السلام عليكم،،،
كيف الحال؟؟
أعلم أنني أثقلت من طلباتي ،، وقد وضعت هذا الموضوع في مكانه غير الصحيح،،ولكن لعل وعسى أن أجد ما أريد بينكم،،
وأرجو منكم مساعدتي،،
فأنا في الصف العاشر في المرحلة الثانوية، وقد طرحت وزارة الثقافه الفلسطينية في غزة، مسابقة لكتابة القصة والمقال والشعر،،
وهنا أضع موضوعين قد وضعتهما مسبقا ،، ولكن أرجو منكم تحملي،وأرجو من الأساتذه الكرام نقد موضوع أو الاثنين كل حسب المقدرة والفضاوة، وسأتقبل كل النقد الذي سيكتب،،لأنني أتعلم منكم
أرجو أن أجد بينكم مطلبي،،،
(خفقات مذهلة
تسارعت دقات قلبي، تهافتت رعشات أطرافي، تراقصت أحلامي، تناثرت أفكاري حول ماض كنت قد ملكته، تمادت قسوة الزمان، وألنت خطى قدماي الأرض، أحاطت عنقي مشنقة اللائمات، أثارت عودتي لأرضي حمم دمي تلطخا، أمواج دموعي بدأت تلفني وترضخني جوا وأرضا ، وحين أحست الأرض طراوتها وذاقت حرارتها؛ أرسلت لي بكلمات كدت أن أسمعها: بنيتي، حللتي أهلا ونزلت سهلا.
يا لقسوة قلبي، أأمضي من العمر عشرينا في أرض ما عهدت زمنها ولا لهفت تاريخها؟ لا جذبني حبها ولا استهوتني كلماتها، بل أرضخت ضميري سكرات وأجحفت به اللعنات، ذوقتني مر الويلات، أتعبتني مرار الآثام، سلخت حقيقتي وأظهرتني بمظهر المعفر المرضخ على الأرض سخرية ومهزأة، على أثرها صحبتني مهزلة التاريخ حتى وقفت ها هنا أسطر أبعاد كلماتي وأكتب قصتي ألما ومرضا، آملة منها العبرات، فيا من لأرضه عاش ولها مات وعليها كان، هنيئا بما ظفرت هنيئا بما حملت، ومن قصتي خذ العبر وانس ماضيا فيه لاقيت الأمرّ والأنجم، فيا من سألت عن حكمة خذها من فم من له مع الحياة عبر طوال ساخنات...
كانت حياتي في تلك الأرض الموحشة كأنها الفلاة المقفرة، تتردد فيها الأصداء، وتدوي فيها الأصوات، تضيع فيها معالم الحياة، وتختفي فيها سبل النجاة، فلا فيها لك هداية أن تهدى بصخر أو رمل أو زوبعة أو حتى جبل أو نبت، ليس لك فيها إلا الظلام، الظلام لا غير، ومعه نعيب البوم و عواء الذئاب، ليس لك فيها سوا الاغتراب، الاغتراب يرخي عليا ثنايا أردت منها الإيتاء للجوء فأرى منها أنها تلفني وتلف راكبيها مِن مَن هم أمثالي، عشت فيها حياة الذي يقضي حشاشة نازع، انجلى عمري حينها فيها لأجلها مثل الأديم من هوة نيم.
