تم تصدير هذا الكتاب آليا بواسطة المكتبة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة المكتبة الشاملة على الإنترنت)
http://www.waqfeya.net/shamela
الكتاب : الرضا عن الله بقضائه لابن أبي الدنيا
مصدر الكتاب : موقع جامع الحديث
http://www.alsunnah.com
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]
الرضا عن الله بقضائه لابن أبي الدنيا
(1/1)
--------------------------------------------------------------------------------
حال المؤمن كله خير
(1/2)
--------------------------------------------------------------------------------
1 - حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، عن منصور بن أبي الأسود عن الحسن بن عبيد الله عن ثعلبة البصري قال : قال لنا أنس بن مالك : لأحدثنكم بحديث لا يحدثكم به أحد بعدي : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسا فضحك وقال : « أتدرون مم ضحكت ؟ » قالوا : الله ورسوله أعلم قال : « عجبت للمؤمن إن الله تبارك وتعالى لا يقضي له قضاء إلا كان خيرا له »
(1/3)
--------------------------------------------------------------------------------
2 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن عبد المجيد التميمي ، قال : حدثنا النضر بن إسماعيل ، عن محمد بن إبراهيم ، عن ابن جريج ، عن رجل ، من الأنصار قال : قيل لعائشة : ما كان أكثر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته إذا خلا ؟ قالت : كان أكثر كلامه إذا خلا في بيته « ما يقضى من أمر يكون »
(1/4)
--------------------------------------------------------------------------------
الصبر رضا
(1/5)
--------------------------------------------------------------------------------
3 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا عون بن إبراهيم ، قال : حدثني محمد بن المصفى ، قال : حدثنا بقية ، عن إسماعيل بن عياش ، عن عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن أبي عمران ، عن أبي سلام الحبشي ، عن ابن غنم الأشعري ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « الصبر رضا »
(1/6)
--------------------------------------------------------------------------------
4 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا داود بن رشيد ، قال : حدثنا أبو المليح ، قال : حدثنا فرات بن سلمان ، عن أنس بن مالك ، قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثمان سنين وخدمته عشر سنين ، فما لامني لائم من أهله إلا قال : « دعوه فإنه لو قضي شيء كان »
(1/7)
--------------------------------------------------------------------------------
إياك أن تتهم الله في قضائه
(1/8)
--------------------------------------------------------------------------------
5 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا إسحاق بن حاتم المدائني ، قال : حدثنا يحيى بن سليم ، عن محمد بن مسلم ، قال : بلغني أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أوصني ولا تكثر علي قال : « لا تتهم الله في شيء قضاه لك »
(1/9)
--------------------------------------------------------------------------------
محبة الله للراضي بقضائه
(1/10)
--------------------------------------------------------------------------------
6 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا داود بن رشيد ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن أبي مسلم ، أنه دخل على أبي الدرداء في اليوم الذي قبض فيه وكان عندهم في العز كأنفسهم ، فجعل أبو مسلم يكبر فقال أبو الدرداء : « أجل فهكذا فقولوا فإن الله تبارك وتعالى إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به »
(1/11)
--------------------------------------------------------------------------------
7 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن علقمة ، ( ومن يؤمن بالله يهد قلبه (1) ) قال : « هي المصيبة تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى »
