المُؤمنينَ نُولَّه ما تَوَلى
ونُصلهِ جهنَّمَ وساءتْ مصيراً ) . ( النساء: )
ثانياً : إنها ؛ توحد وتقوي صفوف المسلمين ، وتجمع كلمتهم على الحق وفي
الحق لأنها استجابة لقول الله تبارك وتعالى : ( واعتصموا بحبلِ الله جميعاً ولا
تفرَّقوا ) . ( آل عمرن: )
ولذا فإن من أهم أسباب اختلاف المسلمين ؛ اختلاف مناهجـهم ، وتعـدد
مصادر التلقي عندهم ؛ فتوحيد مصدرهم في العقيدة والتلقي سبب مهم لتوحيد
الأمة ؛ كما تحقق في صدرها الأول .
ثالثاً : إنها ؛ تربط المسلم مباشرة بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه
وآله وسلم - وبحبهما وتعظيمهما ، وعدم التقديم بين يدي الله ورسوله - صلى
الله عليه وآله وسلم - ذلك لأن عقيدة السلف منبعها قال الله ، وقال رسوله
بعيداً عن تلاعب الهوى والشبهات ، وخالية من التأثير بالمؤثرات الأجنبية ؛
من فلسفة ومنطق وعقلانية ، وإدخال منابع أخرى .
رابعاً : إنها سهلة ميسرة واضحة لا لبس فيها ولا غموض ، بعيدة عن التعقيد
وتحريف النصـوص . معتقدها مرتاح البال ، مطمئن النفس ، بعيد من الشكوك
والأوهام ووساوس الشيطان ، قرير العـين لأنه سائر على هدي نبي هذه الأمة -
صـلى الله عليه وآله وسلم - وصحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين قال
تعالى : ( إنَّما المُؤمنُونَ الذين آمنوا باللهِ ورَسَوُلِهِ ثُمَّ لم يرتابوا وجاهدُوا
بأموالهم وأنفسِهم في سبيـل الله أولئك هم الصادقون ) . (الحجرات/15) .
خامساً : إنهـا من أعظم أسباب القرب من الله تبارك وتعالى ، والفوز
برضوانه .
وهذه المميزات والسمات ثابتة لأهل السنة والجماعة ، لا تكاد تختلف في
أي مكان أو زمان ، والحمد للـه رب العالمين .