ليلا، وحين هبت عاصفة الدجى، واستهوت عيناي واستلقت رموشي على جفوني، واستمادت بي اللحظات، وفي أقل من عشر ثوان بدأت أمواج الصور تتراقص من حولي، والدمى اللامهزولة التي عانقتني عناق الأفعى بيضها تفقسه من حولي تتصارع، حتى وفجأة اضطرمت الأوراق وصارت تتطاير من حولي، والأزهار بدأت بالمروج، والخيوط من بين يدي بدأت تولي وتلوح، والأمر الذي استوقدني صار يغمس رملا بدلا من مال، ذرا الجبال في أوهامي اللامعلومة تتحرك كأنها خيل راكضة، أو أنها الخراف تهدى للنحر حين البيت الحرام، وفي ذهني تراكمت علاقم الأسى الغادر، وذكريات الماضي تحدثني لائمة على وشك أن تخضّني فلا أجد نفسي سوى على الأرض ملقاة لا أدري أحل بي ما حل قديما بمن قبلي؟ وفي تواتر تصاعدت تلك الأمواج، وتوحدت تلك الصور، وعيوني على الماضي بدأت تطل من نافذة الخجل، وشرايين قلبي تتراقص تراقص سنابل القمح الملئى، حتى استوقفني منظر رائع، الجِمال ترعى، والواحة بمائها البسيط تتغنى، وبهعخعها المر الممزوج بريح البداوة تتململ،والجمال لاح لي من بعيد، السماكان صارا يخيّلا لي بالدولاب الدائر في فلك بعيد كل البعد عن يعافر حياتي،والبدويات فوق رؤوسهن جرارهن تتخبط، وأمام خيامهن جلست نِسوة أربعٌ تخيط النول الثياب، وذويهن خلف تلك المرابع بقطعان الغنم يتسايرون وإياهم، ومنهم أطفالهم حملوا اليرغول وبه صاروا يتغنون وعلى لحنه قطعانهم تتراقص أقدامهم، والأحوى معهم لطرب موسيقاها يتلاعب ،،، فإنّ فيها ما استطال جبلا، وما اعوج حقفا، والذي استدار عصا، وما كان ما بين التقطع والاتصال سقط، وفيها الجَمال كثير حين احدودب كثبيا ونقا، استوقفني ذاك واستوحلني كل ما مضى،،، لأفيق على صوت ضجيج السيارات والعربيات التي خنقت الطرقات، وأصوات الباعة التي أغضبتني وأفزعتني،،، ما عدت أريد بلدا غيرك، ما عدت أريد مربعا سواك، لا أريد سوى أنت أرضي أنت الحل دونك الحل على غيرك الحل، أرض النقب أنت موطني، ما عدت أرغب بالبديل لك بديلا... فمن راقب الظلام جاهلا أعددته تائها، وعيناه كأنما يراهما أو يظن على أحسن تعبير أنهما كوكبين معتمين لهما نورهما الخاص يدورا في فلك متقوس لا يدرك له قعر أو نهاية تائهين ما بين الكواكب المضاءة المضيئة، كل من زاغت عيناه بعيدا يرى في المهجر سموا ورفعة فبعينيه محجر يكتوي وحين تتذكران ماضيهما كأنهما الزمان المغابر ولو كان في فهمه المعاصر...فمن رأى في أرض غيرك جمالا كمن رأى ذي الغباوة يرى في الماء ظل الكوكب ولا يدركه،،، إن النابغ العاقل الوافي لأرضه وعرضه يعظ الخلائق كلها حيا وميتا، ولا تغرب من موته إن موته أجل عظاته، ها قد كانت كذا حياتي وأنّ لي في حياتي عظات ساخنات أخبرتك إياها نوامق وأنت ها هو اليوم أوعظ منك حيا في موتك الوعظ....
ولست أقول نهاية غير ما قال دموس:
أدِرِ الدفة يا ربانها فالحمى حنّ إلى من هجره)
(رجل من وطني
