لا يجد من حوله سوى السكون الذي يلبسه الليل عباءة تمتزج بسواد يتخلله نسيج من ضوء القمر يضفي عليه شئ من الامان ...تجالسه الوحده ..ينهكه التفكير ..لا يعرف من الوقت الا غياب الشمس وبزوغ شمس الفجر ... عاد يعرف الآن من هو..و كيف وصل هنا الى هذه البقعة الخالية التي تدب فيها النملة فتسمع صوت دبيبها...لتؤنس هذه الوحده التي يقاسيها.. يعرف مقدما أنه على موعد مع الجنة التي اعدت للصالحين وللشهداء..سيلقى اباه وأخاه وابن عمه وابن خالته..وجاره صفوان..كانا يلعبان صغارا وفتية لكن يد الغدر طالت صفوان واسرته ..ومن قبلها طالت أباه وأخاه وأقرباءه..
كل ما يعرفه انه هنا ليؤدي مهمة وطنية قبل بزوغ الفجر..وانها حق الوطن..ومن بعدها الجنة والحور العين..
• الجدار الشائك هنا ...يفصله عن اكثر من نصف وطن ..
شبك يفصله الآن عن جزء من وطن تضج فيه اقدام الغزاة
في معترك حياة مسكونة بلا حق ..بل بغد يضج حقدا.. .
مقلتان تحدقان في الظلام الظامئ الى بزوغ الفجر..
فلترتدي المقلتان رداء الحزم وليتدثر قلبه بالجسارة .
بركبتاه الغضتان يركع لله ابتهالا ان يسدد خطاه ..
تلامس الركبتان ثرى ارض المحبة
طين الارض يهتز من تحته وهي ثابتة ..أ
هي رعشة من غرائز الدفع عن الاذى والهوان...
سنين قصار مرت من عمره..وتاريخ نضال بحجم كبر هذه الارض ..
تحاصر الجسد الغض ارواح شر تأسره
يصحو الصغير من ثواني تأمله...على هدير مارد جبار يملآ اذنيه .
.انه صوت مجنزره تجرح ارضه ..ارض الرحمه
المجنزرة تستهين بالارض تستبيح كرومه التي .تنزف دما
وها هو كالغريب فوق ثراها ..ولصوص الارض يجنون ليلا..
• لا انهم يجنون كيدا يجرحون خده الغض ..
وتبقى المقلتان فتيتان تحملقان في كحل الليل..والقلب جسور لا يهاب الخوض
انه الطفل الذي تفتحت عيناه على غاصب يحتل ارضه .
.ليكبر وتوق بين اضلعه يعربد شوقا للاخذ بالثأر...
يقولون عنه طفلا ..فيشعر بالقيد والاصفاد تثقل خطواته..
لكنه تجاسر بالامس ومضى خلسة تملأ رأسه الاماني..
• يابني لا تتأخر فاليل يحمل الغدر احيانا..قالتها امه وهي لا تدري انه ذاهب بلا عوده..
• يا بني كلاب الليل تنهش فهي جائعة ودوما جائعة..
• يابني سأنتظرك على العشاء فلا تتأخر كما تأخر اباك وأخاك وبعض ذوينا ولم يعودوا...
وتبقى المقلتان فتيتان والقلب جسور لا يرحم قلب الام...
يرفع الفتى رأسه الى السماء معانقا نجومها مبتهلا الى خالقها وخالقه وخالق الاكوان ..وخالق كل شئ
ان يشد من أزره..انه ماض لاختراق حدود ذلك الشبك الذي يفصله عن ارض هي ارضه..
من يقول انه إن وطأتها قدمه سترفضه؟كلا انها ستحضنه حيا فيها او شهيدا..في سبيلها
إنه هناك ... ماض قبل بزوغ الفجر ليعتلي الشبك ..ليلقي بنفسه متمنطقا بحزام المتفجرات الذي يتوق الى الانفجار. . ليفجر نفسه ويفجر ما حوله .
.فقد رحلا وتركا له هاتين غنيمتينن الارادة الحرة ونطاق معقود حول خاصرتيه
.. فليقتص من العدو..
ليقتل بسلاحيه العشرات وليدمر مستوطنات وليأخذ بالثأر..
إن ما أُخذ بالجبر والقوة لا يسترد الا بهما..
لعله يمسح أرضه من دنس اقدام العدو ..
أقدام دعست ربى بلاده بغير حق...
تتخطى خطى الفتى احراشا شاخت من جفاف الخوف
تسقيها السماء ولا ترتوي الا بماء الحنظل لتشيخ وتنتفض شامخة بلا ملامح ..
يعتلي الجدار بحذر لا يشوبه خوف ..
يلقي بنفسه من على حافة معتلى الجدار،
ليسقط فوق كوم من الرمال..
يتقوى بالعزم والارادة ..
يركض باتجاه المعسكر..
يرفع فتيل نطاقه الملآن غضبا ولهيبا..
يدوي انفجار رهيب..
يتقطع الجسد إرباَ..
وتبقى المقلتان جسورتان
..فتيتان..أبيّتان...
لميس الامام