|
قِفْ فَوقَ نَاصِيَةِ الشّمُوخِ جَلالا |
وَدَعِ الخُنُوعَ لِمَنْ عَدُوَّكَ وَالَى |
وَارْفَعْ بِمَعْرَكَةِ الصُّمُودِ قَضِيَّةً |
فِيهَا تَصُونُ الأَرْضَ وَالأَجْيَالا |
يَا أَيُّهَا الشَّعْبُ الأَبِيُّ بِمَوطِنٍ |
يَلِدُ الرِّجَالَ وَيَضْرِبُ الأَمْثَالا |
هَامَاتُ فَخْرِكَ فِي مَوَاقِفِ عِزَّةٍ |
هَالاتُ بَدْرٍ فِي الدُّجَى يَتَلالا |
وَعُيُونُ فَجْرِكَ فِي الوجُودِ تَحَدَّثَتْ |
بِيَقِينِ نَصْرِكَ أَنَّ رَبَّكَ قَالا |
يَا شَعْبَ غَزَّةَ يَا صَنَادِيدَ الوَغَى |
عِشْتُمْ بِفَخْرٍ فِي الوَرَى أَبْطَالا |
يَا شَعْبَ غَزَّةَ أَيُّهَا الأَسَدُ الذِي |
جَعَلَ العَرِينَ عَلَى الكِلابِ مُحَالا |
لَمَّا رَأَوا فِيكَ الإِبَاءَ وَأَفْلَسُوا |
شَدُّوا القُيُودَ وَأَحْكَمُوا الأَغْلالا |
وَرَموكَ بِالحِقْدِ الضَّرِيرِ نِكَايَةً |
مَا لَو رَمَوا جَبَلا بِهِ لانْهَالا |
جَعَلُوا الحِصَارَ للانْتِصَارِ وَمَا دَروا |
أَنَّ السَّلاسِلَ تُوغِرُ الرِّئْبَالا |
وَبِأَنَّ كَفَّ القَهْرِ حِينَ تَجَبَّرَتْ |
فَتَلَتْ مِن الغَيظِ الهَوَاءَ حِبَالا |
اصْبرْ عَلَى شَرْقِ الحِصَارِ وَغَرْبِهِ |
فَغَدًا تَرَى عِزَّ الحَيَاةِ مَآلا |
كُنْ كَالسَّحَابِ مَتَى التَقَى الرِّيحَ ارْتَقَى |
وَمَتَى أَقَلَّ المُثْقَلاتِ أَقَالا |
لا يَقْتُلُ الجُوعُ الرِّجَالَ وَإِنَّمَا |
ذُلُّ السُّؤَالِ وَجَرُّهُمْ أَذَيَالا |
وَالمَوتُ فِي الفَلَوَاتِ خَيرٌ مَورِدًا |
لِلحُرِّ مِنْ شُرْبِ الهَوَانِ زُلالا |
كَمْ ذَاقَ عُسْرَ الحَالِ قَبْلَكَ أُمَّةٌ |
عَرَكُوا الكُرُوبَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا |
وَاذْكُرْ إِذِ ابْتُلِيَ النَّبِيُّ وَصَحْبُهُ |
فِي شِعْبِ مَكَّةَ بِالحِصَارِ فَطَالا |
صَبَرُوا عَلى البَأْسَاءِ وَاحتَسَبُوا الرِّضَا |
حَتَّى تَأَذَّنَ رَبُّهُمْ فَأَنَالا |
هِيَ هَكَذَا سُنَنُ الحَيَاةِ تُذِيقُ مِنْ |
نُوَبِ الزَّمَانِ لِتَصْقُلَ الأَجْيَالا |
وَاللهُ بِالتَّمْحِيصِ يُوقِظُ أَنْفُسًا |
غَفَلَتْ وَيَرْدَعُ أَنْفُسًا تَتَعَالَى |
يَا شَعْبَ غَزَّةَ لَسْتَ وَحْدَكَ إِنَّ مَنْ |
يَرِدِ الهُدَى يَجِدِ الأَمَاجِدَ آلا |
وَإِلَيكَ يَا بنَ الضَّفَّةِ النَّفْسُ ارْتَقَتْ |