__________
(1) سورة : التغابن آية رقم : 11
(1/12)
--------------------------------------------------------------------------------
الراضون لهم منار في الجنة
(1/13)
--------------------------------------------------------------------------------
8 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني علي بن الحسين العامري ، قال : حدثني أبو بدر ، قال : حدثنا عمر بن ذر ، قال : بلغنا أن أم الدرداء ، كانت تقول : « إن الراضين بقضاء الله الذين ما قضى لهم رضوا به ، لهم في الجنة منار ليغبطهم بها الشهداء يوم القيامة »
(1/14)
--------------------------------------------------------------------------------
أحب الأعمال إلى الله الرضا
(1/15)
--------------------------------------------------------------------------------
9 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : أخبرنا المفضل بن غسان ، قال : حدثنا عمر بن السكن ، ، عن سليمان بن المغيرة ، قال : « كان فيما أوحى الله سبحانه وتعالى إلى داود عليه السلام : يا داود إنك لن تلقاني بعمل هو أرضى لي عنك ، ولا أحط لوزرك من الرضا بقضائي ، ولن تلقاني بعمل هو أعظم لوزرك ، ولا أشد لسخطي عليك من البطر ، فإياك يا داود والبطر »
(1/16)
--------------------------------------------------------------------------------
محبة عمر بن عبد العزيز لقضاء الله
(1/17)
--------------------------------------------------------------------------------
10 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، قال : قال عمر بن عبد العزيز : « ما لي في الأمور هوى سوى مواقع قضى الله عز وجل فيها »
(1/18)
--------------------------------------------------------------------------------
من صور الرضا عن الله
(1/19)
--------------------------------------------------------------------------------
11 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن عباد بن موسى ، عن الحسن بن علي البصري ، قال : « أصبح أعرابي وقد مات له أباعر (1) كثير فقال : لا والذي أنا عبد في عبادته لولا شماتة أعاديه أظن ما سرني أن إبلي (2) في مباركها (3) وأن شيئا قضاه الله لم يكن »
__________
(1) الأباعر : جمع بعير وهو ما صلح للركوب والحمل من الإبل ، وذلك إذا استكمل أربع سنوات ، ويقال للجمل والناقة
(2) الإبل : الجمال والنوق ليس له مفرد من لفظه
(3) مبارك الإبل : هو الموضع الذي تَبْرُك فيه
(1/20)
--------------------------------------------------------------------------------
12 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني أحمد بن العباس النمري ، قال : حدثني يونس بن محمد المكي ، قال : زرع رجل من أهل الطائف زرعا ، فلما بلغ أصابته آفة فاحترق ، فدخلنا عليه نواسيه (1) عنه فبكى وقال : « والله ما عليه أبكي ولكني سمعت الله تبارك وتعالى يقول : ( كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته (2) ) فأخاف أن أكون من هذه الصفة فذلك الذي أبكاني »
__________
(1) المواساة : المشاركة والمسَاهَمَة في المعَاش والرزق
(2) سورة : آل عمران آية رقم : 117
(1/21)
--------------------------------------------------------------------------------
13 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن إدريس ، عن زهير بن عباد ، عن السري بن حيان ، قال قال عبد الواحد بن زيد : « الرضا باب الله الأعظم ، وجنة الدنيا ، ومستراح العابدين »
(1/22)
--------------------------------------------------------------------------------
من كلمات الراضين وأحوالهم
(1/23)
--------------------------------------------------------------------------------
14 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : وحدثني محمد بن إدريس الرازي ، قال : حدثني أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا سليمان الداراني ، قال : « أرجو أن أكون قد رزقت من الرضا طرفا لو أدخلني النار لكنت بذلك راضيا »
