وطن مشبع بالفراغات معشوشب بالعدم
وطن فارغ من وطن
هذه تسبيحة الصباح التي استقبلها به
تتصفح سياط الشمس وجهي بشكل غجري شاق .
يتغلغل ضوئها فيا .. اسمع همس غامض اشبه باللعنات التي ترسلها الريح على قلبي كل صباح .
عيون المارة المستسلمة كالبكارة .. تتعقبني أقدام جوعى .. الأسفلت يمر على وجهي ويذبحني بدم بارد .. ترتطم عيوني بنظراتها .. صوتي عاد صداه غبار ازرق
قلبي اصبح رحما للتيه لأنه مجبر أن يبتكر لي كل يوم درب جديد للضياع .
ذاتي التي مللت منها تحتاج ان اطمسها في النهار واعيد قراءتها في الليل .
إننا لم نعد افياء لأشباح التاريخ .. لم نعد حتى إمضاء لبوهيم مشلول .
الشمس العارية قتلت شهوتي بعريها الفاضح كل يوم .. تمر امامي النهود كأكوام الملح .. تتنكس رايات الرغبة..تنكسر ذكورتي في اقوى حالاتها .
جدران المدينة تشخبط على ذاكرتي طفولة يتيمة .. الشوارع العجوزة ملّت من ذكرياتها .. النساء مرهقات من حمل انوثتهن رمينها في فناء العمر .. لا وقت للحب نريد أن نعيش فقط
هذه الجملة اسمعها دائما في البيوت والأزقة .
الشعراء تموت قصائدهم في احشاء الكلمات قبل أن يولدون .
اركب الحافلة بعد ان ضقت ذرعا من همجية الشمس .. كان إلى جانبي شاب قبل العشرين بثياب مقطعة وأطراف مقموعة بالتعب اليومي .. لم ينتبه لي كان يكمل دورة خياله من خلال اصابع بيضاء لمرأة في الكرسي الذي أمامنا .. بينما كان رجل أخر
يتفحص ورقة لطلبات الزوجة بعين كجراب ممتلىء بسكاكين مبلولة بالدماء .
انتبهت فجأة لطفلة تسد ثقب بأصابعها على صدرية
قميصها إنها عرفت فقه العورة مبّكرا قبل ان تعرف الحب وشربت الهرم قبل ان تستمتع بالطفولة ...
كم اتمنى ان يستأنف العدم دورته بنا ليخرجنا من هذا المأزق
الحزن .. التعب .. العناء .. البكاء .. الأسى .. العذاب..
اتينا إلى هنا في معادلة غالبا ما تكون غير عادلة خصوصا في هذه المدينة.
مدينة يفّر منها الموت ويضيق منها النسيان .. مدينة لا تشعر بك ولا تتركك للشعور.
تمتلىء المركبة برغوة الكلام .. ولا كلام
ذاكرتي مثل الساتلايت الممغنط بالمطر يرسل صورا متقطعة .
يتلاقح التعب مع بعضه في أوردتي ويلبسني الأسى ثوبا عمّاليا عليه ماركة لعلامة مجهولة .
ويييييي أوقفني هنا يا : سائق
الشرود يصنع عمامة فوق رأسه والهمّ ينسج زنانيره على خديه .
وأذنه لم تعد للسمع كما اظن اصيح بصوت عال وقف لي هنا يا سوّاق
آآآآآآووووه اسف ما سمعتوش .. عفوا يا أخ .. مش مشكلة اتفضل الحساب .. شكرا
انزل أمام مكتب الجوازات
الأنفاس الهاربة من الأفواه .. عقيمة وجرداء خاوية من الحياة وباردة كالشتاء
ليت بوفوار يرى قوة العمر هنا كي يرى كم يتجمع العناء على مقلتي .
ليس هناك فرق بين الحالة وموضوع الحالة لذا على سارتر ان يعيد التفكير في هذا التصنيف فكلاهما انا .
سأستلم ذاتي من مكتب الجوازات وأغادر سأرحل من هذا الوجود المزيف .. والتصور الفارغ .. انا لست هنا حتى كتصّور إضافي بل انا كيان عدمي يتحمل كذبة اسمها الوجود.
إن اليأس هو نبوة الجميع هنا .. وبينما انا في الطابور لأجراءات الحصول على جواز
تفاجأت حين رأيت جبل صبر ووادي الضباب وقلعة القاهرة في مقدمة الصف
ومدينة تعز ايضا تبحث عن معرفين كي تحصل على جواز لعلها ستطالب باللجوء كالبقية
........