يَا مَنْ تَجَشَّمْتَ الهُمُومَ ثِقَالا |
فَعِدَاءُ مَنْ سَفَكَ الدِّمَاءَ جَهَالَةً |
وَعِدَاءُ مَنْ سَلَكَ الرَّشَادَ ضَلالا |
مِنْ عُصْبَةٍ رَكِبَتْ خِيَانَةَ شَعْبِهَا |
فِي هَوْدَجٍ قَدْ أَدْمَنَ التِّرْحَالا |
عَبَسَتْ وَقَرَّعَتِ القَضِيَّةَ وَامْتَرَتْ |
حَتَّى إِذَا دَحَلَتْ حَصَتْ أَمْوَالا |
وَاسْتَكْبَرَتْ عَنْ نُصْحِ مَنْ نَصَحُوا فَمَا |
تَرَكَتْ لأَسبَابِ الصَّلاحِ مَجَالا |
إِنْ كَانَ صُلْحُ الأَهْلِ بَاتَ مُحَرَّمًا |
فَعَلامَ بَاتَ مَع العَدُوِّ حَلالا |
وَإِلامَ يُغْضِي المُرْجِفُونَ وَقَدْ رَأَوا |
مَا أَوْرَثَ الأَوجَاعَ وَالأَوجَالا |
كَمْ حَاذِقٍ مِنهُمْ أَثَابَ إِلى النُّهَى |
زَعْمَ الصَّوَابِ فَزَادَهُنَّ خَبَالا |
وَالصَابُ مَهْمَا طَابَ صَابٌ وَالخَنَا |
يَرِثُ الخَنَا وَالضَّالُ يُنْبِتُ ضَالا |
يَا شَعبُ كَيفَ وَأَنْتَ مَنْ صَنَعَ العُلا |
أَلقَى عُقُولَكَ تَتْبَعُ البِلبَالا |
أَحْفَادَ خَالِدَ هَلْ بَوَارِقُ حِكْمَةٍ |
أَنْ كُنْتُمُ الآسَادَ وَالأَشْبَالا |
وَهَلِ احْتِمَالُكُمُ الخُطُوبَ كَلالَةً |
عَبَثٌ يُقِيمُ مِنَ الوِهَادِ جِبَالا |
مَا أَنْتُمُ إِلا خِلافَةُ أُمَّةٍ |
وَالآخَرُونَ خَوَالِفٌ وَكَسَالَى |
كَمْ قَائِدٍ فِيهُمْ أَذَلَّ جَبِينَهُ |
وَالطِّفْلُ فِيكُمْ يَأْنَفُ الإِذْلالا |
وَلَكَمْ ضَرَبْتُمْ فِي العَدُوِّ بِقُوَّةٍ |
حَتَّى احْتَذَوا فَيضَ الدِّمَاءِ نِعَالا |
وَتَحَدَّثَتْ تِلكَ الفِعَالُ فَأَلْجَمَتْ |
مَنْ قَالَ إِنَّا لا نُطِيقُ قِتَالا |
يَا شَعْبُ إِنَّ المَوتَ أَكْرَمُ مَوئِلا |
مِنْ أَنْ تُجَرَّعَ بِالأَسَى الأَوشَالا |
لا يَسْتَوِي صَقْرٌ يَطِيرُ إِلَى العُلا |
وَغُرَابُ بَينٍ يَنْعَقُ الإِمْحَالا |
أَو يَسْتَوِي فِعْلُ المُبَادِرِ بِالأَذَى |
وَفِعَالُ مَنْ رَدَّ الأَذَى إِمْهَالا |
وَلَقَدْ يُحَدِّثُ بِالسَّلامِ مَنِ افْتَرَى |
حَتَّى يُظَنَّ بِأَنَّ عُسْرَكَ زَالا |
يُعْطِي لإِرْهَابِ العَدُوِّ مُبَرِّرًا |
وَيُدِيلُ مِنْ دَالِ التَّدَلُّلِ ذَالا |
وَيَرُدَّ مَظْلَمَةَ الضَّحِيَّةِ أَنَّهَا |
تُعْطِي الذَرَائِعَ تِلكَ كَي يَغْتَالا |
فَسَلِ الحَوَادِثَ لا أَبَا لَكَ عَنْهُمُ |