(1/24)
--------------------------------------------------------------------------------
15 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني المفضل بن غسان ، قال : حدثنا أبي ، عن أبي زيد العنزي ، قال : عن سماك ، عن الأغر قال : نظر علي بن أبي طالب عليه السلام إلى عدي بن حاتم كئيبا (1) فقال : « يا عدي ، ما لي أراك كئيبا حزينا ؟ » قال : وما يمنعني وقد قتل ابناي وفقئت عيني ؟ ، فقال : يا عدي ، « إنه من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر ، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وحبط عمله »
__________
(1) الكآبة : تغيُّر النَّفْس بالانكسار من شدّة الهمِّ والحُزن
(1/25)
--------------------------------------------------------------------------------
هل يتمنى الراضي فوق منزلته
(1/26)
--------------------------------------------------------------------------------
16 - حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن علي بن الحسن ، قال : حدثنا إبراهيم بن الأشعث ، قال : سمعت الفضيل ، يقول : « الراضي لا يتمنى فوق منزلته »
(1/27)
--------------------------------------------------------------------------------
17 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني الحسن بن عبد العزيز ، عن ضمرة بن ربيعة ، عن ابن شوذب ، قال : اجتمع مالك بن دينار ومحمد بن واسع فتذاكرا العيش فقال مالك : « ما شيء أفضل من أن يكون للرجل غلة يعيش فيها » ، وقال محمد : « طوبى (1) لمن وجد غداء ولم يجد عشاء ، ووجد عشاء ولم يجد غداء وهو عن الله عز وجل راض » ، أو فقال : « والله عنه راض »
__________
(1) طوبى : اسم الجنة ، وقيل هي شجرة فيها
(1/28)
--------------------------------------------------------------------------------
متى يصل العبد إلى الرضا ؟
(1/29)
--------------------------------------------------------------------------------
18 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني زياد بن أيوب ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا سليمان ، يقول : « إذا سلا العبد عن الشهوات فهو راض »
(1/30)
--------------------------------------------------------------------------------
19 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا زياد بن أيوب ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : حدثني أبو عمرو الكندي ، قال : أغارت الروم على جواميس لبشير الطبري نحو من أربعمائة جاموس قال : فاستركبني فركبت معه أنا وابن له قال : فلقينا عبيده الذين كانوا مع الجواميس معهم عصيهم قالوا : يا مولانا ذهبت الجواميس فقال : « وأنتم أيضا فاذهبوا معها فأنتم أحرار لوجه الله » ، فقال له ابنه : يا أباه أفقرتنا فقال : « اسكت يا بني إن ربي عز وجل اختبرني فأحببت أن أزيده »
(1/31)
--------------------------------------------------------------------------------
20 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني زياد بن أيوب ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : حدثني أحمد بن صاعد ، قال : سمعت عبد العزيز بن عمير ، يقول : كان في خرابات القبائل بمصر رجل مجذوم (1) وكان شاب من أهل مصر يختلف إليه يتعاهده ويغسل خرقه ويخدمه فتعرى فتى من أهل مصر فقال للذي كان يخدمه : إنه بلغني أنه يعرف اسم الله الأعظم وأنا أحب أن أجيء معك إليه فأتاه فسلم عليه وقال : يا عم إنه بلغني أنك تعرف اسم الله الأعظم فلو سألته أن يكشف ما بك قال : « يا ابن أخي هو الذي ابتلاني (2) فأنا أكره أن أرده »
__________
(1) المجذوم : من أصيب بمرض يشوه جسمه ويسقط بسببه أطرافه
(2) الابتلاء : الاختبار والامتخان بالخير أو الشر
(1/32)
--------------------------------------------------------------------------------
