أنا ما عُدْتُ أنا
سقَطْتُ من ذاتِ حلمٍ ، على وسادةٍ حمَلَت رأسي في سُباتٍ دام قهرا من الزمن ، تََعَثَّرَتْ عليها رُؤى الكَرَى هذيانَ أَمانٍِ ..
هوى مِنْ عينيَّ النومُ ليلا حالكا ، ما بين ماضٍ أسودَ ، وخيوطِ فجرٍ تَكسَّرتْ على أعتابِ الغفلةِ شظايا أدمتني ندما ..
بات فكري أشعثَ تعلو وجهي قَتَرةُ الذنوبِ ، والحشا يشْتَعلُ لهيبَ أسىً ..
تؤلمني النظرةُ إِنْ سقطتْ على صفحةِ الماضي ، ومداركُ العقلِ تقفزُ من عتمةٍ إلى ضياءٍ يبهرُ بصيرتي ، تجلدني بسياطِ الندمِ والحسرةِ ..
ما أقساكَ أيها القلبُ المتقلبُ ما بين نارٍ ونورٍ !! ويا عينُ ما أضناكِ بِسَحِّ الدمعِ على قاحلاتِ الخدودِ ..
هلعٌ يزلزلُ اللبَّ ، ترتجفُ منه الأوصالُُ رهبًا ، مِنْ موتٍ متربصٍ بالروحٍ .
غفلةٌ أطاحتْ بكلِّ جسورِ النجاةِ ، وليس لك يا نفسُ إلا حبلٌ يتدلى دربُهُ شاقٌّ محفوفٌ بالصعابِ ، وأيُّ منزلقٍ فيه سيهوي بكِ إلى التَّهلُكةِ لا محالةَ ، فالحذرَالحذرَ من طريقٍ فيه الملذاتُ قد اتسعتْ أبوابُها ، لا حارسَ عليهـا ولا مانعَ يحولُ بينَك وبينَها ، مبهرجـةٍ بالزيفِ ، تناديكِ من كل حدبٍ وصـوْبٍ أَنْ أقبلي على هذه الحياةِ ، لتهوي بكِ إلى بحرٍ لُجْيٍّ تتقاذفُكِ أمواجُهُ مِنْ ظلمةٍ إلى ظلمةٍ ..
فاسْتمسكي يا نفسُ واعتصمي بذياكَ الحبلِ رغبةً ورهبةً ، حتى ينشقُ دربُ النورِ ما بينَ جبالٍ ووهادٍ ، وعورتُهُ لذةٌ للصابرين ، تفضي إلى جنانِ الخلدِ ، روحٍ وريحانٍ ونعيمٍ ، لا ينالُها إلا المتقونَ العاكفونَ الراكعونَ الساجدونَ الناظرونَ بعينِ الخوفِ إلى ربًّ وسِعَتْ رحمتُه كلَّ شيءٍ ، ولا يُردُّ بأسُهُ عَنِ القومِ الظالمينَ .
ويحَ نفسي كيفَ انساقتْ تتبعُ مباهجَ دنيا زائلةٍ ، والرمسُ فاغرٌ فاه ، وسيفطر وإِنْ طالَ صومُهُ ، والعمرُ قصيرةٌ أيامُهُ ، ألا فاجهزي يا نفسُ لزائرٍ ليس من دونِهِ بابٌ موصدٌ ، ولا يردُهُ حذرُ .