تُخْبِرْكَ أَنَّكَ تَمْدَحُ الأَرْذَالا |
وَبِأَنَّهُمْ أَدْنَى الخَلائِقِ ذِمَّةً |
وَلَهُمْ صُدُورٌ بِالشُّرُورِ حُبَالَى |
وَمَتَى تَأَبَّطَتِ القَوَاصِفُ حِقْدَهُمْ |
تَرَكُوا الأَيَامَى الصَّابِرَاتِ ثكَالَى |
يَا شَعْبُ لا عَيشٌ يَطِيبُ عَلَى القَذَى |
فَاسْلُكْ سَبِيلَكَ لِلحَيَاةِ نِضَالا |
هَلا اتَّخَذْتَ سِوَى الكَرَامَةِ مُقْلَةً |
وَسِوَى السُّيُوفِ البَاتِرَاتِ مَقَالا |
مَنْ لِلحُسَامِ الحُرِّ يَحْمِلُهُ إِذَا |
هَجَمَ الحِمَامُ عَلَى الكِرَامِ وَغَالا |
النَّارُ ضِدُّ النَّارِ وَالدَّمُ بِالدِّمَا |
وَالدَّارُ بِالمِغْوَارِ أَكْرَمُ حَالا |
وَكَتَائِبُ الثُّوَّارِ تَقْطَعُ أَمْرَهَا |
بِعَزِيمَةِ الأَحْرَارِ لا مَنْ مَالا |
فَإِذا انْتَضَى أَمْرَ الرِّجَالِ مُخَنَّثٌ |
أَرْخَى الحِجَالَ وَأَلبَسَ الخَلْخَالا |
وَإِذَا تَوَلَّى الأَمْرَ فِيهِمْ فَارِسٌ |
رِكَبَ السُّرُوجَ وَأَسْبَلَ السِّرْبَالا |
مِنْ كُلِّ مُبْتَدِرِ المَنُون مُحَجَّلٍ |
جَعَلَ المَمَاتَ إِلَى الحَيَاةِ وصَالا |
وَغَضَنْفَرٍ فِي الحَادِثَاتِ زَئِيرُهُ |
وَبْلٌ يَصُبُّ عَلَى العَدُوِّ وَبَالا |
يَشْتَدُّ مِنْ بَأسِ الكُرُوبِ صَلابَةً |
وَيَزِيدُهُ حَدْمُ الوَغَى اسْتِبْسَالا |
صَاحَبتُهُمْ مِلْءَ الحَوَادثِ هِمَّةً |
وَعَرَفْتُهُمْ مِلْءَ الزَّمَانِ رِجَالا |
الحَافِظِينَ مِنَ المُرُوءَةِ ذِمَّةً |
العَاقِدِينَ مِنَ الوَفَاءِ عِقَالا |
الذَّائِدِينَ عَنِ الحِمَى بِعَزَائِمٍ |
تَرْمِي الكُرُوبَ وَتَدْفَعُ الأَهْوَالا |
وَإِذَا بَنَيتُ لَهُمْ قُصُورَ مَحَبَّةٍ |
فَلِأنَّنِي أَهْوَى الرِّجَالَ خِلالا |
ضُمِّي فِلِسْطِينُ الصَّبَاحَ وَضَمِّدِي |
نَزْفَ الجِرَاحِ وَلَمْلِمِي الأَوْصَالا |
لا فَتْحَ إِلا فِي الحَمَاسِ وَلا نَدَى |
إِلا بِكَفِّكَ يَا بْنَ قَالَ تَعَالى |
وَالمَجْدُ لا يَأْتِي المَوَاطِنَ مُذْعِنًا |
إِلا إِذَا قَالَ السِّلاحُ تَعَالا |
فَإِلَى كَتَائِبِ عِزِّكِ العَزْمَ امْتَطِي |
وَخُذِي الإِبَاءَ إِلَى العَلاءِ رِحَالا |
يَا مَوْطِنَ الإِسْرَاءِ حَسْبُكَ فِي الوَرَى |
أُمَمٌ فَدَتْكَ عَشِيرَةً وَعِيَالا |
القَابِضُونَ عَلَى الزِّنَادِ بِقُوَّةٍ |
الصَّامِدُونَ عَلَى الثُّغُورِ نِبَالا |