21 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني زياد بن أيوب ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : حدثني جعفر بن محمد ، من الأنباء قال : ذكروا عند رابعة العدوية عابدا كان في بني إسرائيل لا ينزل إلا في كل سنة مرة ، ينزل من متعبده فيأتي مزبلة على باب الملك فيتقمم من فضول مائدته فقال رجل عندها : وما على هذا إذا كان في هذه المنزلة أن يسأل الله أن يجعل رزقه من غير هذا ، فقالت رابعة : « يا هذا إن أولياء الله إذا قضي لهم قضاء لم يتسخطوه (1) »
__________
(1) تسخط الشيء : عده قليلا ولم يرض به
(1/33)
--------------------------------------------------------------------------------
22 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني أبو عبد الله المروزي ، رجل من أهل مرو قال : قال حفص بن حميد : كنت عند عبد الله بن المبارك بالكوفة حين ماتت امرأته فسألته ما الرضا ؟ قال : « الرضا لا يتمنى خلاف حاله » فجاء أبو بكر بن عياش فعزى عبد الله قال حفص : ولم أعرفه فقال عبد الله : سله عما كنا فيه فسألته فقال : من لم يتكلم بغير الرضا فهو راض قال حفص : وسألت الفضيل بن عياض فقال : ذلك للخواص
(1/34)
--------------------------------------------------------------------------------
من الراضي عن الله ؟
(1/35)
--------------------------------------------------------------------------------
23 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني قادم الديلمي العابد ، قال : قلت للفضيل بن عياض : من الراضي عن الله ؟ قال : « الذي لا يحب أن يكون على غير منزلته التي جعل فيها »
(1/36)
--------------------------------------------------------------------------------
أرفع درجات الآخرة للراضين
(1/37)
--------------------------------------------------------------------------------
24 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني حكيم بن جعفر ، قال : سمعت أبا عبد الله البراثي ، يقول : « لن يرد الآخرة أرفع درجات من الراضين عن الله عز وجل على كل حال »
(1/38)
--------------------------------------------------------------------------------
حكايات عن الراضين
(1/39)
--------------------------------------------------------------------------------
25 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني محمد بن معاوية الأزرق ، قال : حدثنا شيخ لنا قال : « التقى يونس وجبريل صلى الله عليهما فقال يونس : يا جبريل دلني على أعبد أهل الأرض ، قال : فأتى به على رجل قد قطع الجذام (1) على يديه ورجليه وهو يقول : متعني بهما حيث شئت واسلبنيهما حيث شئت فأبقيت لي فيك الأمل يا بار بي يا وصول ، فقال يونس : يا جبريل إنما سألتك أن ترينيه صواما قواما قال جبريل : إن هذا كان قبل البلاء هكذا ، وقد أمرت أن أسلبه بصره قال : فأشار إلى عينيه بإصبعه فسلبتا فقال : متعني بهما حيث شئت واسلبنيهما حيث شئت وأبقيت لي فيك الأمل يا بار يا وصول فقال جبريل : هلم (2) تدعو وندعو معك فيرد عليك يديك ورجليك وبصرك فتعود إلى العبادة التي كنت فيها ، قال : ما أحب ذلك قال : ولم ؟ قال : إذا كان محبته في هذا فمحبته أحب إلي من ذلك . قال : فقال يونس صلى الله عليه : يا جبريل يا الله ما رأيت أحدا أعبد من هذا قط ؟ فقال جبريل : يا يونس إن هذا الطريق لا يوصل إلى رضا الله بشيء أفضل منه »
__________
(1) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف
(2) هلم : اسم فعل بمعنى تعال أو أقبل أو هات
(1/40)
--------------------------------------------------------------------------------
26 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني الحسن بن يحيى بن كثير العنبري ، عن خزيمة أبي محمد العابد ، قال : « مر نبي من الأنبياء برجل قد نبذه (1) أهله من البلاء (2) فقال : يا رب عبدك هذا لو نقلته من حاله ، فأوحى الله إليه أن سله يحب أن أنقله ؟ فقال له : يا هذا ما تحب أن ينقلك الله من حالك هذه إلى غيرها ؟ فقال الرجل : أتخير على الله ذلك إليه »
__________
(1) النبذ : الرمي والطرح
