وطن حاف ..
لا أسمع لا أرى لا أتكلم ..
أنا واحد بين الملايين ، رقم في التعداد السكاني ، لا صوت لي ، عيناي لا تبصران أبعد من نفسي ، آكل وأشرب وأنام ، ماذا آكل لا يهم ، ماذا أشرب أيضا لا يهم ، وأين أنام فهذا أمر لا أفكر فيه ..
طعامي ما تتكرم علي به أمريكا ما لا يصلح كغذاء حتى للحيوان ، وأشرب مياها ملوثة ، وأنام في أي مكان على أي شيء ...وفي أي ركن تحت أي غيمة ...أضع خيالي على وسادة السهاد وأنام ملء همومي .
غني أو فقير من يكترث بي ؟ ، فلا أحد يعرف عني ، ولا يسمع باسمي ، مجهول حتى وأنا أحمل بطاقة مدنية ، فلي رقم وطني ولي حق الإنتخاب ، وأمارس حياتي دون حقوق مدنية سوى هذا الحق الذي لا أمارسه .. إلا نفاقا .....
من يعرف عني إن مت ، ومن سيحزن لموتي ؟؟
كتلة سكانية تتزايد فيها البطالة والمرض ، تتفشى فيها أسوأ السلوكيات ، تتناقص بازدياد عدد الوفيات الكثيرة الأسباب ، قتلا أو جوعا أو بردا ، أو بسيارة مفخخة ..
لست سوى رقم في التعداد السكاني للتباهي بعدد الفقراء ، وبموتي سيتوفر النزر اليسير من قوتي لغيري ، بعض لقيمات وجرعات سم ..
من أنا بين الحيتان الكبيرة ، وأسماك القرش ، والهوامير ..أنا رقم بلا عنوان .
فما أملكه لا يساوي مأدبة تقام لفتاة ليل ، أو كأسا يتجرعها أحدهم احتفالا بمشروع امتص من جيوبنا ملايين الدمعات ، والدولار سيدهم وسيدي ، إذا ارتفع ضاقت علي ، وإذا انخفض ضاقت علي .. وبين خفض ورفع أنا متأرجح اللقمة .
من أنا بين كل الراكضين على الطرقات في سباق مع الصحة المهدورة والفقر والجوع والبرد من أجل قضمة خبز ما أكاد أصل بها بيتي إلا وتكون قد تعفنت ..لكني أقضمها .....
من أنا ومن أولادي ، ومن عائلتي ..؟؟؟
نحن البسطاء الذين لا يسمعون لأن ليس لديهم جهاز التقاط المحطات الفضائية ، المغمورون في قيعان تحت مستوى الفقر ، فلا يرون إلا الحلم برغيف ساخن ، ولا يتكلمون فليس هناك من يسمعهم ..
ساهم في هذه الكلمات حاف .. / .. رقم آخر في التعداد السكاني ..