إِخْوَانُ صِدْقٍ جَسَّدُوا بِصُمُودِهِمْ |
قِيَمًا وَأَعْطُوا لِلوَفَاءِ مِثَالا |
بِكَتَائِبٍ خُضْرٍ تَلُوحُ كُمَاتُهَا |
لا سُلْطَةً تَرْجُو وَلا أَنْفَالا |
وَاللهُ مَولَى المُؤْمِنِينَ بِنَصْرِهِ |
إِنْ ضَاقَ حَالٌ ثَمَّ فَرَّجَ حَالا |
يَا أُمَّةَ الإِسْلامِ كَيفَ حَيَاتُكُمْ |
وَالقَهْرُ فِيكُمْ يَقْصفُ الآجَالا |
بَاتَتْ بِلادُ المُسْلِمِينَ مَوَاطِئًا |
لِلغَاصِبِينَ وَشَمْسُهُنَّ ظِلالا |
فَعَلَى فِلِسطينُ الحِصَارُ مُخَضَّبٌ |
وَعَلَى العِرَاقِ مَصَائِبٌ تَتَوَالَى |
وَالحَرْبُ فِي لِبنَانَ أَوشَكَ لَيْلُهَا |
وَالمَوتُ فِي السُّوَدانِ صَالَ وَجَالا |
مَزَّقْتِ لِلإِقْدَامِ ثَوبًا بَاسِلا |
وَلَبِسْتِ بِالعَجْزِ المُخَضَّبِ شَالا |
وَيَئِسْتِ مِنْ أَمَلِ الرُّجُوعِ وَلَمْ نَكُنْ |
مِنْ قَبْلُ يَومًا نَخْذُلُ الآمَالا |
إِنَّا لَفِي زَمَنٍ يَلُوكُ مَرَارَةً |
يَضَعُ الكِرَامَ وَيَرْفَعُ الأَنْذَالا |
كُنْتُمْ أُسُودَ الحَرْبِ إِنْ هِيَ جَلْجَلَتْ |
مَا بَالُ هَذَا العَزْمِ عَنْكُمْ زَالا |
فَعَدُوُّكُمْ فِي الغَرْبِ يَرْفَعُ رَايَةً |
حَمْرَاءَ تَرْشُقُ بِالصَّلِيبِ هِلالا |
وَعَدُوُّكُمْ فِي الشَّرْقِ أَنْتُمْ مَا بَدَا |
ظَنٌّ بِأَنَّ النَّصْرَ بَاتَ مُحَالا |
وَلَوِ اتَّقَيتُمْ لانْتَصَرْتُمْ وَالذِي |
نَصَرَ القَلِيلَ عَلَى الكَثِيرِ وَوَالَى |
القُدْسُ عَهْدُ المُسْلِمِينَ وَذِمَّةٌ |
لَيسَتْ تَخُصُّ القَاطِنِينَ شَمَالا |
وَالشَّعْبُ إِخْوَانٌ وَأَبْنَاءٌ فَهَلْ |
نَدَعُ الحِصَارَ يُقَتِّلُ الأَطْفَالا |
لا لِلحِصَارِ وَإِنْ تَكَالَبَتِ القُوَى |
وَاحْتَالَ فِي الجَورِ الجَمِيعُ وَحَالا |
هِيَ دَعْوَةٌ نَحْوَ انْتِفَاضَةِ عِزَّةٍ |
فَدَعُوا الإِبَاءَ يَزِيدُهَا إِشْعَالا |
وَلَقَدْ كَفَانَا مَا مَضَى مِنْ أَمْرِنَا |
نَلْهُو وَيَبْكِي مَجْدُنَا الأَطْلالا |
فَاسْلُكْ إِذَا شِئتَ الدُّرُوبَ حَقِيقَةً |
وَاسْلُكْ إِذَا شِئتَ الدُّرُوبَ خَيَالا |
وَاخْتَرْ فَإِمَّا أَنْ تَعِيشَ بِعِزَّةٍ |
أَوْ أَنْ تَعِيشَ عَلَى التُّرَابِ مُذَالا |
وَإِذَا انْقَلَبْتَ إِلَى المُهَيمِنِ بَاسِرًا |
فَأَجِبْ هُنَاكَ إِنِ اسْتَطَعْتَ سُؤَالا |