(2) البلاء : الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
(1/41)
--------------------------------------------------------------------------------
27 - حدثنا الحسين ، قال : حدثنا عبد الله ، قال : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني عبيد الله بن محمد التيمي ، قال : حدثنا أصحابنا ، عن رجالهم ، قال : قام موسى صلى الله عليه وسلم في بني إسرائيل بخطبة أحسن فيها فأعجب بها فقالت له بنو إسرائيل : أفي الناس أعلم منك ؟ قال : لا قال : فأوحى الله إليه إن في الناس من هو أعلم منك قال : يا رب ومن أعلم مني وقد آتيتني التوراة فيها علم كل شيء قال : فأوحى الله إليه : أعلم منك عبد من عبادي حملته الرسالة ثم بعثته إلى ملك جبار عنيد فقطع يديه ورجليه وجدع أنفه فأعدت إليه ما قطع منه ثم أعدته إليه رسولا ثانية وهو يقول : رضيت لنفسي بما رضيت لي ولم يقل كما قلت أنت أول وهلة : ( فأخاف أن يقتلون (1) )
__________
(1) سورة : الشعراء آية رقم : 14
(1/42)
--------------------------------------------------------------------------------
28 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا أبو أسامة ، قال : حدثنا الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق ، قال : « كان رجل بالبادية له كلب وحمار وديك فالديك يوقظهم للصلاة والحمار ينقلون عليه الماء ويحمل لهم خباءهم (1) والكلب يحرسهم قال : فجاء ثعلب فأخذ الديك فحزنوا لذهاب الديك وكان الرجل صالحا فقال : عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا ما شاء الله ثم جاء ذئب فخرق بطن الحمار فقتله فحزنوا لذهاب الحمار فقال الرجل الصالح : عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا ما شاء الله بعد ذلك ثم أصيب الكلب فقال الرجل الصالح : عسى أن يكون خيرا ثم مكثوا بعد ذلك ما شاء الله ، فأصبحوا ذات يوم فنظروا فإذا قد سبي (2) من حولهم وبقوا هم قال : وإنما أخذوا أولئك بما كان عندهم من الصوت والجلبة ولم يكن عند أولئك شيء يجلب ، قد ذهب كلبهم وحمارهم وديكهم »
__________
(1) الخباء : الخيمة
(2) سبي : أسر
(1/43)
--------------------------------------------------------------------------------
29 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني أحمد بن إبراهيم بن كثير العبدي ، قال : حدثنا خلف بن الوليد ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أبي الحواري ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب ، قال : قال لقمان لابنه : « لا ينزلن بك أمر رضيته أو كرهته إلا جعلت في الضمير منك أن ذلك خير لك . قال : أما هذه فلا أقدر أن أعطيكها دون أن أعلم ما قلت أنه كما قلت قال : يا بني فإن الله قد بعث نبيا ، هلم (1) حتى نأتيه فعنده بيان ما قلت لك قال : اذهب بنا إليه قال : فخرج وهو على حمار وابنه على حمار وتزودوا ما يصلحهم من زاد (2) ثم سارا أياما وليالي حتى تلقتهما مفازة فأخذا أهبتهما لها فدخلاها فسارا ما شاء الله أن يسيرا حتى ظهرا وقد تعالى النهار واشتد الحر ونفد الماء والزاد واستبطآ حماريهما فنزل لقمان ونزل ابنه فجعلا يشتدان على سوقهما فبينما هما كذلك إذ نظر لقمان أمامه فإذا هو بسواد ودخان فقال في نفسه : السواد شجر والدخان عمران وناس فبينما هما كذلك يسيران إذ وطئ (3) ابن لقمان على عظم ناتئ (4) على الطريق فدخل في باطن القدم حتى ظهر من أعلاها فخر ابن لقمان مغشيا (5) عليه فحانت من لقمان التفاتة فإذا هو بابنه صريع (6) فوثب إليه فضمه إلى صدره واستخرج العظم بأسنانه واشتق عمامة كانت عليه فلاث بها رجله ثم نظر إلى وجه ابنه فذرفت (7) عيناه فقطرت قطرة من دموعه على خد الغلام فانتبه لها فنظر إلى أبيه وهو يبكي فقال : يا أبت أنت تبكي وأنت تقول : هذا خير لي ؟ كيف يكون هذا خيرا لي وأنت تبكي وقد نفد الطعام والماء وبقيت أنا وأنت في هذا المكان فإن ذهبت وتركتني على حالي ذهبت بهم وغم ما بقيت وإن أقمت معي متنا جميعا ؟ فكيف عسى أن يكون هذا خيرا لي وأنت تبكي ؟ قال : أما بكائي يا بني فوددت أني أفتديك بجميع حظي من الدنيا ولكني والد ومني رقة الوالد وأما ما قلت : كيف يكون هذا خيرا لي ؟ فلعل ما صرف عنك يا بني أعظم مما ابتليت به ولعل ما ابتليت به أيسر مما صرف عنك ، فبينا هو يحاوره إذ نظر لقمان هكذا أمامه فلم ير ذلك الدخان والسواد فقال في نفسه : لم أر شيئا ثم قال : قد رأيت ولكن لعل أن يكون قد أحدث ربي بما رأيت شيئا فبينا هو يتفكر في هذا إذ نظر أمامه فإذا هو بشخص قد أقبل على فرس أبلق (8) عليه ثياب بياض وعمامة بيضاء يمسح الهواء مسحا فلم يزل يرمقه (9) بعينه حتى كان منه قريبا فتوارى عنه ثم صاح به فقال : أنت لقمان ؟ قال : نعم قال : أنت الحكيم ؟ قال : كذلك يقال وكذلك نعتني ربي قال : ما قال لك ابنك هذا السفيه (10) ؟ قال : يا عبد الله من أنت ؟ أسمع كلامك ولا أرى وجهك قال : أنا جبريل لا يراني إلا ملك مقرب أو نبي مرسل ، لولا ذلك لرأيتني فما قال لك ابنك هذا السفيه ؟ قال : قال لقمان في نفسه : إن كنت أنت جبريل فأنت أعلم بما قاله ابني مني فقال جبريل صلى الله عليه وسلم : ما لي بشيء من أمركما على أن حفظتكما ائتيني فقد أمرني ربي بخسف (11) هذه المدينة وما يليها ومن فيها فأخبروني أنكما تريدان هذه المدينة فدعوت ربي أن يحبسكما عني بما شاء فحبسكما الله عني بما ابتلى به ابنك ولولا ما ابتلي به ابنك لخسفت بكما مع من خسفت . قال : ثم مسح جبريل يده على قدم الغلام فاستوى قائما ومسح يده على الذي كان فيه الطعام فامتلأ طعاما ومسح يده على الذي كان فيه الماء فامتلأ ماء ثم حملهما وحماريهما فزجل (12) بهما كما يزجل الطير فإذا هما في الدار التي خرجا منها بعد أيام وليال »
__________
(1) هلم : اسم فعل بمعنى تعال أو أقبل أو هات
(2) الزاد : هو الطعام والشراب وما يُتَبَلَّغُ به، ويُطْلق على كل ما يُتَوصَّل به إلى غاية بعينها
(3) وطئ : وضع قدمه على الأرض أو على الشيء وداس عليه ، ونزل بالمكان
(4) النتوء : البروز
(5) الغشي : فقدان الوعي ، والإغماء
(6) صريع : قتيل
(7) ذرفت العيون : سال منها الدمع
(8) الأبلق : الذي به سواد وبياض
(9) رمق : نظر وتأمل وراقب
(10) السَّفَه : الخفّة والطيشُ، وسَفِه رأيُه إذا كان مَضْطربا لا اسِتقامَةَ له، والسفيه : الجاهلُ
(11) الخسف : ذهاب الشيء في الأرض والغور به فيها
(12) زجل : رمى
(1/44)
--------------------------------------------------------------------------------
حديث عمر بن الخطاب عن الرضا
(1/45)
--------------------------------------------------------------------------------
30 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا علي بن الجعد ، قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن أبي السوداء ، عن أبي مجلز لاحق بن حميد قال : قال عمر بن الخطاب : « ما أبالي على أي حال أصبحت على ما أحب أو على ما أكره ، لأني لا أدري ، الخير فيما أحب أو فيما أكره ؟ »
(1/46)
--------------------------------------------------------------------------------
من أحوال أهل الرضا في الآخرة
(1/47)
--------------------------------------------------------------------------------
31 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني حكيم بن جعفر ، قال : سمعت أبا عبد الله البراثي يقول : « من وهب له الرضا فقد بلغ أفضل الدرجات »
(1/48)
--------------------------------------------------------------------------------
32 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثني مسكين بن عبد الله ، قال : سمعت هدابا ، يقول : قال لي بعض العباد : « إن أنت رضيت مهما أعطيت خف الحساب عليك فيما أوتيت »
(1/49)
--------------------------------------------------------------------------------
33 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني سريج بن يونس ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، عن شيخ ، من أهل البصرة ، عن مالك بن دينار ، عن الحسن قال : « من رضي من الله بالرزق اليسير رضي الله منه بالعمل القليل »
(1/50)
--------------------------------------------------------------------------------