لقد اعتاد الجلوس عند تلك الشجرة-شجرة النخيل- وحوله المزروعات الصغيرة التي تحيط به وبشجرة النخيل الطويلة ذات الأوراق اليانعة الخضراء المثمرة بالبلح الوطني الشهي. اعتاد الجلوس أمام مرعىً صغير، ينظر الساقية تديرها بقرة كبيرة الحجم لتسقي المزروعات، فيأتي قطيع الخراف يرعى ويأكل. وهو جالس يتأمل هذا المنظر الرائع. كل يوم كان يجلس هناك كأنه لا عمل له ولا أسرة يسأل عنها أو تسأل عنه .مررت به ذات يوم وهو جالس هناك، اعتاد النظر إلى السماء الصافية والمرعى. دنيت منه وأخذت أتأمله، كان نحيل الجسد طويل القامة أبيض الفودين، كثير التأمل والتفكير. كنت بدايةً أجهل أمره، وحتى لم أكن لأفكر في سبب أنه اعتاد الجلوس هناك بعد صلاة الفجر إلى حين يناديه أحد الأهل. ولكن ذات يوم قررت الاستماع إلى حكايته، لعلي أستطيع أن أفهم ما هو عليه وإن أراد مساعدة ساعدته بها. جلست بالقرب منه، ورددت التحية، فألقاها علي بابتسامة .سألته عن اسمه،فقال:رجل ولدت هناك وعشت هناك أجمل ذكرياتي،أحببت ذلك المكان ولكن على حين غرّة وجدت نفسي هنا حتى أنّني لست أذكر بعد سبب قدومي هنا لا أذكر إلا أنّني من حيفا.. أذكر سماها وأرضها، سهلها وجبلها، أنهارها وغدرانها، شجرها وزهرها، بعدي عنها لهيب يشوي وجهي ، سمومها تلفح أبداني، فكرت ملياً بما قاله..لم استطع أن أدرك من هو وإنّما استطعت أن أعرف أنّه من حيفا،سألته عن حالته هذه، نظر إليّ ولم يجب، ظننّت بدايةً أنه لم يفهم ما أقصد، فصغت السؤال بصيغة أخرى:ماذا تفعل هنا؟ فقال: لا أعرف، لكنّي أحب هذا المكان، أستمتع بالجلوس هنا، فحينما أرى السماء الصافية أتذكر سماء حيفا، وحينما أرى هذا المرعى أتذكر تلك الأرض التي كانت لنا، وحينما أرى هذا القطيع وهو يرعى،أتذكر صوت اليرغول يعزف والشبابة تتغنّي ، وقتها تترامي في صفحتي ألحاني، ولكنّ التقويم يفاجئني والوقت يداهمني وأحلامي تخدعني وذكرياتي تتلاشى وابتسامتي تزول، فلا يبقى لي سوى دموعي، أدخل يده في جيبه وأخرج منديلاً أبيضاً بدا وكأنّه قديم،كان مطرزاً باللون الأسود ، فالتفت إليّ وقال : انظر، هذا منديلي المعطر القديم أهداني إياه والدي رحمه الله، كان أبيض كبياض الثلج، ولكنّ ملوحة دموعي أكلته، حينها أدركتُ أن شيئاً ما بداخله يحزنه ويجعله يجلس وحيداً حتى أنّني فهمت من كلامه أنّه في بعض الأحيان يجلس حزيناً يبكي. ولكنّ حقاً لا زلت أجهله. سألته إن كان يعمل أم لا..فهو رجل قوي البنية شديد العزم والإصرار..فأجاب: وهل من فرص عمل؟ وإن كان قد وجد ، فأنا أشعر بالرغبة الشديدة في الجلوس وحدي أفكر في وطني وأرضي..لذا فلست بحاجةٍ للعمل.فقلت: ويحك! وكيف ستبني مجداً عزيزاً دون عمل؟ أم ستبقى متقاعساً بحجة أنّك تفكّر في فلسطين؟ وأين حق الوطن عليك؟ فقال: ما من طاقةٍ لدي أنفقها في سبيل العمل.قلت له: أنت رجل جلد وقوي وفلسطين بحاجةٍ شديدةٍ وماسةٍ لك وأمثالك من الرجال! نظر إليّ وابتسم وكأنّه الآن أيقن ما عليه حقاً من فعل.. صحيح أنّي لم أكن أملك الأسلوب الوافي للإقناع ولكنّي شعرت برغبته الشديدة في خدمة فلسطين وخدمة وطنه ولكن حقاً هناك ما يشغل تفكيره فألهاه عن العمل، أردت أن أستدرجه لأعرف حقيقته فسألته إن كان له أهل أو أخوة. فأجاب بصوت منخفض مكسور: إنّهم لا يرحمون، لا يعرفون معناً للرحمة ولا الشّفقة، سجنوا أخي الأكبر وقتلوا أختي الصغرى، أشمتها في اغترابي عن أرضي حين تلدغني ذكرى شبابي معها وذكرى عمري الفاني، لم يتمالك نفسه وأجهش بالبكاء؛ أخرجتُ منديلاً ليمسح دموعه، ولكنّه نظر إليّ بابتسامةٍ وقال: أحبّ أن أكمل المشوار، فقد اعتاد منديلي هذا على ملوحة دموعي، واعتدت أنا على خشونة هذا المنديل، فهو يبعث في نفسي الأمل ويعيد لي ذكرياتي التي سرعان ما تتلاشى بعدما تغرق حين تغمرها دموعي، وتخنقها ملوحتها، وتأسرها أحزاني، وترشقها بالكآبة أشواقي، فتندثر تحت رمال أفكاري، فتلهبها شوقاً ذكرياتي، وتداعبها آمالي المنتظرة، فترفرف عالياً محلقةً مع العقاب، فإن أنا عجزت عن العودة فلا بدّ للذكرياتِ أن تعود... فإنه لي في حيفا عيون قد أعولت وجروح قد نزفت،نظرت إليه بعين مشفقة وقلتُ: أهذا حقاً ما فعله الاحتلال؟ قال: وهل هناك غيره؟ قلت: ولكنهم يعرضون السلام!فأجاب بعد ضحكة عالية ملأت الجو وانتشرت حتى وصلت أذني:سلام؟ أي سلام ذاك الذي يتحدثون عنه؟ بل قل يريدون أن تقول لهم وعليكم السلام دون أن يقولوا السّلام عليكم! لقد أضحكتني حقاً، إنّهم يقتلوا وينهبوا ويأسروا،ويهدموا وينسفوا ويعذبوا ويهينوا، ثمّ تقول سلام؟! قلتُ: فلنبدأ به نحن! فأجاب على الفور: ماذا تقول يا أخ العرب؟ أنبدأ به نحن ؟ كيف ونحن أصحاب الحق والوطن والأرض؟ ألسنا من قتّلنا؟ألسنا من هجّرنا؟ ألسنا من ذبّحنا؟ ألسنا من انتهكت حقوقنا وعروضنا؟ وبعد كل هذا وذاك تقول:لم لا نبدأ نحن به؟ سرحت برهة ثمّ فكرت بما قاله ، خجلت من نفسي وندمت على ما قلت. لقد كان كلامه كالنبع المعطاء كالشلال المنهمر.سألته كم سنك؟ فأجاب: عظم! قلت: ما هذا بقاصد وإنّما ابن كم أنت؟ فقال: رجل واحد! قلت: ولا هذا ، وإنّما كم أتى عليك من الدهر؟ فقال: لو أتى عليّ شيء لقتلني! قلت له وقد عجزت عن الردّ وخجلت من كثرة الأسئلة: فبماذا أسأل؟قال: قل: كم مضى من عمرك! ابتسمت وأيقنت أن له عقلاً حكيماً من شدة ما عانى جعله فيلسوف عصره..فأعدت السؤال عليه قائلاً: كم مضى من عمرك؟ فقال: أزهر العمرُ واحد وخمسون ربيعاً، واحد وخمسون خريفاً، واحد وخمسون يغزوني الأرق... ، أنا ها هنا غريب وروحي تشاركت مع دموعي في ألأسي، هذا العذاب لوعني بأشواقي وأحزاني. تأملته ثمّ سألته عن حياته كيف يمضيها فأجاب: كسر في عمق اليمّ مجدافي وفي منتصف العمر لا أعرف قراري، أتذكر فصول حياتي قصة جميلة وأتذكر كيّ بطل من أزمنة الأشعار.. ففيم العزاء ولا قلب ألوذ به، ولا حنان يداعبني كتحنان أوطاني، لم أفهم ما قاله...ولكنّني مددّت يدي نحوه وابتسمت، ابتسم ومد يده نحوي، أمسكت يده، وحينها شعرت وكأن دماً يسري في عروقي من جديد، أحسست وكأنّ فلسطين من المحال أن تأخذ من أيدي رجالها بهذه السهولة، فهذا هو حال الكثرة الكثيرة من أبطال فلسطين، شبابها رجال يعشقون الخطوة وتعشقهم اللوعة، ويزرعون الورد في أراضي الجفاف، يعضون أطراف العصي كأنها تخزّم بالأطراف شوك العقارب ولا يبالون، رجالها عزمهم كالحجر كالصخرة الصماء لا يعرفون معنىً للكللِ أو للمللِ، وإنّما هم رجالٌ شجعانٌ صلب كالأسودِ الجبارةِ كالفهودِ المتربصةِ بفريستها، كالنمورِ مستعلية مكانها تنظرُ وتحرسُ الأقصى....صحيحْ.. نسيتُ أنْ أكملَ القصةَ، لقد سرقتني تلكَ الكلمات وأخذتني من عالمِ الحقيقةِ إلى عالم الأحلامِ ..بعد فترةٍ من الزمنِ رأيتُ ذلك الرجل كما اعتدتْ على رؤيته كل يوم ، ولكن ليس كما اعتدتُ أن أراه فقد رأيته في هذا اليوم متجهاً للعمل كان سعيداً وسعادته تملأُ وجهه نضارةً وابتسامته تكادُ تخرق وجهه من شدة اللهفةِ والفرحِ، سلمتُ عليه وسألته: ما سبب كل هذه الفرحةِ والسرعة؟ أأنت ذاهبٌ لملاقاة أحد؟ فقال: نعم، ولكن ليس كما تتوقع، فأنا رجل قوي ذو عزيمة وإصرارٍ كبيرٍ أحبُّ وطني ولا أستطيع أن أراه يُدمّر أمامي وأنا لا أحرك ساكناً من أجله، أمس كنت جالساً أراجع وأحاور نفسي وأتذكر كلامك البسيط عن ضرورة العمل بالنسبة لوضع فلسطين ..