34 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا محمد بن إدريس ، قال : حدثنا ابن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا عبد الله النباجي يقول : « إن أعطاك أغناك ، وإن منعك أرضاك »
(1/51)
--------------------------------------------------------------------------------
35 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن إدريس ، قال : حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، عن أبي عبد الله النباجي ، قال : « إن أحببتم أن تكونوا أبدالا (1) فأحبوا ما شاء الله ومن أحب ما شاء الله لم ينزل به من مقادير الله وأحكامه شيء إلا أحبه »
__________
(1) الأبدال : الأولياء والعُبَّاد ، سُمُّوا بذلك لأنهم كلما مات واحد منهم أُبْدِلَ بآخر
(1/52)
--------------------------------------------------------------------------------
هل أنت من أهل الصبر أو الرضا ؟
(1/53)
--------------------------------------------------------------------------------
36 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد ، قال : حدثنا أحمد ، عن أبي عبد الله النباجي ، قال : « إن في خلق الله خلقا يستحيون من الصبر لو يعلمون مواقع أقداره تلقفوها تلقفا »
(1/54)
--------------------------------------------------------------------------------
37 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني إبراهيم بن داود ، قال : قال بعض الحكماء : « إن لله عبادا يستقبلون المصائب بالبشر ، أولئك الذين صفت من الدنيا قلوبهم »
(1/55)
--------------------------------------------------------------------------------
أسرع الناس مرا على الصراط
(1/56)
--------------------------------------------------------------------------------
38 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن الحارث الخزاز ، قال : حدثنا سيار ، قال : حدثنا جعفر ، قال : حدثنا عبد الصمد بن معقل ، عن وهب بن منبه ، قال : وجدت في زبور داود : « يا داود هل تدري من أسرع الناس مرا على الصراط ؟ الذين يرضون بحكمي ألسنتهم رطبة (1) من ذكرى »
__________
(1) رطبة : طرية مشتغلة قريبة العهد منه وهو كناية عن المداومة على الذكر
(1/57)
--------------------------------------------------------------------------------
39 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا العباس بن يزيد ، قال : حدثنا يعلى بن عبد الرحمن العنبري ، قال : حدثنا سيار ابن سلامة قال : دخل رجل على أبي العالية في مرضه الذي مات فيه فقال : « إن أحبه إلي أحبه إلى الله عز وجل »
(1/58)
--------------------------------------------------------------------------------
40 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا المحاربي ، عن سفيان ، قال : كنا نعود (1) زبيدا اليامي فنقول : استشف الله فيقول : « اللهم خر (2) لي اللهم خر لي »
__________
(1) العيادة : زيارة الغير
(2) خِر : اخْتَرْ
(1/59)
--------------------------------------------------------------------------------
41 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني سلمة بن شبيب ، قال : حدثنا سهل بن عاصم ، قال : حدثنا محمد بن عيينة ، عن مخلد بن حسين ، قال : كان بالبصرة رجل يقال : له شداد أصابه الجذام (1) فتقطع فدخل عليه عواده (2) من أصحاب الحسن فقالوا له : كيف تجدك ؟ قال : « بخير » قال : « أما إنه ما فاتني جزئي بالليل منذ سقطت وما بي إلا أنى لا أقدر على أن أحضر صلاة الجماعة »
__________
(1) الجُذَام : هو الدَّاء المعروف يصيب الجلد والأعصاب وقد تتساقط منه الأطراف
(2) العواد : الزائرون
(1/60)
--------------------------------------------------------------------------------
الحياة الطيبة في الدنيا هي الرضا
(1/61)
--------------------------------------------------------------------------------