عرفت أنّه من الضروريِ أن أعمل من أجلِ هذا الوطنِ من أجل العودةِ لحيفا..فقلتُ له وقد سررتُ لسماعي هذا الكلام منه : هكذا عهدتْ فلسطين أبطالها رجالاً أقوياء لا يهابونَ المصاعب ويواجهون الكوارثَ بعزمٍ ويقينٍ دونَ كللٍ أو مللٍ..والآن هيا إلى عملك لتغدوا بطلاً فلسطينياً يستحق بلده ويستحق العيش فيه ، ودّعته بابتسامةٍ هادئةٍ على أمل اللقاء به ..كل صباحٍ كنتُ أراه متجهاً لورشةِ العمل وكنت في بعض الأوقات أمرّ عليه فأراه يعمل بكدٍ وإخلاصٍ كأنّ الوطن يناديه :أتقن عملك وأنهه بسرعةٍ فأنا أتتوقُ شوقاً لرؤية ابني ماذا بصانعٍ؟ كما أنّه لم ينسَ ذلك المكان الرائع الذي اعتاد الجلوس عنده منذ الفجر حتى يناديه أحد الأهل ،بل كان يتجه إليه قاصداً ذكرياته المعطرة والمرحة المليئة بالحزن والوفاء والحب والشوق والحنين لبلده.ولكن ذات صباحٍ رأيته أكثر ابتساماً مما سبق وكأنه ذاهبٌ لملاقاة حيفا في طريقه، لم أره كما اعتدت أن أراه ذاهباً للعمل أو كما عهدته في السابق تحت ظل شجرة النخيل، وإنّما رأيته هذه المرة على غير عادته، رأيته يحملُ سلاحه ورائحةُ العطرِ تفوحُ من ثيابه وكأنّها المسك ...ظننّت أول الأمر أنّه التحق بالجيش، ولكن عندما سلمت عليه وردّ عليّ بأجملها وأطيبها تحيّة، سألته: أين وجهتك أخي؟ فقال: لا فائدةً من جلوسي هناك،أنظر المسلسلَ الدامي من بعيد دون أن أحركَ ساكن!وإنّما الشجعانُ حقاً هم اليومَ يظهرون، إنّما من يحب وطنه لا يجلس يفكر ويغرق في أماله وطموحه ويبقى ليفكر بالمستقبل دون أن يصنعه هو ؛ ليس بالضرورة أن يصنعه لنفسه، وإنّما يصنعه لغيره من أمثاله،ولا يصنعه ليخلّدَهُ التاريخ، أو لتَذْكُرَهُ الأيام أو ليُعلّقَ اسمه على الجدرانِ ويُصمدَ لفخارٍ، وإنّما ليصنع تاريخه ومجده، وليعيد ما كان للوطنِ من مجد، فإنّي اليوم قد أغلقت فمي عن فنون القولِ، وتركت لسلاحي أن يتكلمَ، ليحيل أركان اليهود جهنمَ، أخي إنّي ماضٍٍ في طريقي، فباللهِ عليك أوصي مَن بعدي بأنّ طريقهم مِن هنا، أوصِ أبطالبنا بأن يمروا على هذا الطريق...ثم أَخْرَجَ من جيبه منديله الأبيض وأعطاني إيّاه وشدّ على يدي وأوصاني بحبِ الوطن وحب الأرض، وأخبرني بأن لا أقلق لأنّ هذا التراب سيعود بالدم لا بالسلام الزائف.. وطلب منّي أن لا أبكي وأن أطلب من غيري عدم البكاء ، فيعتقد العدوّ أنّك ضعيف فيزاول مصائبه التي اعتاد عليها بحقنا ... وقتها أيقنت ما بداخله، فإنّه بداخله طاقةُ حبٍ للوطن كأنَها البركان ،ربَتّ على كتفه وقبّلته وودّعته ودعيت له، وقبلت منديله، ثمّ سار في طريقه، وقفت أتأمل مِشيته وأُنصت لخطواته على الدرب يدفعها بكل عزمٍ ويقينٍ وقوةٍ ؛حتى اختفى عن أنظاري ،وقفتُ وشعرتُ حينها بهزةٍ قويّةٍ تهزّ جسدي ورعشةٍ خطيرةٍ تسحبُني للأمامِ خطواتٍ، ولم أعد أعي على نفسي ، حتى تَساقطَتْ منهمرةً الدموعَ مِن جفني على خدي...فأدخلتُ يدي في جيبي لِأُخرجَ منديلي، ولكنّي تذكرتُ منديله الأبيض المعطر المطرز بالخطوطِ السوداء ، ف أمسكته ومسحتُ به دموعي اْلتي مُلئتْ بالحرقةِ والوفاءِ والحبِّ والشوقِ،لعلي أقدر أنْ أسيرَ خلفه على نهجه وطريقه نحوَ المقاومةِ والنضالِ نحوِ الحريَّةِ والابتهالِ..)
اسفه،، فقد أثقلت عليكم وأطلت،،،تقبلوا احترام ابنتكم/ ماجدة