42 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن إدريس ، قال : حدثني عمرو بن أسلم العابد ، قال : سمعت أبا معاوية الأسود ، يقول في قوله ( فلنحيينه حياة طيبة (1) ) قال : « الرضا والقناعة »
__________
(1) سورة : النحل آية رقم : 97
(1/62)
--------------------------------------------------------------------------------
من جلساء الرحمن يوم القيامة ؟
(1/63)
--------------------------------------------------------------------------------
43 - حدثنا الحسين قال حدثنا عبد الله ، قال : حدثنا عمران بن موسى ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، بإسناد رفعه جلساء الرحمن تبارك وتعالى يوم القيامة الخائفون الراضون المتواضعون الشاكرون الذاكرون
(1/64)
--------------------------------------------------------------------------------
أي الخلق أعظم ذنبا ؟
(1/65)
--------------------------------------------------------------------------------
44 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا عبد الرحمن بن يونس ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن عبد الملك بن حسن ، عن محمد بن كعب ، قال : « قال موسى النبي صلى الله عليه وسلم : أي رب أي خلقك أعظم ذنبا ؟ قال : الذي يتهمني قال : أي رب وهل يتهمك أحد ؟ قال : نعم ، الذي يستخير بي ولا يرضى بقضائي »
(1/66)
--------------------------------------------------------------------------------
أخبار ضعيفة في أحوال أهل الرضا
(1/67)
--------------------------------------------------------------------------------
45 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني محمد بن قدامة ، قال : حدثني موسى بن داود ، قال : حدثني رياح القيسي أبو المهاجر ، عن الحسن ، قال : « كانت الدودة تقع من جسد أيوب فيأخذها فيعيدها إلى مكانها ويقول : كلي من رزق الله »
(1/68)
--------------------------------------------------------------------------------
46 - حدثنا أبو سعيد المديني ، قال : حدثني إسحاق بن محمد الفروي ، قال : حدثنا مالك ، عن يحيى بن سعيد ، أن عمر بن عبد العزيز ، كان يقول : « لقد تركتني هؤلاء الدعوات وما لي في شيء من الأمور كلها إرب إلا في مواقع قدر الله قال : وكان كثيرا مما يدعو بها اللهم رضني بقضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته ولا تأخير شيء عجلته »
(1/69)
--------------------------------------------------------------------------------
47 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا أبو سعيد المديني ، قال : حدثنا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثني مالك ، أنه بلغه ، أن أبا الدرداء ، دخل على رجل وهو يموت وهو يحمد الله ، فقال أبو الدرداء : « أصبت إن الله إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به »
(1/70)
--------------------------------------------------------------------------------
48 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن سليمان الخواص ، قال مات ابن لرجل فحضره عمر بن عبد العزيز فكان الرجل حسن العزاء فقال رجل من القوم : هذا والله الرضا فقال عمر بن عبد العزيز : أو الصبر . قال سليمان : « الصبر دون الرضا ، الرضا أن يكون الرجل قبل نزول المصيبة راضيا بأي ذلك كان والصبر أن يكون بعد نزول المصيبة يصبر »
(1/71)
--------------------------------------------------------------------------------
أي العمل أفضل ؟
(1/72)
--------------------------------------------------------------------------------
49 - حدثنا الحسين قال : حدثنا عبد الله قال : حدثني علي بن إبراهيم اليشكري ، قال : حدثنا يعقوب بن محمد الزهري ، قال : حدثنا عبد الله بن وهب ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، عن جنادة بن أبي أمية ، أنه سمع عبادة بن الصامت ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال : « إيمان بالله وتصديق برسوله وجهاد في سبيله » قال : أريد أهون من هذا قال : « لا تتهمه في شيء قضاه »
(1/73)
للكتاب بقية: